شبكة الإرادة وتجربة التنمية الشعبية الطوعية
عدن / تحقيق صقر عقربي أثبتت تجربة التنمية الشعبية بالشراكة بين مؤسسات المجتمع المدني والسلطة المحلية فاعليتها في تغيير ملامح المجتمعات الفقيرة في مديريات محافظة عدن بل لعلها خطوة على طريق معالجة تعقيدات التنمية الاجتماعية وتعزز دور المبادرات الشعبية في توفير الخدمات والاحتياجات للفقراء في هذه الأحياء من خلال لعبها دور الوساطة الموصلة لهموم الناس البسطاء واحتياجاتهم إلى أجهزة السلطة المحلية والتنفيذية، وهذا التقليد المجتمعي الجديد في بلادنا يعتبر تنفيذاً لأهداف شبكة الأمان الاجتماعي على طريق مكافحة الفقر.بل لعل الأهم من ذلك هو الدور الذي تلعبه المنظمات الإنسانية والمانحة بالشراكة مع السلطة والمجتمع المدني الذي كان له بصمات ناصعة في رعاية هذه المبادرات التنموية الشعبية ودعمها ليعمم خيرها على مجمل المديريات والأحياء الفقيرة في محافظة عدن وما أضاف إلى هذه التجربة المجتمعية الشعبية النجاح هو روح المبادرة الشعبية المنظمة التي تجعل هذه المنظمات الإنسانية مثل منظمة (أوكسفام) تسهم في أعمال التدريب والتأهيل للمواطنين الفقراء عبر مؤسسات المجتمع المدني مثل الجمعيات الخيرية إلى جانب تقديم الدعم في المجال التربوي والتعليمي وحل الإشكاليات التربوية بهدف تحسين وتطوير العملية التربوية ومنع الطلاب من التسرب من التعليم من خلال توفير المناخ المناسب للتعليم إلى جانب معرفة الأسباب ووضع الحلول أمام الإشكاليات التي برزت بسبب التقاليد والعادات أو بسبب القصور في الرعاية التربوية.ومن هذا المنطلق أجرينا هذا الحوار مع الأخت هيام سالم مبارك رئيسة الشبكة :[c1]شبكة الإرادة[/c]في هذا الشأن نتناول التجربة المجتمعية الناجحة من خلال شبكة الإرادة للتخفيف من الفقر تحت رعاية الجمعية الخيرية النسوية لمكافحة الفقر بمحافظة عدن بدعم من منظمة (أوكسفام) البريطانية التي تعني وتعمل لمشروع الحكم الجيد بالتعاون مع المجالس المحلية والسلطة المحلية والأجهزة الحكومية التنفيذية وهي تجربة شراكة بين الدولة والمجتمع المدني.وقد يتساءل القارئ الكريم عن شبكة الإرادة ومكونات تأسيسها وأهدافها والمجالات التي تعمل فيها وللإجابة على هذه التساؤلات تتحدث الزميلة هيام سالم مبارك التي استضافتنا في مقر الشبكة لكل حماس وترحيب ولفت نظري إعجاباً وتقديراً أني رأيتها تتوسط مجموعة من النساء الناشطات في هذه المجال المجتمعي المدني الشعبي وهن يتابعن الأعمال والأنشطة التي تقوم بها شبكة الإرادة وسط الفقراء والكل يعملون كفريق واحد بعيدا عن الروتين، الكل أشبه بخلية نحل والكل مكمل للثاني يعملون ليل نهار بدون كلل، بعمل طوعي الكل مقتنع بالعمل وسط الفقراء وخدمتهم ويشاركون في رسم لوحة الفرحة في وجوه المواطنين الذين همهم الوحيد الحصول على الماء والنظافة والصرف الصحي والكهرباء والطرقات وهي حقوق ومطالب مشروعة، بل يميز هذا العمل التفاعل الذي لمسناه من السلطة المحلية ومؤسسات المجتمع المدني والأجهزة التنفيذية في تذليل الصعاب أمام أنشطة ومهام الشبكة وحينما سألتها السؤال الاستهلالي التقليدي عن إعطائي فكرة عن شبكة الإرادة قالت: أولا نحن نرحب بالصحافيين ونتعشم من الإعلام أن يسهم في نشر الوعي بين صفوف افراد المجتمع تجاه هذا العمل التطوعي الشعبي، موضحة أن شبكة الإرادة هي شبكة للتخفيف مع الفقر وتضم عدداً من جمعيات الخيرية والتنموية في مديريتي دار سعد والتواهي في محافظة عدن ولها شخصية اعتبارية وذمة مستقلة، ونسعى إلى تطوير الخدمات وتطوير جمعيات المجتمع المدني وتدريب وتأهيل أفراد المجتمع كما تسعى الشبكة لتحقيق أهدافها بالوسائل القانونية وبالتعاون الطوعي بين أعضائها وبالتنسيق مع المنظمات والبرامج المناظرة والجهات الرسمية ذات العلاقة فضلاً على أن لشبكة الإرادة رؤية إستراتيجية تعزز الشراكة بين منظمات المجتمع المدني والسلطة المحلية لتلبية حقوق وأولويات الفقراء.وفي سياق إجابتها عن أهداف هذه الشبكة أوجزت أهدافها في التخفيف من الفقر، وتنفيذ ومتابعة المشاريع الخدمية للمناطق الفقيرة، والشراكة مع السلطة المحلية في المديريات والمحافظة، وتأهيل وتدريب وتوعية أبناء المجتمع، والقيام بالمسوحات الميدانية في المناطق الفقيرة لمعرفة احتياجات وأولويات الفقراء فضلا على التركيز على توفير الخدمات في مجالي التعليم والصحة.[c1]إنجازات الشبكة ماثلة للعيان[/c]حققت الشبكة الكثير من الإنجازات، وبحسب قول هيام سالم مبارك رئيسة الشبكة فقد قامت الشبكة بالعديد من المشاريع بتمويل من منظمة (أوكسفام) البريطانية الداعمة لهذا المشروع من بين تلك الإنجازات رفع مستوى الوعي الاجتماعي بالإستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر وبالمناصرة وبقضايا النوع الاجتماعي، والتدريب المؤسسي للشبكة والمجالس المحلية في مجال إعداد الخطط والموازنات، وجمع المعلومات وتحليلها، ومتابعة مشاريع البرنامج الاستثماري في المحافظة، والمشاركة مع المكاتب التنفيذية في المحافظة بإعداد الخطط السنوية لمديريتي دارسعد والتواهي والتنسيق مع المكاتب التنفيذية في إقامة المشاريع التي تحتاجها بعض المناطق في المحافظة مثل إقامة مشروع بريد الممدارة في مديرية الشيخ عثمان، وتركيب مولد كهربائي في مديرية دار سعد، مشروع بريد دار سعد إلى جانب إقامة وحدة صحية في العريش بمديرية خور مكسر، وخلق شراكة فعالة مع السلطة المحلية في المحافظة أو المديريات العاملون معها، وتأجير مبنى لإقامة مدرسة التعليم الأساسي في كود العثماني في الشيخ عثمان وكذلك إقامة مشاريع محار في مديرية دار سعد، وإقامة خزانات ومراوح في مدارس مديرية التواهي، والمشاركة في جمع توقيعات الفقراء في محافظة عدن لرفع الديون عن اليمن، ودراسة ميدانية لمناطق الأطراف (قرية العماد)، ومعرفة حالات الفقراء والمستوى التعليمي والصحي، وتفعيل مدارس الأطراف (قرية العماد،دار منصور، مصعبين) في مديرية دار سعد ذلك بفتح فصول دارسية إضافية تستوعب أبناء المنطقة إلى جانب إصدار نشرات شبكة الإرادة في مشروع إستراتيجية التخفيف من الفقر، وإعداد إحصائيات عن النوع الاجتماعي في مديريتي دار سعد والتواهي فضلاً على تأجير مبنى وإقامة وحدة صحية تخدم الأهالي والأطفال في منطقة فتح مديرية التواهي.[c1]معايير الانضمام إلى عضوية شبكة الإرادة[/c]في سؤالنا عما إذا كانت هناك شروط للانضمام إلى هذا الشكل التنموي الشعبي أوضحت الأخت أيمان زبيدي نائب رئيسة الشبكة - وهي شخصية تربوية قديرة وشخصية اجتماعية وناشطة اجتماعية قائلة:- طبعا هناك شروط للعضوية في هذا الشكل الشعبي التنموي من بين تلك الشروط : أن تتقدم الجمعية التنموية أو أي جمعية من جمعيات مؤسسات المجتمع المدني بطلب الانتساب كتابيا إلى رئيسة الشبكة على أن يكون للجمعية المنتسبة تصريح ساري المفعول لمزاولة نشاط صادر من مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل وألا يكون لها ارتباط لأي شبكة أخرى في طار المحافظة.[c1]اتجاهات الشبكة [/c]بحسب توضيح أيمان زبيدي هناك اتجاهات مستقبلية للشبكة تتمثل في تعزيز البناء المؤسسي للشبكة، وبلورة وتفعيل آلية التوصيل المنظم مع الشبكة والفقراء، وكذلك تعزيز دور الشبكة في متابعة الخطط والإستراتيجيات وإيصال أصوات الفقراء للمعنيين وخدمة الفقراء وإيصال أصواتهم.[c1]عشر جمعيات حتى الآن [/c] يقول الأخ هادي خليل رئيس لجنة التخطيط في شبكة الإرادة ممثل عن إحدى الجمعيات التنموية في المحافظة أفاد أن الشبكة تأسست في عام 2004م وتتكون من عشر جمعيات هي جمعية الدمينة التنموية وجمعية الواحة التنموية وجمعية النهضة التنموية وجمعية العائدين إلى أرض الوطن وجميع هذه الجمعيات في دار سعد زيادة على جمعية البراعم وجمعية التضامن في التواهي والجمعية النسوية لمكافحة الفقر في مديرية الشيخ عثمان وجمعية الفارسي بمديرية البريقة وجمعية الأغابرة في المعلا وجمعية أبناء المنطقة الشرقية والجمعية النسوية وهي في مديرية دار سعد ثم جمعية التكامل بمديرية التواهي وجمعية آخري بالممدارة في مديرية الشيخ عثمان.وباعتباره رئيس لجنة التخطيط في شبكة الإرادة أوضح أن هناك مشاريع تدخل مباشرة مثل مشروع مجاري البساتين ومشروع مجاري الشرقية بدار سعد اللذين بلغت كلفتهما ثمانية آلاف دولار بدعم من منظمة أوكسفام إلى جانب تعاون السلطة المحلية التي قدمت المهندسين والاستثماريين وأنابيب المياه كما نجحت الشبكة في استخراج محول كهربائي لمنطقة الشيخ عثمان ستستفيد منه 1500 أسرة.[c1]البناء المؤسسي للشبكة[/c]وحينما سألناه عن النظام المؤسسي قال: الشبكة لها هيئة إدارية تتألف من ستة أعضاء هم الرئيس ونائبة ورئيس لجنة المال ورئيس لجنة التخطيط ورئيس لجنة المشروعات ورئيس لجنة المناصرة، ومن أعضاء اللجنة أمرأتان هما انشراح الجابري رئيسة لجنة المال وسميرة برتوش رئيس لجنة المناصرة، موضحا أن قوام الجمعية العمومية 14 شخصاً ولها هيئة إدارية تتكون من 6 أعضاء ولها ذمة مالية وشعار خاص بها وتتعامل ماليا مع بذك التسليف الزراعي وتبلغ رسوم الانتساب لكل عضو يمثل الجمعية في شبكة الإرادة 1200 ريال اشتراك سنوي وعمل الأعضاء جمعياً في الشبكة هو عمل تطوعي.وهناك إعمال تربوية ملموسة لشبكة الإرادة حيث أوضح لنا الأخ سالم سعيد يحي (عضو المجلس المحلي رئيس جمعية البساتين يمثلها في الشبكة) أنه تم التوقيع على عقد اتفاق بين أفراد الشبكة من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني ومكتب التربية بعدن بالتعاون مع عدد من أبناء قرية العماد من الخريجين الذي لم يتحصلوا على عمل حيث وفرت التربية مبنى المدرسة وشبكة الإرادة تضمن حوافز المدرسين تصل إلى ثمانمئة الف ريال سنوياً بدعم من منظمة أوكسفام التي تركز نشاطها في مجال التربية وتوفير المناخ التعليمي بحيث يتعاطى كل مدرس 5 آلاف ريال شهرياً حافزاً خصوصا أن المدرسين من خارج منظمة العماد يرفضون التدريس في هذه المنطقة النائية في المحافظة، فعالجت الشبكة هذا الأمر من خلال تحفيز الخريجين من أبناء قرية على القيام بعملية التدريس لحل هذه الإشكالية وفي وقت لاحق قامت بتوزيع المدرسين الموظفين حديثا للتدريس في قرية العماد وتولت شبكة الإرادة المساهمة لمصاريف المواصلات للذهاب والعودة.[c1]بناء بريد في البساتين بجهد شعبي تطوعي[/c] وفي نفس الإطار الشعبي التنموي قال الناشط الشعبي التنموي رئيس جمعية البساتين بمديرية دار سعد ممثل الجمعية في شبكة الإرادة التي يجري العمل فيها طوعياً إن الشبكة قامت باختيار وتحديد أرضية في قرية البساتين لغرض إقامة بريد خدماته لسكان القرية البالغ عددهم42 ألف نسمة حيث قامت الشبكة باختيار الأرضية الحكومية وسلمناها للسلطة المحلية التي بدورها قامت ببناء البريد.وفيما يتعلق بالتدخل المباشر في مجال التعليم الأساسي الناشط التنموي الشعبي سالم سعيد قائلاً : لقد قمنا من خلال شبكة الإرادة بالاستفادة من المبلغ المرصود للشبكة من منظمة أوكسفام والبالغ مليوناً وثلاثمائة ريال من المتبقي منه وهو خمسمائة الف ريال بعمل مشروع تدبير منزلي في مدرسة أبن حنبل للتعليم الأساسي لحوالي 1200 طالب وطالبة وهم من سكان مديرية دار سعد من صف سابع تاسع حتى يتعلموا في هذا المشروع التنموي المجتمعي معظمهم من الفتيات طريقة الطباخة وصناعة الحلويات والكيك ووفرنا لهم جميع مستلزمات الطباخة ويقوم بأعمال التدريس في هذا الجانب مدرسون مؤهلون.وفي مديرية التواهي - وعلى وجه الخصوص الأحياء الفقيرة منها - أفادت الناشطة التنموية الشعبية والشخصية التربوية القديرة نائبة رئيس الشبكة إيمان زبيدي قائلة : نحن في كل عام نقوم بمشروع في مدارس المديرية حيث قمنا بتمويل مدارس التواهي بخزانات مياه وحوالي 35 مروحة كهربائية يستفيد منها تسعة آلاف طالب وطالبه المشروع الثاني الذي نفذته الشبكة هو مشروع صحي بأنشاء عيادة صحية في منطقة الفتح بالاتفاق مع المجلس المحلي بالمديرية حيث تقوم شبكة الإرادة بدفع الإيجار العيادة البالغ 20 الف ريال شهريا ومكتب الصحة يوفر الأطباء والمواد الفنية الصحية إلى جانب ذلك تدفع شبكة الإرادة مابين 7 إلى 8 آلاف ريال حافزاً للممرضين حيث يستفيد من هذه العيادة خمسة لأف مواطن في منطقة الفتح إما المشروع الثالث فهو مشروع الحاسوب الآلي للتعليم الأساسي وهذا المشروع هو أول تجربة تعملها شبكة الإرادة في التعليم الأساسي وساعدنا فيها الدكتور عبدالله النهاري مدير عام التربية التعليم بعدن في مجال الحاسوب بالتعاون مع المجلس المحلي بالمديرية بمبلغ مليون وخمسمائة ألف ريال بتوفير عشرة أجهزة حاسوب وطابعتي ليزر ومكيفين (حجم طن ونصف) والاثات الخاص بذلك وخص بهذا المشروع مدرسة الهيثم في التواهي وسيتفيد منه أكثر إلفين طالب وطالبة.[c1]عبر التعليم الأساسي لــ1500 طالب في كود العثماني الفقير[/c]ولم يقتصر نشاط الشبكة فقط مديريتي دار سعد والتواهي ولكن عمت خدماتها الشعبية حتى كود العثماني الفقيرة في منطقة الممدارة حيث تفيد الناشطة السنوية التنموية الشعبية سميرة برتوش (رئيسة لجنة المناصرة في الشبكة) أنه كانت لا توجد مدرسة في حي طود العثماني الفقير والأشد فقرا حيث بادرنا كشبكة إرادة بدفع إيجار مبنى المدرسة(20 ألف ريال) وتوفير الحوافز لتسع عشرة مدرسة بواقع خمسة آلاف ريال لكل منهن شهريا ومن الخريجات بدون عمل حيث تحتضن هذه المدرسة 435 طالباً وطالبة من أبناء حي كود العثماني البالغ عدد سكانه 1500 نسمة معظم منازلهم أكودت خشبية.