أجرت اللقاء : بلقيس الربيعيأغانيها بنكهتها العراقية الأصيلة من حيث الأجواء والمرحلة التاريخية التي تألقت فيها الفنانة القديرة أنوار عبد الوهاب تأخذنا الى ...اعمق نقاط الحزن في حياة الإنسان العراقي وفي الوقت نفسه تهمس لنا بالأمل. ولعبت الأسرة الوطنية المناضلة التي ارتبطت بهموم الشعب العراقي ومعاناته والتي ترعرعت في كنفها انوار ، لعبت دورا بارزا في صقل شخصية انوار عبد الوهاب منذ طفولتها و قدمت الأغاني الملتزمة والمعبرة عن الوجدان العراقي وابتعدت عن الابتذال. الفن بالنسبة لها ارقى قضية في المجتمع وهو مرآة المجتمع . وعلى هامش الأمسية التي اقامتها لها رابطة المرأة العراقية في ستوكهولم كان لي معها هذا الحوار الدافئ .[c1]عد واني اعد ونشوف ياهو أكثر هموم***من عمري سبــع سنـين وكليبي مهموم * تألقت أنوار عبد الوهاب في عقد السبعينات وغنت للعديد من المؤلفين والملحنين التقدميين فغنت الأغاني الملتزمة الهادفة بصوت شجي هل لك ان تعطينا نبذة عن مشوارك الفني في تلك الفترة؟[/c]ـ منذ طفولتي احببت الغناء وكنت استمع الى اغاني محمد عبد الوهاب وأم كلثوم ونجاة الصغيرة فتأثرت بهم وكنت اجيد اغاني عبد الوهاب واغنيها في الحفلات المدرسية . ومن شدة تعلقي باغانيه اخترت الأسم الفني انوار عبد الوهاب ، فإن اسمي الحقيقي هو نادية عبد الجباروهبي. كما أني نشأت في كنف عائلة تهتم بالثقافة والفن ، فوالدي كان سياسيا وصحفيا معروفا يلتقي بالعديد من السياسيين والمثقفين والشعراء مما ولد ّ لدي وعيا سياسيا وثقافيا بشكل مبكر وهذا دفعني لإختيار الوسط الفني بقناعتي التامة وبدون دفع من احد . يبدو إني ورثت الصوت الجميل عن أمي، فكان لديها صوت جميل وكانت أغانيها المفضلة اثناء الطبخ أو غسل الصحون لزكية جورج .وفي ( المانيا الديمقراطية سابقا) درست فن الأوبرا واستطعت أن اتقن هذا الفن الرفيع بعد مران طويل . تمرنت حنجرتي وتطور أدائي بحيث اصبحت استطيع أن اغني من الموال الى أرقى اغنية غربية .بدأت مشواري الفني بعد سن العشرين، وأول أغنية سجلتها للتلفزيون كانت " العاشقة " لخالد الشطري ، لكن اغنية " عد واني اعد ونشوف .." اشتهرت اكثر لأنها تعبر عن ذلك الحزن العميق للإنسان العراقي وتعبر عن التراث العراقي الأصيل .[c1]* هناك أزمة في الأغنية العراقية بحيث انحدرت الى مستوى اغنية " البرتقالة "اين يكمن السبب في رأيك ؟[/c]- إن أزمة الأغنية العراقية وإنحدارها يكمن في ازمة الشعر الإنساتي النبيل والأصوات المتنوعة. فالبنية الثقافية مخنوقة من قبل النظام الديكتاتوري، وتعرض الشعب العراقي الى ابشع اساليب القمع والاضطهاد ومحاربة الفكر والثقافة والفن وكل شيء يحمل سمات التقدمية ، فلا وجود للمسرح الحر والسينما الحرة والأغنية الأصيلة المعبرة عن وجدان الشعب العراقي ، اي أن المؤسسات الثقافية مسيسة والقائمين على الثقافة والفن يضعون العراقيل امام الفنانين من تقديم مسرحية هادفة أو اغنية جيدة ، مما دفع بالعديد من الشعراء التقدميين و الفنانين في مجال المسرح والغناء والفن التشكيلي وغيره للهجرة خارج العراق هربا من الإرهاب .فلم يعد هناك مكان للفنان الملتزم بالفن والتراث العراقي الأصيل .وظهر مغنون يفتقدون للوعي الثقافي والحس الفني ولايملكون حتى الصوت الجميل وكثر في الأغنية ضجيج الآلات . كما أن الحروب التي شنها النظام ساهمت بشكل كبير في إنحطاط كل الأشياء الجميلة في العراق ومنها الغناء . ولعبت الفضائيات دورا كبيرا في تدني الأغنية العربية بشكل عام والعراقية بشكل خاص .كما أن المؤسسات التي تشرف على الثقافة ،اصبحت تجارية همها فقط الربح الرخيص على حساب الفن الأصيل .[c1]* يقال على المغني أن يكون حرا ومتصالحا مع ذاته ، ما رأيك بذلك ؟[/c]ـ هذا صحيح ، فالمغني او المطرب يجب أن يكون متصالحا ليس مع ذاته فحسب، بل مع اغنيته ايضا حتى يكون صادقا في غنائه . لذا عليه أن يؤدي أغاني تطربه هو اولا قبل أن تطرب الجمهور ،لأن شعور الجمهور هو صدى لشعور المغني . فإذا كان المطرب صادقا سيغمر الصدق جمهوره . لذا فالمغني يحتاج الى توجيه وجداني وفكري للتفاعل مع الأغنية التي سيقوم بأدائها .احيانا نرى بعض الجمهور لايكترث بجمال المغني بل يهتم بتفاعله مع الأغنية .[c1]* هل طرقت انوار عبد الوهاب مجال التمثيل ؟[/c]ـ بالحقيقة لم ادرس فن التمثيل لكني اهواه .تعرفت على العديد من الشخصيات المعروفة في مجال المسرح ومنهم الفنان القدير يوسف العاني الذي كانت تربطه مع والدي علاقة حميمة . في احد الأيام التقاني في باب المعظم وكان وقتها يبحث عن فتاة لتقوم بدور تماضر في مسرحية "النخلة والجيران " للروائي الكبير غائب طعمة فرمان . وعندما رآني قال " انت تماضر التي ابحث عنها "وطلب مني الحضور الى المسرح ، واقتنعت بالدور وتحمست له بعد أن قرأت النص . واعتليت خشبة المسرح لأول مرة وقدمت الدور بجدارة بحيث وقف الجميع منبهرا لأدائي الجيد للمشهد وكأني ممثلة محترفة . بعدها عملت مع العديد من الفنانين في فرقة المسرح الحديث منهم الفنانة القديرة ناهدة الرماح والفقيدة زينب ومي شوقي وغيرهم .لقد احببت المسرح لأنه منحني جمهورا كبيرا ، لكني وجدت صعوبة كبيرة في الجمع بين الغناء والتمثيل ، فتفرغت للغناء فقط وتركت التمثيل ، لحد الآن اشعر بالندم لهذه الخطوة واعتبره خطأ كبيرا في حياتي ،لكن شخصيتي ورأس مالي هو الفن وانا متمسكة بهذا الخط الذي اخترته بإرادتي .[c1]* من أفضل في الغناء القصيدة أم الزجل العامي ؟[/c]ـ أنا أميل إلى الاثنين، ولكل نوع جمهوره، فنحن الشرقيون نميل الى الزجل لأنه يتناول موضوعات تعبر عن حياة الناس البسطاء، ومعظم أغانيه هي زجل عامي واشعر بلذة كبيرة عند أدائها فعى سبيل المثال اغنيتي التي تقول :[c1]"عمدة ارد اتيه الروح وبعاصف الريح بلكي على نزل هواي من تصفن اطيحربي استر على اهواي من ممشى الغروب جاهل واخاف عليه موساحك ادروب " [/c]لكن تبقى القصيدة اكثر جرأة من الزجل العامي وكلماتها مرتبة بطريقة خاصة تخلق اجواء راقية وشعورا خاصا ، وتبقى القصيدة الجيدة تعبر عن ثقافة وفكر الإنسان واكثر الناس الواعين يميلون الى القصيدة . فأنا معجبة بالمطربة ماجدة الرومي حين تغني القصيدة، أن صوتها اوبرالي وكذا فيروز ، وبالمناسبة من خلال استماعي لأغانيها تطور ادائي في الغناء.
|
ثقافة
أنوار عبد الوهاب .. صوت النكهة العراقية الأصيلة
أخبار متعلقة