أضواء
أمل زاهدربما كان الحل لقضية المرأة الشائكة في مجتمعنا هو إنشاء مدن للنساء فقط، يتجولن فيها على راحتهن، ويقضين مصالحهن، ويقدن سياراتهن دون مضايقات ذكورية أو تحرشات.. ولا ترقيم ولا يحزنون!! وبهذا نسد الذرائع ونقضي على الفتن ما ظهر منها وما بطن.. وما اندس تحت عباءة المرأة، وما اختفى وراء جدران البيوت المنيعة وستائرها المسدلة!! فسنغلق وقتها المنافذ على خيال الرجل الذي يوقظ نائمه مجرد مرور عباءة سوداء أمامه، أو يد بيضاء يشق نورها عتمة العباءة وصلدة سوادها ليشتعل خياله فيكمل التفاصيل الباقية.وهكذا نحصل على علاج كاف واف يحمي المرأة من سهام النظرات ومن تسديداتها المصوبة!! ونسد أبواب الفتنة تماما على أخينا الرجل، فبالمقابل لن تكون هناك محاولات من المرأة لإشعال جذوة خياله وتحريك ما كمن منه!! فلا مكياج عينين خاصا للسوق تحاول من خلاله إبراز جمال عينيها وسحرهما، ولا عباءة مستحدثة تتبع فيها أحدث خطوط الموضة.. تتغير مع مناسبة الخروج الذي تذهب إليه!! وسيعيش الجنسان في أمن وسلام بعيدين عن الخطر آمنين من مكامنه ومنحدراته ومزالقه!!ولكم أن تتخيلوا أعزائي القراء كيف ستكون معالم مدن للرجال فقط وأخرى للنساء فقط بمرافقها ومدارسها وشوارعها وجامعاتها، سنقضي على مشكلة الاختلاط في العمل ونفتح مجالاته المختلفة - التي أغلقت طويلا دون المرأة سدا للذرائع- على مصراعيها لها. وبذلك نصل إلى حل ساحق ماحق لمشكلة بطالة آلاف الفتيات اللواتي يتخرجن في الجامعات ثم لا يجدن عملا، ولن تصبح نسبة النساء السعوديات خارج قوة العمل 60.6%، بل ستتعادل كفة البطالة بين الجنسين (ومفيش حد أحسن من حد )!! ولا تنسوا أيضا أننا بذلك سنعزز خصوصيتنا السعودية ونؤكد تمسكنا بها وعضنا بالنواجذ عليها، وذلك باستحداث ما يقويها ويزيد من تميزها فسنكون وقتها أول مجتمع إنساني فصل الجنسين في مدن مستقلة خاصة بكل منهما على حدة.ولا تلق بالا عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة للحقائق المستخرجة من أمهات الكتب، والتي تؤكد تواجد المرأة وحضورها القشيب ومشاركتها الفعالة في الصدر الأول من الإسلام. ولا تنس أيضا أن تغفل أسماء الصحابيات الجليلات اللواتي هاجرن إلى الحبشة في المرة الأولى والثانية، والأخريات اللواتي شاركن في الغزوات وساهمن في نصرة الدين وبايعن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ورفيقاتهن اللواتي كانت لهن مجالس للعلم يتعلم فيها إخوانهن الرجال على أيديهن الحديث والفقه والتفسير.فهاهي فاطمة بنت قيس الصحابية الجليلة يجلس إليها الرجال لتحدثهم بأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي حفظتها ووعتها. وقد كان لسكينة بنت الحسين، وعقيلة بنت عقيل بن أبي طالب، وعائشة بنت طلحة مجالس أدبية يرتادها الرجال وتدور فيها المباحثات الأدبية والعلمية.. وفي وقت لاحق تتلمذ ابن قيم الجوزية على يد فاطمة بنت جوهر كما تتلمذ جلال الدين السيوطي على يد أكثر من عالمة من عالمات عصره، إلى عشرات الشواهد المختلفة الدالة على مشاركة النساء للرجال واختلاطهن بهم اختلاطا مقننا ضمن ضوابط الشريعة السمحة، وفي آية غض البصر دلالة على تواجد الرجل والمرأة جنبا إلى جنب وإلا لما طلب منهما غض البصر.لا عليك عزيزي القارئ من كل ما ذكر آنفا، فنحن أكثر من أولئك القوم ورعا وتقوى وخوفا من الله، ومدن للنساء وأخرى للرجال هي فقط الحل!![c1] * جريدة “الوطن” السعودية[/c]