نظمت ندوة (احسان عبد القدوس.. قراءة جديدة) بالقاهرة لتعيد الاعتبار الى القيم الابداعية والفكرية في أدب هذا العملاق الذي لم يحظ في حياته باهتمام النقاد رغم شهرته الواسعة وغزارة إنتاجه.لكن الندوة التي افتتحت بالمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة شهدت جدلا من نوع اخر: حول شخصية عبد القدوس نفسها ونظرته إلى دور المرأة.ففي حين يرى بعض النقاد أن عبد القدوس كان جسورا في كتاباته السياسية والأدبية خاصة فيما يخص الدعوة إلى أن تقرر الفتاة مصيرها قال ابنه محمد عبد القدوس في افتتاح الندوة ان أباه في سلوكه العام وبعض كتاباته كان يرى أن "مكان المرأة الأول هو البيت" مشيرا إلى أنه عبر عن هذه الفكرة في قصة عنوانها "استقالة عالمة ذرة" التي حولت إلى فيلم تلفزيوني حيث تضطر عالمة ذرة إلى البقاء في البيت لترعى ابنها.وأضاف بحسب وكالة رويترزأن عبد القدوس (1919 - 1990) ورث هذه النظرة إلى المرأة عن أمه روزاليوسف التي "اعتزلت التمثيل وهي في قمة مجدها استجابة لنصيحة طبيب كي ترعى ابنها إحسان. وقالت في مذكراتها ان مجدها أن يعيش ابنها."وحملت فاطمة اليوسف (1888 - 1958) لقب روزا وهي من أصل لبناني وعملت بالتمثيل في مصر منذ بلغت الرابعة عشرة وأصبحت ممثلة بارزة وأطلق عليها نقاد لقب (سارة برنار الشرق) وتزوجها الممثل محمد عبد القدوس وأنجبت منه إحسان ثم اعتزلت التمثيل وأصدرت عام 1925 مجلة روزاليوسف التي صار إحسان رئيسا لتحريرها في الأربعينيات.وتضم الندوة التي تستمر يومين محاور منها (إحسان والحس السياسي) و(إحسان والمرأة) و(أدب إحسان بين القبول والرفض) و(رؤية الحب في إبداعات إحسان) ومائدة مستديرة عنوانها (إحسان عبد القدوس في الميزان الإبداعي والنقدي) إضافة الى شهادات عن أدبه وحياته يقدمها بعض أصدقائه ومنهم الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي والناقد محمود أمين العالم والكاتب الصحفي كامل زهيري ومديرة مكتبه نيرمين القويسني.ومنذ الخمسينيات بدأت أعمال عبد القدوس تلقى رواجا بين القراء كما وجدت طريقها إلى السينما حتى أصبح اسمه في بعض الفترات أحد عوامل رواج تلك الافلام التي كان معظمها يعالج قضية تحرر المرأة أو الفتاة المصرية مثل (أين عمري) و(الطريق المسدود) و(النظارة السوداء) و(أنا حرة).وعرف عبد القدوس كصحفي وكاتب بارز منذ الأربعينيات حيث كان أول من فجر قضية الأسلحة الفاسدة التي اتهم قادة مصريون بتسليح الجيش المصري بها في حرب 1948 ضد إسرائيل. ونمت منذ تلك الفترة صداقة بينه وبين بعض الضباط الذين قاموا بثورة 23 يوليو تموز 1952 لكنه تعرض للسجن وخرج منه معتزلا الكتابة السياسية وتوالت رواياته التي تحولت إلى أفلام منها (الوسادة الخالية) و(لا شيء يهم) و(لا أنام) و(شيء في صدري).وكتب عبد القدوس أعمالا مؤيدة للنهج الثوري منها (في بيتنا رجل) لكنه بعد رحيل زعيم الثورة الرئيس جمال عبد الناصر كتب قصصا تنتقد ممارسات الثورة منها (جرحى الثورة) التي تحولت إلى فيلم عنوانه (آه يا ليل يا زمن).وقال جابر عصفور الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة في الافتتاح إن عبد القدوس "كان وظل كاتبا وطنيا من الطراز الأول" مشيرا إلى أن في روايته "في بيتنا رجل" سردا حماسيا وطنيا فيما يتصل بالكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني للبلاد في الزمن الذي تدور فيه أحداث الرواية.وأضاف أن كتاباته السياسية في الأربعينيات تجاوبت مع فكر الضباط "الذين غيرتهم السلطة فيما بعد. ثم وقف (عبد القدوس) ضد رفاقه القدامى وكتب ضد استبدادهم" في إشارة إلى تراجع فكرة الحرية في الممارسة السياسية بعد أزمة مارس اذار بين فريقين من أعضاء مجلس قيادة الثورة.وقال إن عبد القدوس كان جسورا فابتعدت أعماله عن "الهشاشة العاطفية التي كانت سمة في أعمال يوسف السباعي ومحمد عبد الحليم عبد الله كما شاكس المحرمات الاجتماعية" مشيرا إلى أن روايته "أنف وثلاث عيون" هي أول عمل أدبي يمارس عليه البرلمان في الستينيات "رقابته القمعية ولولا خطاب أرسله إحسان عبد القدوس الى جمال عبد الناصر لكانت الرواية قد قبرت."وأشار إلى أن عبد القدوس لم يكن متناقضا مع نفسه حين تبنى قصية الحرية حيث "مارسها فعلا في اختبار حقيقي" حين وجد ابنه محمد ينضم إلى إحدى الجماعات الإسلامية ويطلق لحيته.
|
الناس
إحسان عبدالقدوس ورث نظرته إلى المرأة من أمه روز اليوسف
أخبار متعلقة