عبدالله باكدادة [/c]هناك اناس يمرون في حياتنا مرور الكرام .. وهناك أناس تسجل معرفتهم علامة بارزة في نفوسنا يتربعون على عرش الذاكرة ويستأثرون بالنفس وتهفو لهم الأرواح ميزهم الله بمزايا الحب والاخلاق والقبول والمعرفة فرفعهم بذلك درجات وآثرهم وأثرى بهم الحياة .. أناس وإن غابوا في الدنيا أو عنها إلا أنهم حاضرون على الدوام يجدهم المرء أينما ذهب واينما كان يستريح لجلوسهم وبقائهم وذكراهم وتذكرهم والحديث عنهم لأنهم مثار الاعتزاز لمعرفتهم ومثار الجدل لما يمتلكون من إبداعات خلاقة أغنوا بها حياة الناس فاغتنوا بهم وظلوا معهم على الدوام .هكذا كان سعيد فندة .. الموسيقي الماهر .. القائد الرائع الإنسان البسيط في مسلكه ، التلقائي في تعامله العفوي في محبته، الجاد في عمله ، العظيم في قيادته .. هو الرجل الاستثناء ، واللاعب المميز على خشبة المسرح ، والأب الحنون الجميل بين اولاده ، أزعم أنني رأيته في كل ذلك وعشت معه اللحظات المتنوعة في قيادته الموسيقية وتدريسه في معهده ، وتربيته لأولاده في بيته ، وعلاقته الجميلة مع أصدقائه وزملائه .سعيد فندة .. المتخصص في قيادة الفرق الموسيقية .. كان نادراً في تخصصه "الدراسة والعمل" اكثر الفترات التي عايشته فيها كانت نهاية تسعينيات القرن الماضي حيثما قدمت برامج فنية وسهرات لربما أشهرها على الاطلاق برنامج شاعر وفنان ، الذي استمر عرضه عاماً كاملاً وكان سعيد فندة الرجل الذي يعمل بصمت مؤكداً على الدوام انه يمكن الاعتماد عليه دونما السؤال عماذا فعل .. ورغمان البرنامج كان يبث مباشرة على الهواء إلا أنني لم أكن لاخفي اعجابه به اثناء قيادته للفرقة الموسيقية وتركيزه الرائع وحرصه الواضح على رصد أدق التفاصيل وكانت حركات جيده وذراعية وأنامله وإيماءة طرفه هنا وهنا وسرعة تحديقه للعازفين والآلات كلما جاءت قرعة للوتر أو نغمة أو حركة للإيقاع، كان روحاً في جسد يوزع الجمال كلما اهتز له طرف ويعلن عن أرقى حالات الربيع كلما أشار فتترامى على أنامله كل ألوان الأزاهير وتهفو من روحه رقة قد لاتجود بها الفراشات وتسمو فيه عظمة القائد وجبروته متوجاً كل ذلك بكبرياء الفنان وعزة نفس الإنسان العفيف الزاهد متناسياً ومتجاوزاً كل حالات الاحتياج على ما في الحياة من صعوبات وعثرات هي وليدة تفاوت الأيام مثل رحيله آهة وحسرة في نفس كل من عرفه ، وتساؤلاً حزيناً في من لم يعرفه ، ولكن إمكانياته وأعماله وعطاءه ظلت حضوراً في كل هؤلاء .. لم يخلف وراءه مالاً أو عقاراً كأي فنان أو أديب أدركته حرفة الفن والأدب ولكنه خلف ما هو أغنى وأكبر من ذلك بكثير .
|
ثقافة
سعيد فندة الإنسان الاستثناء والفنان المميز
أخبار متعلقة