اعداد / زكي نعمان الذبحاني:في الوقت الذي اختفى فيه فيروس شلل الاطفال من بلدان العالم في السنوات الاولى من الالفية الثالثة بقيت خمس دول اسلامية – مع الاسف – ترزح تحت وطأة المعاناة لعدم تخلصها من هذا الداء الوخيم، بالاضافة الى بلد سادس فيه اقلية من المسلمين وهو الهند، ولم تكن بلادنا ضمنها آنذاك.وكانت النتيجة ان بقيت تلك الدول تحت وطأة المعاناة واستمرار ظهور حالات الاصابة الجديدة بالمرض بين الاطفال المحرومين من التطعيم، وكذا المهمل تطعيمهم.فالانقياد السافر وراء دعاوى العزوف الجائر عن التحصين قد وجد له بيئة خصبة مهدت لفيروس الشلل السبل والظروف المناسبة للبقاء.وفي كل الاحوال يبقى الآباء واولياء الامور عموما هم المسؤولون فإعراضهم اللاعقلاني واصرارهم على منع وحرمان اطفالهم الصغار من التطعيم، ابقى المشكلة على حالها، بل وزادها اتساعا لما هيأه من اجواء جيدة وبيئة مناسبة لبقاء فيروس الشلل البري حياً بعد ان كان مهددا بالاندحار والفناء، متخذا من بلدانهم نقطة انطلاقة جديدة غير معهودة يغزو منها البلدان الاخرى، خصوصا غير المحمية منها التي تعاني في الاصل من انخفاض ملحوظ في مستوى التطعيم الروتيني المعتاد للمستهدفين من الاطفال دون العام من العمر.والاصل في المشكلة ان ثمة رجال دين من خطباء ومشائخ في بعض البلدان الاسلامية اخذوا يتحفظون على استخدام لقاح شلل الاطفال الذي يعطى لهم بالفم، مستندين الى حجج واهية مغلوطة، كالزعم بانه يحتوي على مواد كيماوية وهرمونية لها آثار جانبية يمكن ان تؤدي الى العقم او انه يحوي موادا منتنة عفنة لايجوز ادخالها الى البدن، وهلم جرا.وما كان من منظمة المؤتمر الاسلامي في عام 2003م الا ان اتخذت قرارا دعت فيها جميع الدول الاعضاء الى تكثيف جهودها من اجل استئصال فيروس شلل الاطفال.فأمام ذلك المنعطف الخطير تصاعدت المخاوف من عودة فيروس الشلل الى سابق عهده وما كان عليه من سعة انتشار قبيل تنامي واتساع الجهود العالمية الساعية لاستئصاله او ربما اشد خطورة، وذلك في الدول التي ينقاد فيها البعض وراء أي من تلك الادعاءات الباطلة.لكن هذه المخاوف ما لبثت ان اصبحت الى حد ما واقعا ملموسا، حيث عاود المرض مرة اخرى يهدد فلذات الاكباد في البلدان المجاورة للبلدان الموبوءة وكان لليمن حظ من هذا التهديد بعدما اخذ فيروس الشلل الضاري في الانتشار في نيجيريا، وهي احدى تلك البلدان الموبوءة الواقعة على الساحل الغربي من القارة الافريقية، ثم جاوز الى تشاد وبلدان افريقية اخرى منها السودان، عابرا القارة الافريقية من اقصاها الى اقصاها، لكنه انتشر في السودان انتشارا اوسع ومنه انتقل الى اليمن متخطيا الحواجز والحدود فأصيب به من اصيب من الاطفال المحرومين اصلا من التحصين عدا بعض الصغار ضعيفي المناعة المهملين الذين لم يتلقوا الا القليل من جرعات التطعيم اللازمة ضد هذا المرض الخطير لعدم حرص اهليهم على نيلهم تلك الجرعات عند كل حملة للتحصين قبل بلوغهم الخامسة من العمر .. وهكذا كانت بداية عهدنا مع هذا الوباء الوافد، وبداية مرحلة جديدة للقضاء عليه.وفي الحقيقة ليس هناك اثبات في اعتبار المواد التي يتكون منها اللقاح الواقي من الشلل فاسدة او نجسة او انها تسبب العقم او غيره من الاضرار ليترتب على ذلك التحريم. فالمرجع في اثبات الضرر او النجاسة هم اهل الخبرة والتخصص الذين يرجع اليهم في المسألة والمولى جل وعلا يقول : “ولاينبئك مثل خبير”، ويقول سبحانه : “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون”.واهل الخبرة هنا في نص البيان الصادر عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين هم الثقات في منظمة الصحة العالمية ومكتبهم الاقليمي بالقاهرة الذي يقوم عليه اناس مسلمون موثوق بعلمهم وخبرتهم وبدينهم وامانتهم، وقد قالوا : ان هذا اللقاح لاضرر فيه ولانجاسة ولايحمل أي سبب للقم، بل هو طيب نافع مجرب ومحمود الآثار والحمد لله.من ناحية ثانية معلوم ان اللقاح الواقي من داء شلل الاطفال يتناوله اطفال العالم بأسره شرقه وغربه، شماله وجنوبه، وكان له طيب الاثر في وقايتهم من هذا المرض الوخيم.وذكر البيان انه لم يكن لاحد في بلدان المسلمين في آسيا وافريقيا ان قال بأن في اللقاح الواقي من داء الشلل ما يخالف شريعة او عقيدة الاسلام، ولم يعترض عليه عالم في الازهر او القرويين او في الحرمين الشريفين او في ديوبند او في أي بلد مسلم.واستنادا الى القاعدة التي تقول : “دفع المفاسد مقدم على جلب المصلحة” المستنبط اصلها من الحديث النبوي الشريف (على صاحبه افضل الصلوات وازكى التسليم) : “لاضرر ولاضرار” وجه علماء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين دعوتهم الى الآباء بأن يوفروا لابنائهم الصغار كل اسباب الحماية والوقاية من الاضرار والامراض التي تؤذيهم وتكدر عليهم حياتهم في حاضرهم ومستقبلهم بقدر ما امكن، وهذا داخل في مسؤوليتهم عن رعاية اطفاله. ولايرتاب عاقل في ان مرض شلل الاطفال فيه ضرر كبير وشر مستطير، ولو اصيب به طفل ولم يمت من جراء اضراره الخطيرة، لازمه طوال حياته وعاش معاقا يحتاج الى من يعينه ويرعاه عدا ما يسببه له من اذي نفسي واجتماعي.كما اوضح بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مشروعية التحصين واهمية ان يسعى الوالد لاعطائه لولده، فلذة كبده كي يجنبه الاصابة بشلل الاطفال فلو تقاعس عنه بغير عذر قاهر تحمل اثم اضاعة صحة ولده ومسؤولية عذابه طوال حياته، فهو راع ومسؤول عن رعيته، يقول الخالق عز وجل : “قد خسر الذين قتلوا اولادهم سفهاً بغير علم” ويقول ايضا : “لاتضار والدة بولدها ولامولود له بولده”.وهذا خير البرية رسول لله صلى الله عليه وأله وصحبة وسلم يقول فيمن يسلم طفله للضياع : “كفى بالمرء اثماً ان يضيع من يعول”، ويقول : “ان الله سائل كل راع عمن استرعاه، حفظ ام ضيع”.ودعا البيان جميع المسلمين في العالم كله للاخذ بفتوى جمهور العلماء في العالم الاسلامي وهي قطع مرجحة على فتوى غيرهم، مؤكدا اهمية مبادرتهم الى تطعيم اطفالهم ضد فيروس الشلل وغيرهن من الامراض المعدية التي يمكن الوقاية منها بالتطعيم استجابة لقول الله تعالى: “فاستبقوا الخيرات”، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : “بادروا بالاعمال الصالحة”.وبذا يلزم على الآباء والامهات تحصين اطفالهم المستهدفين (تحت سن الخامسة) خلال حملة التحصين التكميلية ضد شلل الاطفال التي ستقام من منزل الى منزل خلال الفترة من 16 – 18 ابريل 2007م في كل من المحافظات التالية : أمانة العاصمة, تعز, صنعاء, شبوة، البيضاء، مأرب, الجوف وصعدة.* المركز الوطني للتثقيف والاعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان
لايحق للمسلم أن يحرم أطفاله من التحصين ضد فيروس الشلل
أخبار متعلقة