قصة قصيرة
في إحدى القرى الصغيرة فوق التلال البعيدة تسكن احلام مع جدتها .. فتاة بديعة الجمال .. بسمتها لاتفارقها تخرج كل صباح مع زقزقة العصافير تحب النظر الى شروق الشمس .. تحلم في كل صباح بشيء سوف يأتي لها.. ولكن لاتستطيع معرفة ماهو هذا الشيء .. وفي يوم كعادتها خرجت مبكراً تجمع الزهور وتنظر الى بزوغ الفجر وبينما هي تمشي انزلقت احدى قدميها وهوت الى اسفل التل وهي تصرخ : جدتي.. جدتي.. ساعدوني.. النجدة ، ولكن لاجدوى من صراخها لم يسمعها احد الى ان وصلت قاع التل فاقدة وعيها فاذا بشخص يلوح في الافق البعيد .. هاهو يقترب انه احد سكان التل .. انه العم ( محسن) ذلك المزارع الطيب ومعه ولده ( سهم) الخجول .. لمح في الافق مجموعة من الطيور تدور بشكل دائري تم تضطرب حركتها ثم تعيد الحركة الدئرية مجدداً ..دخل الشك الى قلب العم قرر الذهاب الى أسفل التل ليرى ماذا يجري؟ وعند وصوله لمح من بعيد/كيكا/ حمامة (احلام) دهش من تواجدها اسفل التل وهي لاتفارق احلام بتاتاً وبما ان اقترب فاذا بالطيور تصعد الى الاعلى وكان قد انتهت مهمتها في الحفاظ على ( أحلام) وجلب من يساعدها .. هرع العم وصعق عندما رآها مرمية على الارض والدماء تنزف من جميع اجزاء جسدها..اخذها مسرعاً الى احد المستشفيات القريبة من القرية ثم اسعفها وكانت الطيور وكيكا ترافقه ما ان وصل حتى حطت رحالها على ذلك المبنى .. تمت معالجتها وظلت فاقدة الوعي ثلاثة ايام وفي اليوم الثالث.. استعادت وعيها ورفعت بعينياها في كل ارجاء الحجرة باستنكار فهي لم تدرك وجودها في ذلك المكان وحاولت النهوض مراراً ولكنها لم تستطع .. او تعلمون لماذا ؟! ماالذي يمنع ( أحلام ) من النهوض؟!لقد اصيبت اصابة بالغة في عمودها الفقري مما ادى الى فقدان الحركة اي (شلت) .. صرخت صرخة رجت كل جزء في المستشفى .. لا .. لا .. لاغير معقول .. قدماي قدماي .. لا استطيع تحريكهما .. ماهي الا لحظات فاذا بممرضات يهرعن نحو غرفتها واحططن محاولات تهدئتها فاجأتهن .. من احضرني هنا ؟! ماذا حدث لقدمي؟! فاجابتها احد الممرضات :" لقد احضرك شخص يدعى العم محسن وقال بانك وقعتي من اعلى التل ... ماذا ؟ وكيف ماذا عن حاليت ؟! لماذا الا اتحرك ... هاه .. قولي لماذا ؟ وكم مكث هنا ؟ حزنت ( احلام) بما حصل لها .. وماهي الا ايام حتى خرجت من المستشفى على كرسي الاعاقة لقد تجمدت تلك الحركة الدؤوبه ولم يبق لها سوى جدتها العجوز وكرسي الاعاقة .. كانت جدتها تخرجها في كل صباح كعادتها وتجمع لها الزهور تضعها اكليلاً وتضعه فوق راسها .. وفي احد الايام مر احد ابناء الاعيان صدفة فوق عربته ، لمح عن بعد فتاة بارعة الجمال فوق راسها اكليل زهور وبين احضانها حمامة بيضاء .. لم يستطع تملك نفسه هرع نحوها ورمى بنفسه بين قدميها ينظر نحوها وهي مبتسمة من شدة مارأى لم يلحظ انها تجلس على كرسي الاعاقة اخذ اكليل الزهور دون التحدث معها ولوبكلمة ... وصعد عربته ولم يشعر بنفسه الا وهو على اطراف المدينة فوق صخرة في البحر.. واكليل الزهور بيده .. وبدأ يرميها زهرة ، زهرة وكل موج تاخذ زهرة وتعود بها الى قاع البحر وكأن الامواج تجمع الزهور في القاع وتعلم بعودة (وحيد) مرة اخرى ، ثم صعد فوق عربته وذهب الى والده يحكي له ماقد حصل له في تلك التلال وطلب منه مرافقته الى تلك القرية لكي يراها وانه يرغب بالزواج منها .. وعند وصولهماقصت الجدة لهما كل ماحدث مع صغيرتها، وأنها لن تقبل عرضهما وحفيدتها بهذه الحالة .. فطلب منها ان تاذن له ان يعالجها خارج البلاد ،، تم عقد قرانهما وبعد يومين سافروا الى الخارج ..وظلت تتلقى العلاج ثلاث سنوات ومرت السنوات الثلاث كحلم ،... وفي صباح ذهب ( وحيد) وجدتها لزيارتها كعادته ولكنه كان يحس بشعور غريب يخالج اعماقه وعند وصولهما كان الشعور الغريب يزداد وكان مصدر احساسه في المستشفى وعند وصوله الغرفة دفع الباب بقوة نظر الى سريرها لم يجدها ذهل وبدأ الصراخ .. احلام .. احلام .. لاغير معقول اين ذهبت ؟! وبينما هو يصرخ قاطعته ضحكة كتغريد الطيور نظر الى شرفة الغرفة .. هل تعلمون من تضحك .. نعم انها هي ( أحلام ) اتسعت حدقة عينه فرح عندما رآها واقفة على قدميها وتمد له يدها والاشراقة تملأ وجهها .. تقدم يا وحيد .. تقدم امسكت بيده وهي تقول له : بفضل الله وجهود الدكتور وحنانك وعطفك عادت الي الحياة .. اخذته من يده محاوله الجلوس .. صرخ (وحيد) لا .. لا .. لاتجلسي ظلي واقفة اني اخاف عليك من الجلوس .. ابتسمت لاتخف ياعزيزي لقد شفيت تماماً اخذها وهرع الى خارج الغرفة واصطدم بجسد الدكتور والممرضات من حوله فرحين ، الى اين يا وحيد ؟! فقال :" دكتور .. احلام واقفة على قدميها وفي اليوم التالي ذهبوا الى البحر وعند وصولهما بدأت الامواج التدافع باستحياء وكل موجه تحمل زهرة من ذلك الاكليل وكأن الامواج تعيد الزهور مرة اخرى معلنة وفاءها بوعودها وعدته ولكن هذه المرة هو ومن يحبها..