راعي وحطابة شاعر وديوانه
[c1]محمد عمر بحاح[/c] وربما لايضاهي هذا الفرح سوى فرح وسعادة المؤلف فقط شاعراً أو كاتباً ، بصدور عمله الابداعي في كتاب اوشريط ليكون في متناول الناس .والسر وراء هذا الاحتفاء بصدور عمل جديد لمبدع مافي اليمن مرده إلى مانعرفه جميعاً من ظروف ومعاناة تحيط بالمبدع في اليمن نتيجة عوامل عديدة اهمها ضيق ذات اليد ، وقلة الناشرين الذين يهتمون بنشر إنتاج هؤلاء المبدعين ، وعدم وجود اهتمام كاف من الجهات الرسمية التي من واجبها ومسؤوليتها الاهتمام بهذا الانتاج والعمل على نشره وتعميمه نظراً لغياب مشروع ثقافي وطني ينهض بالثقافة والفنون بكافة اشكالها وانواعها .لذلك فإن صدور ديوان ، او مجموعة قصصية ، او مؤلف نقدي ، اوشريط غنائي جديد هو حدث يستحق الفرح والاحتفاء بكل مالذلك من دلالة ومعنى . اقول هذا ، وبين يدي الاصدار الاول للشاعر الغنائي الكبير علي عمر صالح بعنوان " راعي وحطابة " ، الصادر عن دار جامعة عدن للطباعة والنشر ، يضم الديوان بين ضفتية (58) من القصائد الوطنية والعاطفية ، وقدم له الشاعر الغنائي المعروض علي حيمد . ولكي ادلل على مدى قسوة الظروف التي تحيط بالشاعر والمبدع عموماً ، والتي تحول دون نشر ابداعه ، فإن الشاعر علي عمر صالح وهو شاعر غنائي كبير غنى له العديد من الفنانين اليمنيين امثال محمد سالم بن شامخ ، عصام خليدي ، ابوبكر سكاريب ، نجيب سعيد ثابت ، عبدالله الصنح شريف ناجي ، نجوان شريف ناجي ، حسن المهنا ، حسين كريدي وسواهم ، كما غنت له امل كعدل ، منى همشري ، نوال محمد حسين ، وايمان ابراهيم ، وممن لحنوا له فنان اليمن الكبير محمد مرشد ناجي ، والملحن الكبير احمد بن غوذل ، وفنان اليمن الراحل محمد سالم بن شامخ ، واحمد محمد ناجي ، والفنان والملحن المتألق عصام خليدي وسواهم .ومع كل هذه المكانة الكبيرة التي اكتسبها شعره الغنائي ، وبرغم انه استطاع كما يؤكد الشاعر علي حيمد في مقدمة ديوانه المشار اليه ان يجد لنفسه موطئ قدم بين شعراء جيله جيل السبعينيات ومطلع الثمانينات من القرن العشرين وماتلاها وهي الفترة التي بدأ فيها ذيوع صيته واصبح اسماً معروفاً له مكانته المرموقة في الوسط الادبي والفني كواحد من اهم وابرز شعراء الاغنية - اقول بالرغم من هذه المكانة والظهور المبكر إلاَّ أنه لم يستطع اصدار ديوانه الأول سوى في الربع الاخير من عام 2006م ، اي ان هناك نحو أكثر من ربع قرن بين ذيوع صيته وصدور ديوانه الأول ! ولم يتسطع اصداره الا بعد ان بلغ عمره الـ 61 ، حيث انه من مواليد عام 1945م واذا عدنا إلى التاريخ الذي كتب فيه الشاعر علي حيمد مقدمة ديوان شاعرنا الذي بين ايدينا وهو العاشر من يونيو 2004م وتاريخ صدور الطبعة الأولى في هذه الأيام من عام 2006م لادركنا الرحلة الطويلة المضنية التي مربعها طبع هذا الديوان مما يعزز الانطباع بأن طباعة كتاب لايتجاوز عدد صفحاته الـ (105) ، استغرق قرابة العامين ليرى النور ، وهو ماينبئ عن حال الكتاب في اليمن (1) وانا هنا لا اوجه اللوم إلى دار جامعة عدن للطباعة والنشر التي قامت مشكورة بطباعة الديوان بقدر ما اشير إلى ظروف عامة تحيط بالنشر ومستوى طباعة الكتب في بلادنا التي لم تدق إلى مستوى الصناعة فهي دون ذلك بكثير .بل ان علي واجب ان اوجه الشكر إلى هذه الدار الوطنية والقائمين عليها وخاصة الدكتور محمد عمر باسليم ، فأنا اعرف واقدر مقدار مايبديه من اهتمام بطباعة ونشر الكتاب في العديد من المجالات ، واعرف ايضاً الدور الذي تسهم به في نشر الكتاب اليمني خارج الوطن من خلال المعارض الدولية للكتاب ، كما اني شاهد عيان لمدى الاقبال الشديد على اصدارات الدار خاصة في المعارض الدولية التي تقام في بلدان مجلس التعاون الخليجي والتي تشترك فيها الدار سنوياً ، لكن هذا لاينعنا من الاشارة إلى ان نشر الكتاب قضية ينبغي ان تحظي بقدر كبير من الاهتمام والعناية من الدولة اولاً ممثلة بوزارة الثقافة ، ومن الهيئة العامة للكتاب ، ومن الجامعات ومن دور الطباعة والنشر الخاصة ، فحال الكتاب في اليمن ليس مما يسر ، ومن العيب ان بلداً يزخر بمنتوج ثقافي هائل ، وتعداد سكانه يربو على العشرين مليون ، وفيه اجيال يعدون بالملايين تواقون للقراءة ، ومع ذلك فإن ماتنتجه من كتب أقل مما تنتجه وتصدره سنوياً إمارة صغيرة من الامارات العربية.واعتذر لصاحب الديوان الشاعر الغنائي الكبير علي عمر صالح ذي الاحساس المرهف والمشاعر الرقيقة والذي انتج لنا شعراً غنائياً يسهم في تهذيب نفوسنا ويجعلنا " نسرق من الزمن بعض أجمل لحظات العمر " على حد تعبير صديق بالغ الاحساس والرقة هو الآخر ، وقد قال ذلك وهويستمع إلى اللحن البديع والاداء الرائع للفنان المجدد عصام خليدي لاغنية " راعي وحطابة " في جلسة خاصة ونحن نحتفي ربما عن غير سابق تصميم بصدور هذا الديوان الذي حمل نفس عنوان الاغنية ، والذي صمم غلافه الفنان الصديق احمد عبدالعزيز .. وسبب اعتذاري للمؤلف هو انني بدل ان اتحدث عن الديوان وصاحبه تحدثت عن هموم أخرى لا أظنها نبتعد كثيراً عن هموم كل مبدع في اليمن لايجد انتاجه طريقاً إلى النشر الا بشق الانفس - لكنني ربما اعود للحديث عن الديوان وصاحبه في مناسبة قادمة لاوفيه حقه وهو يستحق ذلك عن جدارة.