خواطر من وحي مأساة الطفلة (إلهام )..
[c1]إلهام.. شهيدة العبث[/c] كشف بلاغ صحفي صادر عن منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان الأسبوع الماضي عن وفاة طفلة من محافظة حجة (إلهام مهدى العسي 13 سنة) بعد ثلاثة أيام من زفافها.نتيجة تمزق كامل في الأعضاء التناسلية ونزيف مميت حسب تقرير طبي صادر عن مستشفى الجمهوري.[c1]عرس الصغيرة احتفال بجريمة[/c]حفلة عرس بل حفلة موت أعدت (لإلهام) الصغيرة التي زفت إلى الموت. نعم زفت إلى الموت (بدلا) ــ زواج بدل اخت بأخت ــ زفت إلى الموت( فقرا) زفت الى الموت (جهلا) ..واحتفل بقتلها جهرا وعلنا.لابد أن يدرك الجميع أن عرس تزويج القاصر الصغيرة هو مهرجان جريمة جماعي مع سبق الإصرار والترصد على مرأى ومسمع. فأبشع شعور قد يواجه فتاة هو أن ترى أهلها يحتفلون بتدمير حياتها...حاضرها ماضيها ومستقبلها..فرحين بقتل أحلامها مستعجلين وصول عزرائيل إليها.. في مدة قد لا تزيد على ثلاثة أيام. ولعل في قصة (الهام) أبلغ عبرة.. سامحهم الله ..زفوها فقرا وقتلوها جهلا . المهم أن لا تتكرر المأساة بل أن تكون هذه آخر الماسي .[c1]إلهام ماتت قبل أن تعيش[/c]قصة حياة (إلهام) التي انتهت قبل أن تبدأ , (الهام) التي لم يكن لها من حروف اسمها في حياتها إلا الهم والتي يتوجب علينا أن نجعل منها رمزا(ملهما) للآخرين ومقنعا للجميع بضرورة سن قانون يحدد سن الزواج . إن لم تكن صرخاتنا وكتاباتنا ومقالاتنا كافية لتوضيح أهمية سن هذا القانون الذي يحمي اليمنيين واليمنيات من العبث والتخبط ..وان لم تكن مآسي نجود واروى وعبير وغيرهن الكثير ملامسة لشعور غلف القلوب وكافية لجعلهم يقرون بضرورة وجود هذا القانون .. فارجوا أن يعلموا أن سبب موت (الهام) هو تزويجها صغيرة الزواج القاتل الذي لم يجد من يوقفه وينقذ حياتها فماتت نتيجة لعدم وجود قانون يحميها وأمثالها من الأطفال لا أقول يحميها من الأهل ولكن من قساوة الحياة عليها وعلى أهلها.[c1]جريمة كان يمكن إيقافها[/c]لا يجانب الحقيقة من يقول لو كان القانون اقر الشهر الماضي لما زوجت (الهام) ولما ماتت ......ولأن لو تفتح عمل الشيطان كما يقال ولان اجترار الماضي لا يفيد ولأننا أبناء اللحظة فلا داعي للبحث عن الملوم فكلنا ملومون بذنب (الهام) وكلنا شاركنا بموتها فما يهم الآن هو إنقاذ الأخريات فكم من (الهام) سيكون لدينا إذا ما تركنا الأمور تجري على أعنتها .[c1]استمرار حياة [/c]إن لم تلهمنا قصة حياة (الهام) فيجب أن نستلهم من موتها عبرة وسبيلا وطريقا للحل ... فـ(الهام ) في معاناة موتها المؤلم تبدو وكأنها اختارت وقت مماتها بعناية فائقة -استغفر الله- ليكون في هذا الوقت بالذات ,حيث يحتدم الجدل على تحديد سن قانون أدنى للزواج من عدمه , ليكون موتها رسالة تبعثها كفلق الصبح معلنة عن صرخة مدوية تمحق تبريرات كل المعارضين والنائمين والمتغافلين الكسلين وكل من يتعامل باستهتار مع هذا الموضوع... فكان موتها صرخة تستحث كل فرد فينا وتحرك كل مشاعرنا بــاتجاه الضغط لنصرة قانون تحديد سن الزواج. فصرخة موت (الهام) جعلت الكثير منا ينظر للواقع وما يتطلبه بعيدا عن ضيق وضبابية التنظير والتبرير العقيم والمتخلف.[c1]تساؤل.. كم تريدون؟؟؟[/c](الهام ) بموتها المؤلم جعلتنا -لا إراديا- ننبذ شخص وفكرة كل من يقف ضد هذا القانون..لان كل ما يقولونه من جدل وتبريرات -وهذا ما يجب أن يدركوه الآن ولو كان بحسن نية -أصبح بمثابة التستر على جريمة والوقوف مع قاتل. فما يهمنا الآن هو إيقاف تكرار مثل هذه المآسي وما يهمنا هو حماية أطفال اليمن من واقع حياة قاسية لا ترحم احداً.فما حدث يحتم علينا جميعا الضغط بكل ما أوتينا من قوة لمساندة إقرار هذا القانون.- دعوني انتهز هذه الفرصة بمرارتها لأوجه سؤالاً لمن يعارضون قانون تحديد سن أدنى للزواج ..كم تريدون؟؟ كم تريدون من (الهام) تموت حتى تقتنعوا؟؟؟[c1]الصمت أبلغ من الكلام[/c]أبت (الهام) إلا أن تموت صامتة, صمتاً هو ابلغ من الكلام, محملة إيانا إثم موتها ,إثم لا يغتفر إلا بتخليدها كرمز اجتماعي نلتف حوله جميعا لننهي هذا الجدل . ولكأني بها تقول في موتها اقروا القانون سنوا قانونا يحميني في من هم في مثل سني.ارجو أن تكون قصة الهام كافية لتطوي صفحة من الخلاف ولتخلق إجماعا بضرورة إقرار القانون ..لننتقل جميعا من دوامة هذا الصراع الذي لا يعكس إلا صورة متخلفة عن الإسلام والمسلمين.. وهنا لابد من القول أيضا أن (الهام) بموتها أماطت اللثام عن ظاهرة سلبية أخرى بالإضافة إلى زواج الصغيرة وهي ما اعتقد أنه لا جدال حول أضرارها لا من الناحية الصحية ولا الاجتماعية ولا الفقهية ألا وهي ظاهرة زواج البدل المعروف إسلاميا بزواج(الشغار).تخيلوا معي ماذا سيحدث؟تخيلوا معي ماذا سيحدث لو أن موت طفلة الثلاثة عشر ربيعاً (الهام العسي) أثرت في الشيخ محمد الحزمي أو غيره ممن يعارضون قانون تحديد سن أدنى للزواج... بحيث أن (الهام) بموتها بألمها ومعاناتها هي (إلهام) ودليل ساقه الله في هذا الوقت بالذات!![c1]قضية خلافية والأصل مصلحة المجتمع[/c]لا يوجد نص لا في الكتاب ولا في السنة يحرم تحديد سن للزواج بما يحقق المصلحة المجتمعية ونسوق هنا قولين لاثنين من كبار علماء الأمة الأول ابن القيم الجوزية في كتابه -إعلام الموقعين- حيث قال ((أينما ظهرت أمارات الحق وقامت أدلة العدل وأسفر صبحه بأي طريق فثم شرع الله ودينه ورضاه وأمره ... فأي طريق استخرج بها الحق وعرف العدل وجب الحكم بموجبها و بمقتضاها ))الجزء الرابع صفحة 267 وما بعدها- ولعله الكلام الذي استنبط منه القاعدة الشرعية المنسوبة إليه (حيث تكون المصلحة فثم شرع الله ) ونقول هل من دليل أقوى حجة وابلغ أثرا مما حدث (لإلهام) لإثبات ما تعانيه فتياتنا الصغيرات من مآس وكوارث و أن لا مصلحة في ترك الباب مفتوحا أمام ولي أمر الفتاة ليتحكم بمصير طفلة في ظل ظروف حياتية صعبة وقاسية وما هو الدليل الذي نريده لنثبت للجميع أن المصلحة هي في سن القانون .والقول الثاني الذي نستشهد به أيضا هو كلام الشيخ القرضاوي قاله في برنامج الشريعة والحياة حول هذا الموضوع حيث قال ((إن زواج الصغيرات وان كان مباحا . لم يعد مقبولا في العصر الحاضر....حيث صار من الواجب تعليم الفتيات وحصولهن على الثانوية العامة على الأقل قبل الزواج ...كما أن زواج الصغيرات قد يعرضهن للعنف والإيذاء الجسدي من قبل الأزواج)) . وأوضح أيضا أن ((تحديد سن الزواج يفترض أن يكون وفقا لطبيعة وثقافة المجتمعات ونسبة التعليم لديهم فالمجتمع المصري على سبيل المثال يجب أن يكون سن الزواج لديهم الثامنة عشرة هو الحد الأدنى لزواج الفتيات , أما في المجتمعات ذات الصبغة القبلية مثل اليمن فإن سن السابعة عشرة أو السادسة عشرة على الأقل هو السن المناسبة )).[c1]زواج الصغيرات هدم لحاضر ومستقبل الإنسان والمجتمع[/c]وختاما نقول ليست المشكلة في الزواج المبكر كزواج منعدم المودة والرحمة والسكن فقط بل تتجاوزه إلى تبعات هذا الزواج الصحية والاجتماعية على الفرد والمجتمع في المديين المنظور والاستراتيجي والتي قد تكون كارثية بما يتجاوز حاضر الإنسان ومستقبل المجتمع .