الحالة الأمنية وجهاً لوجه بين محلي أبين واللجنة الأمنية
زنجبار / 14 أكتوبر :أجمع أعضاء المجلس المحلي ومسؤولون محليون ومواطنون في محافظة أبين على أن الحالة الأمنية في المحافظة تشهد تدهوراً كبيراً, وأن الأجهزة الأمنية تعيش حالة من التسيب ما خلق حالة من الاستياء لدى الناس.واستشهد هؤلاء في أحاديثهم بالكم الهائل من الحوادث الأمنية التي شهدتها المحافظة وخصوصاً مدينة جعار.وأكدوا أن السلطات الأمنية في المحافظة لو أدركت مهماتها وقامت بواجبها على أكمل وجه لعاشت المحافظة استقراراً أمنياً, لكن عمل تلك الأجهزة يشويه كثير من التقاطعات وحالات من الازدواج والتداخل, الأمر الذي جعلها تخفق أو تتقاعس في أداء مهامها في ضبط إيقاع الحالة الأمنية من حالة الانفلات المتسارع والذي ينعكس سلباً على سائر الأداء في جهاز الدولة في المحافظة والحياة العامة للناس.وبينما كان مطلوباً من المجلس المحلي في المحافظة سرعة التحرك والقيام بدوره تجاه ما يحدث في المحافظة, إلا أن المجلس قد تأخر إلى حد ما .. وقد عقد دورة استثنائية أمس الأول السبت, خصصت للوقوف أمام الأوضاع الأمنية وما تشهده المحافظة من حوادث أمنية واشتباكات, واستدعي إلى هذه الدورة مدير عام أمن المحافظة عميد / د . أحمد علي المقدشي وأعضاء اللجنة الأمنية في المحافظة.وكان مجلس النواب قد كسب قصب السبق بالوقوف أمام الحالة الأمنية في أبين في ضوء الاشتباكات المسلحة التي وقعت في مدينة جعار يوم 23 يوليو المنصرم بين قوات من الأمن المركزي وعدد من المطلوبين وكان من آثارها احتراق اثني عشر منزلاً .. وخلصت لجنة البرلمان في ضوء نزولها إلى المدينة لتقصي الحقائق إلى تحميل الأمن المركزي مسؤولية احتراق تلك المنازل التي كان يقطنها أناس أبرياء لا علاقة لهم بالمطلوبين سوى أحد تلك المنازل الذي كان يسكنه أحدهم .. وفيما طالبت لجنة مجلس النواب بسرعة تعويض هؤلاء المتضررين فقد طالبت بمحاسبة قائد الأمن المركزي وإحالته للمجالس التأديبية بوزارة الداخلية, وبحسب ما تناولته الأخبار عن جلسة مجلس النواب فقد ذكرت استدعاء وزير الداخلية للرد على تقرير اللجنة وأسئلة الأعضاء في هذا الموضوع.وعلى الرغم من تأخر المجلس المحلي في أبين والتخلف عن القيام بدوره, فقد انكفأ على نفسه خلال دورته الاستثنائية التي عقدها برئاسة المهندس / أحمد الميسري محافظ المحافظة رئيس المجلس, حيث لم يقم المجلس بالإمساك بزمام التوافق مع البرلمان والخروج بتقييم موضوعي للحالة الأمنية, وإعلان موقف محدد يبين من خلاله المجلس دوره.وفيما خاض الأعضاء - بكاملهم تقريباً - الحديث وأجمعوا على تدهور الحالة الأمنية في المحافظة وعجز أجهزة الأمن عن القيام بدورها, وحالة التسيب والانفلات فإن المحصلة النهائية لنتائج أعمال دورة المجلس كانت (صفراً) من حيث إنه لم يصدر عن المجلس بيان يدين أو يوافق على ما تشهده المحافظة من حوادث أمنية, ولم تكن إجابات وردود مدير عام الأمن بالناجعة التي تعطي تعليلاً لما حدث ويحدث, حيث جاءت ردوداً عمومية, رغم حصول مشادات ومقاطعات مع بعض الأعضاء عند ردوده على أسئلتهم وملاحظاتهم, ويبدو أن معظم أعضاء المجلس المحلي لا يعون جيداً دورهم ولا يعرفون ما هي أبجديات مهام المجلس عندما أكتفوا بطرح ملاحظاتهم وآرائهم رغم قوتها وصراحتها حد توجيه اتهامات مباشرة لأجهزة الأمن بالتقاعس وابتزاز المواطن, والاستماع إلى ردود مدير الأمن, حيث كما بدأ المجلس دورته وسط كم هائل من التساؤلات أنتهت الدورة «وكأنك يا بو زيد ما غزيت» كما يقول المثل .. إذ لم يتم تحديد مكامن الضعف في أداء الأجهزة الأمنية, ومن يتحمل مسؤولية ما يحدث من اختلالات, ولم يتم تحميل أي طرف مسؤولية ما حدث في مدينة جعار يوم الأربعاء قبل الماضي .. واكتفى الأعضاء بالموافقة وهم يغادرون القاعة على مقترح تقدم به المحافظ رغم اعتراض البعض عليه ملخصه : أن يتم تكليف اللجنة الأمنية الوقوف أمام ملاحظات الأعضاء وتقديم تقرير إلى دورة المجلس القادمة بعد شهرين, تفند فيه ما تم إنجازه وما هي الإجراءات التي اتخذتها حيال ما طرح من ملاحظات من الأعضاء.* لقد كان الأحرى بالمجلس المحلي الا يوافق على قرار أو مقترح كهذا كما قال / صالح الشرعة من حيث إن الأوضاع الأمنية التي استعرضها المجلس لا تحتمل التأجيل لشهرين قادمين دون حسم أو اتخاذ إجراء وتحديد المسؤوليات, ومن ناحية أخرى من غير المنطقي تكليف اللجنة الأمنية التي هي المسؤولة الرئيسية تجاه هذه الحوادث, وهي المعنية بل والمتهم الأساسي من منطلق مسؤولياتها وتكليفها الدراسة والوقوف على ملاحظات ومداخلات الأعضاء إنما يبرئ ساحة أجهزة الأمن من أية مسؤوليات أو تبعات لما تشهده المحافظة, وهو بخلاف الواقع أو ما وصلت إليه اللجنة البرلمانية.* ويقول الشيخ / زيد بن علي محمد الجريري إن الأوضاع الأمنية في أبين وممارسة أجهزة الأمن لا ترضي أحداً, حيث تناست هذه الأجهزة واجباتها وأخذت تمارس الابتزاز والقمع ضد المواطنين .. وما حدث في مدينة جعار هو عمل عشوائي تم دون تمييز وتعرضت أسر بريئة لإحراق منازلها, وقد أصاب تقرير لجنة البرلمان بما توصل إليه من نتائج.وأضاف الجريري : نحن ضد الإرهاب بكل أشكاله وضد الإرهابيين وعلى الأجهزة الأمنية القبض على الإرهابيين وتقديمهم للقضاء لينالوا جزاءهم على ما اقترفوه, ونحن أيضاً ضد العمل العشوائي الذي تقوم به أجهزة الأمن .. وحيث إن أجهزة الأمن تعرف الإرهابيين والمطلوبين وتحركاتهم فهي تقدر على أن تقبض عليهم, لكن هناك شيء لا نعرفه ويخيفنا بين الأجهزة الأمنية وهؤلاء الذين يبدو أنهم محميون من بعض تلك الأجهزة.* رأي الشارع في أبين الذي استطلعته الصحيفة لا يختلف قيد أنملة عن ما دار من مناقشات وملاحظات داخل دورة المجلس المحلي, بل إن ملاحظات وأطروحات أعضاء المجلس المحلي للمحافظة قد جاءت أكثر تفصيلاً وبينت مكامن الداء الذي تعاني منه الأجهزة الأمنية, على الرغم من عدم اتخاذ المجلس لأي قرار من شأنه وضع حد لهذا الاختلال الأمني وتفعيل دور الأمن.وقد تركزت ملاحظات الأعضاء في المسألة الأمنية:* عبدالله صالح داحي قال : في شهر 2/2008م نهبت سيارة المسح الجيولوجي من الطريق العام بأحور من قبل مسلحين, ويوم 26 يوليو الماضي احتجزت قاطرة عندما وضع مسلحون نقطة في طريق أحور لطلب إطلاق سراح سجين ولم يقم الأمن بأي تحرك.وأضاف داحي : نريد إجراءات رادعة لمثل هؤلاء .. حيث إن هؤلاء القتلة والمطلوبون يمشون في الأسواق بحرية تامة ولا أحد يكلمهم ما دفع آخرين للاحتذاء بما يقومون به من أعمال وجرائم.* على ناصر عكيش قال : نريد من المجلس أن يخرج بنتائج عملية وليس إعلامية حتى لا تذهب أي مجهودات أدراج الرياح, حيث إنه لا تنمية بدون أمن, وسبق أن دعونا مدير الأمن من قبل المجلس عندما عين في المحافظة ووضعنا أمامه عدداً من الإشكالات الأمنية.واليوم نحن نتساءل. من هو المخول قانوناً بإجراءات الضبط القضائي من الأجهزة الأمنية المتعددة عندنا؟وأردف عكيش أن الطرق في المحافظة أصبحت مهددة وغير آمنة .. فكثيراً ما يقوم مسلحون بقطع الطريق .. وأيضاً يمنع تنفيذ المشاريع لمجرد خلاف شخصي والأمن يتفرج, ولعل ما حدث في جعار يندى له الجبين والمجلس المحلي في سبات عميق, ومجلس النواب يشكل لجنة تنزل وتتقصى الحقائق و»مجلسنا القريب من الحدث نائم».وأضاف : لقد حدثت مشكلة في سجن زنجبار عندما هرب أحد المحكومين بالإعدام فقام الأمن بسجن حراسة السجن, قبيلة أحد جنود الحراسة السجناء احتجزوا طقماً عسكرياً, فجأة بدلاً من القيام بإجراءات رادعة يتم التبادل بين القبيلة وقيادة الأمن السجين بالطقم, وفي واقعة أخرى حضر عدد من الشبان من مديريات مختلفة لطلب التجنيد, حضرت سيارة «دينا» عليها جنود طلبوا منهم الطلوع لإدخالهم إلى معسكر حتى يتم توظيفهم وهناك ضربوهم بأعقاب البنادق وحلقوا لهم رؤوسهم على شكل صليب دون ذنب.القيناشي : مدير الأمن في مديرية مودية منذ أكثر من سنة لا يحضر, والأمن متسيب يبحث المواطن عن الختم لإتمام معاملته فلا يجده لأنه بحوزة المدير .. ما يفعله المدير هو استلام أغذية الجنود دون توزيعها لهم .. إضافة إلى أن القيادة تخصم على كل جندي خمسة آلاف من الراتب وتسمح له بالتغيب عن العمل .. كل القضايا في المديرية أصبحت تحل بالعرف القبلي بعد أن عجز الأمن عن اتخاذ أي إجراء.* الخضر محمد صالح : هناك ازدواجية خلقت الإرباك في أداء الأجهزة الأمنية, ولابد من تخصيص مهام .. فكل جهة أمنية تعمل بمفردها, لا يوجد توحد في القيادة.* آمنة محسن العبد قالت : ناقشت القضية الأمنية أكثر من مرة وتحدثنا كثيراً دون أن نصل إلى نتيجة, النقاط الأمنية المنتشرة هذه الأيام كثيرة وغير معروفة, الكل يقيم نقطة عسكرية .. يجب أن تكون النقاط العسكرية محددة وتتحملها جهة أمنية واحدة.وفيما يخص مشكلة جعار التي حدثت يوم 23/7 المواطنون يقولون كلاماً وأجهزة الأمن تقول كلاماً مناقضاً وضاعت الحقيقة .. وفي الأعراس هناك سيارات شرطة تحمي البعض ممن يطلقون النار .. واليوم من يجرؤ على الإبلاغ عن أي متهم أو مطلوب؟وتضيف آمنة محسن : «كل مسؤول يحمي قريبه إذا كان مطلوباً».ولابد من وضع النقاط على الحروف وتشخيص الداء.* عبدالمجيد الصلاحي قال : هناك ضعف في التخطيط والتنظيم في الأداء الأمني وهذا انعكس سلباً وخلق حالة من التدهور التي يعاني من ويلاتها المواطن في المحافظة.وتساءل الصلاحي : «هل كل المؤسسات الأمنية تحت السيطرة, هناك فجوة بين أجهزة الأمن والنيابة».وأضاف : نحن مع ضبط الخارجين على القانون لكن يجب أن تكفل كل الحقوق لكل الناس وألا تتم مداهمات أو تفتيش للمنازل إلا وفقاً لما نص عليه القانون مثلاً يوم أمس الأول هجم الأمن على منزل أحد المواطنين في جعار يدعى «الحلبة» وبعد خروج الأسرة قام الجنود بضرب المنزل بصاروخ.وقبل أيام قتل شخص اسمه / فيصل الهندي أمام مرأى ومسمع الناس وسط مدينة جعار لم نسمع عن أي تحركات للأمن.* أحمد السيد صالح عيدروس يقول : ينبغي توعية رجال الأمن عندما يقومون بتنفيذ أي مهمة لأن هناك تصرفات تبدر من بعضهم تتنافى والقيم والأخلاق والقانون, كذلك انتشار النقاط التي أصبحت مواقع لابتزاز السيارات.وأضاف السيد : «لابد من وجود تكامل وتنسيق بين أجهزة الأمن, ولابد من خضوعها للسلطات المحلية».[c1]تفجيرات مفتعلة :[/c]وعلى جملة الملاحظات وتساؤلات أعضاء المجلس جاءت ردود مدير عام الأمن بصورة عمومية, لكنها لم تتطرق إلى مكامن الداء, إذ سعى عميد دكتور / أحمد المقدشي إلى وضع المبررات .. وأمام كل سلبية طرحها الأعضاء طالب مدير الأمن بضرورة تقديم الأدلة حتى يتمكن من إخضاع أي جندي أو مسؤول أمني للمحاسبة مع أن ما أورده الأعضاء وما يعانيه المواطن من تصرفات من قبل أجهزة الأمن واضح ولا يحتاج إلى أدلة إثبات .. وقال مدير الأمن إن هناك تفجيرات في المحافظة مفتعلة وقعت لأغراض سياسية وأخرى لأغراض إرهابية.وقال إننا نريد عندما تتصارع مراكز القوى في أبين أن تتصارع خارج المحافظة لا داخلها, ونريد من هذه المراكز أن تتصارع وتتنافس لإنعاش المحافظة وبما يخدم الناس ويحسن مستوى معيشتهم.وأردف قائلاً : منذ وصولنا إلى أبين والمشكلة كما هي وتطرق إلى مشكلة كثرة الوساطات من قبل المسؤولين والمشائخ وأعضاء المجلس عند القبض على أي مطلوب.وأكد مدير الأمن أنه لا يسمح لأي شخص بالتطاول على القانون .. واستعرض دكتور المقدشي مشكلات الأمن في المديريات وبين أسبابها وملابساتها .. وقال إن قيادة الأمن على استعداد لتنظيم وعقد ندوات وورش عمل لتوعية عناصرها, مشيراً إلى أن قيادة الأمن تتقبل النقد الهادف والبناء لإصلاح أي اعوجاج ولا تريد الانجرار خلف أي انتقادات أو كتابات ذات أغراض وأبعاد أخرى ..موضحاً أن أجهزة الأمن قامت بضبط الكثير من الحالات والجرائم وتم إحالتها للنيابة.[c1]تفعيل اللجان الأمنية :[/c]وكان رئيس نيابة استئناف المحافظة القاضي / ناصر عبدربه النخعي الذي شارك في أعمال الدورة قد تحدث أمام الأعضاء وقال : الأمن مسؤولية الجميع ويبدأ بشكل تدريجي من الجندي إلى المدير العام.وطالب بضرورة تفعيل اجتماعات اللجان الأمنية في المديريات ورفع تقاريرها إلى المحافظة بدلاً من الاجتماعات الموسمية.وقال إن العبارات التي يصدرها البعض مثل كلمة «الانفلات الأمني» كلمات كبيرة وغير دقيقة تهز الثقة لدى المواطن عندما يقرؤها أو يسمعها من مسؤول .. وأضاف : نعاني من صعوبة جمع الأدلة في كثير من القضايا, حيث كثير من الأشخاص يرفضون الإدلاء بشهاداتهم ودعا إلى تنفيذ برامج توعية شاملة.[c1] المحاسبة :[/c]وفي ختام دورة المجلس تحدث المحافظ المهندس / أحمد الميسري معقباً على ما دار من ملاحظات وردود وقال :سيكون لدينا مجلس تأديبي يتولى محاسبة كل مخالف أو مقصر من عناصر الأمن .. وسنعمل على تغيير كل من يثبت تورطه من قوى الأمن .. وأكد أن السلطة تسعى لتوفير الإمكانيات الناقصة في هذه الأجهزة.وقال : نحن جاهزون للتصحيح ومطلوب من أعضاء المجلس المحلي أن يكونوا عوناً للسلطة لا عليها.وتطرق المحافظ إلى سوء أداء بعض أجهزة الأمن ومنها البحث الجنائي, حيث أن نتيجة ذلك تعثر كثير من القضايا.وكلف اللجنة الأمنية الأخذ بما ورد من ملاحظات وردت من الأعضاء على أن تقدم تقريراً مفصلاً إلى دورة المجلس في نهاية سبتمبر القادم عن ما تم إنجازه.