قصة قصيرة
ميرفت مسعود حسن تحب اقتناء كل شيء لنفسها.. تحب التطلع إلى الأعلى تدافع بكل قوتها عن حقها.. لاتدع شيئاً لها يضيع من يديها .. تنتهز كل الفرص الممكنة للحصول على مبتغاها رغم أنها من عائلة متوسطة ولديها شقيقة مختلفة تماماً عنها ، فهي متسامحة غير انتهازية تحب الخير لكل الناس ( هديل ) فتاة طموحة ومتطلعة إلى أبعد المقاييس وكانت تطمح إلى الارتباط بشخص غني لكي تتمتع با لحياة ، فهي تحب حياة البذخ تتملك كل شيء بأنانية .. لا تستمع لنصح أمها ، وأختها .. بل تنظر إليها على أنها ساذجة .. لا تدافع عن حقها متسامحة ترضى بقليلها ... دائماً تقول هديل إنها لن تحيا حياة البساطة .. تحب أن ترتفع إلى أعلى مستويات المعيشة .. رغم معرفتها بأن ذلك سوف يكلفها الكثير .. رغم ذلك لم تأبه !! ( كمال ) .. ابن عمها يحبها ويرغب بالارتباط بها .. رغم تكبرها وتطلعها والسخرية منه.. بأنه مازال تلميذاً.. وبأنها لا تكترث له وأن الحب لا يساوي شيئاً في سوق (هديل) وأن المال والنقود هما الأغلب والصوت الوحيد المسموع لديها .. تعود من الجامعة وهي متذمرة .. وتنظر لكل شيء من حولها باستنكار وتقول لنفسها :" كيف لي أن أواصل حياتي بهذه الطريقة المقرفة"، وتدخل عليها (منى) غرفتها وهي مبتسمة وتبدو على ملامحها علامات الرضا والقناعة.. (هديل) .. لماذا تبكين؟! ألا تعرفين لماذا ؟ / منى / هديل لماذا لاتتغيرين وترضين بحياتك وتهتمي بالشخص الذي يحبك ويسعى لارضائك؟! أنني أرغب يوماً يأتي وإنني بحالة جيدة .. حاولي أن تبتسمي وترضي بواقعك .( هديل ) :أرضي بماذا؟ بهذا الحال المتدني ؟! ( منى ) أني أحب أسكن منزل كبير وجميل وبأرقى الأحياء السكنية .. أحب أن يكون لدي سيارة بدلاً من مضايقات باصات الأجرة .. أحب أغير كل يوم ملابس جديدة .. أحب .. قاطعتها ( منى ): كفى !! أنت تبالغين .. أني أشفق عليك ياأختي .. ماذا؟!! أنت تشفقين علي أني لماذا ؟! هاه .. قولي .. هاه .. لأني أرغب بتغيير حياتي للأفضل ، ترغبين أن أكون مثلك متحجرة وباقية في مكاني.. (منى) أنا معك بالتغيير ولكن ببطء شيئاً .. فشيئاً وليس دفعة واحدة ، وبهذه الطريقة الجنونية المتهورة .. أني آخاف عليك من المستقبل .. لا .. لا تخافي يا أختي الحنونة بل عليك أن تفكري بمستقبلك الذي لا يرى له ملامح .. دفعت ( منى) وهرعت إلى غرفة نومها رفعت ( منى ) رأسها وهي تبتسم أني أشفق عليك من المستقبل حقاً يا أختي .. آه. لو تعلمين كم أحبك وأخاف عليك من نفسك .. واصلت ( هديل) حياة التذمر لكل من حولها وترغب في الفرصة المناسبة للحصول على كل ماتهدف وراءه.. وكانت تختار رفيقاتها من بنات الأعيان .. وفي يوم حضرت (هديل) حفل عيد ميلاد إحدى صديقاتها .. كانت حفلة مليئة بالأعيان والتجار وأبنائهم رأت ( هديل ) حياة البذخ التي يحييها هؤلاء الناس وأحبتها وتعرفت على العديد من الشخصيات وتجرأت بالرقص على إحدى منصات الرقص والكل من حولها ينظر اليها وهي فتاة فائقة الجمال ترقص بكل خفة ورشاقة وبكل دلال .. كان هدفها أن يعجب بها أحد أبناء الأغنياء . مر الوقت ولم تنتبه أنها تأخرت وعادت للمنزل .. ودب بينها وبين أختها شجار.. ثم تركت ( منى ) وهي تحدثها ودخلت غرفتها .. ولحقت بها ( منى ) لمواصلة نصحها وجدتها ( غا طة ) في نوم عميق من شدة التعب .. نظرت لها بكل حنان وقبلتها أسدلت عليها الغطاء وتركتها تنام .. وقررت ضرورة إخبار والديها عن حالة أختها حيث كان والديها يعملان خارج البلاد لتحسين مستوى معيشتهم.. وكتبت لهما بضرورة حضورهما وبينما هي كذلك اعترضت (هديل) سيارة جميلة وذات ماركة حديثة وعالمية وخرج منها شخص .. حاولت ( هديل ) تخطيه ولكنه أمسك بها وهو شخص يبدو عليه الهيبة يرتدي معطفاً أسود.. ويضع على عينيه نظارات سوداء وعلى وجهه لحية متناقضة بين السواد والبياض ابتسم قائلاً :" هديل أم أني مخطئ".. نظرت اليه باستغراب ، نعم من أنت ؟ غير ضروري تعرفي من أنا .. هل يمكنك مرافقتي بضع دقائق للتعارف... أجل لا مانع لدي.. صعدت معه السيارة غير مبالية بما سوف يحدث لها.. كانت تطمع بما ليس مقسوماً لها..لم ترضى بالحياة التي كانت تعيشها حيث إن هناك الكثير من الناس الذين يرغبون بالعيش مثل مستواها.. صعدت السيارة دون تفكير !! لم تسأل نفسها ماذا يريد منها ذلك الرجل الغامض الذي لم تلتقه من قبل ؟!! أخذها إلى مكان غير مأهول بالسكان ورماها في حجرة مظلمة دون أن يقول لها كلمة .. خرج وأغلق الباب وصعد سيارته وأنصرف ولم يكترث لصراخها وتوسلاتها!! نظرت ( هديل ) من حولها لم تر سوى الظلام.. صرخت .. صرخة ممتلئة بالحزن والألم وبالخوف .. ياناس .. أخرجوني من هنا !! ومرت الأيام عليها في ذلك المكان الذي لايوجد فيه حياة دون طعام أو شراب .. أدركت ( هديل ) مدى أهمية الحياة التي كانت تتذمر منها ومر أمام مخيلتها كل حياتها ونصائح أختها ( منى ) .. عاهدت نفسها إذا الله منحها الحرية من جديد .. سوف تنزع ثوب الكبر والتمرد وسوف تعيش حياتها كما كتب الله لها وهي تصرخ : يارب ساعدني يارب ساعدني ... وفتحت عينيها فوجدت نفسها ملقاة على سريرها ومازالت مرتدية ملابس سهرة الليلة الماضية، وأن الذي مرت به كان مجرد حلم ولم يكون واقعاً .. وأدركت أن ذلك الرجل هو صوت ضميرها.. وأن الله أراها مدى أهمية حياتها .. حدقت عيناها وأمعنت النظر.. نعم أني في غرفتي وقالت في نفسها :" الحمدلله أنه منام.. ولكن لن أرجع عن قسمي وأن ماحلمت به كان تنبيهاً من الله .. دفعت ( منى ) الباب على صوت صراخ ( هديل ) قصت عليها كل ماحصل وأنها سوف تتغير .. حمدت الله ( منى ) بأنها سوف ترضى بحياتها ومرت الأيام عليها وهي تعيش حياة هادئة متوازنة .. وتقدم لها ابن عمها ليتزوجها فقبلت به ، وبينما هي في ( الكوشة ) قالت لها منى :" هديل هل الحفلة مناسبة ؟! هل تريدين أن تكون في أحدث قاعات الأفراح ؟ ابتسمت ( هديل ) قائلة :" لا هنا هو أجمل مكان مادام كل الناس من حولي يكنون لي الحب وأشكر الله أن رزقني من يحبني في هذه الأرض ..