مناضلون في طي النسيان
الضالع /14أكتوبر - تصوير / محمد عوض:يعيش اليوم وطننا اليمني الكبير أعراساً عظيمة وقد تحقق له أسمى منجز تاريخي وأحد أهداف الثورة اليمنية بزعامة القائد الوحدوي الرئيس علي عبدالله صالح وهي الوحدة اليمنية.. وشعبنا اليوم يعيش أعراس الذكرى السابعة والأربعين لقيام الثورة السبتمبرية التي ضحى من أجلها كوكبة مضيئة من أبناء الوطن ، وسقوا بدمائهم الزكية تربة الوطن الطاهرة لتنبت ألف زهرة وزهرة، لاننسى في هذه المناسبة أن هناك من شارك في الدفاع عن الثورةاليمنية سبتمبر وأكتوبر ومازالوا بين ظهرانينا وبعضهم يعيش حتى اللحظة يعاني شظف العيش ويكابد قساوة الحياة دون أن ينبس ببنت شفة . وقد آثرنا على أنفسنا أن نبحث عن هؤلاء المناضلين الذين نسيهم الزمن ومازالوا ينحتون في الصخر للبحث عن لقمة العيش دون عويل أو ضجيح ولم يطرقوا باباً للاستجداء ولايريدون جزاء ولا شكوراً. هكذا كانت تنطق عينا ذلك الرجل قبل أن تنطق شفتاه وهو يقف بهيئته الشامخة كالطود في سفح جبل دمت القديمة مرتدياً بزته الشعبية ( قميص أبيض وكوت ) ، شارك في الدفاع عن الثورة اليمنية عندما التحق في 64م بقوات الدفاع عن الثورة اليمنية في جبال عيبان وجبال حجة وصعدة ضد فلول الملكية وسقط أبنه شهيداً في جبال صعدة وهو يتصدى لعصابة التمرد والارتزاق ( الحوثية ) حيث ووري جثمانه الثرى في الثاني والعشرين من شهر سبتمبر 2009م.كان هذا هو الأخ محسن ناجي الحرازي من محافظة الضالع مديرية دمت الذي قال: لقد فرض علينا ذلك الواقع المرير الذي عاشه آباؤنا وأجدادنا وذقنا منه المرارة حيث حرمنا أثناء الحكم الإمامي البغيض من التعلم وذاق معظم أفراد الشعب اليمني الجوع والفقر والمرض .. وكان لزاماً علينا أن نهب لنصرة الثورة ونشارك في تلك المعارك الضارية التي دارت رحاها بالقرب من مدينة صنعاء وفي مواقع أخرى كانت تتمركز فيها القوى الملكية في محاولة منها للسيطرة على مدينة صنعاء ومراكز المدن الأخرى .. الا أن إيماننا وعزيمتنا وكل أبناء الوطن الذين هبوا لنصرة ثورة 26 سبتمبر و 14 أكتوبر ذلك الإيمان النابع من قلوبنا بتغير ذلك الواقع والانتقال إلى واقع مشرق جديد كان أقوى من تلك القوى الرجعية الإمامية كانت تريد أن تعيد عجلة التاريخ إلى الخلف إلى عهود الظلام. واستطرد: التحقت بالجيش الجمهوري منذ بداية الثورة قد شاركت مع مجموعة من خيرة الشباب في عدد من المعارك ضد الملكية ، وتحديداً في العام 1964م كنت ضمن قوة منظمة يقودها المقدم طاهر الشهاري في اللواء العاشر وتمكنا من تحرير جبل الطويل الواقع أمام مطار صنعاء الدولي حيث كانت تتمركز فيه القوات الملكية.. وبعد سيطرتنا تماماً على هذا الموقع انتقلنا إلى جبل عصر حيث كانت تسيطر على هذا الموقع مجموعة أخرى من القوات الملكية وبعد معارك ضارية تمكنا من تحرير الموقع والسيطرة عليه تماماً .. لم نتوقف في هذه المواقع لكن كانت هناك مواقع كثيرة تسيطر عليها القوات الملكية وكان علينا أن ننتقل إلى جبال عيبان والنهدين وحزيز وتمكنا من السيطرة عليها بعد معارك عنيفة وحررنا أيضاً جبل حروة.. وتقدمنا نحو بلاد الروس وجحانة وقد واجهنا عدواً حاول ضرب قواتنا وخضنا ضده معارك ضارية في الوقت الذي كانت تنقصنا الأغذية والأدوية والإسعافات وفي هذه المعركة الأخيرة أصبت برصاص العدو الملكي في الساق والخاصرة وتم اسعافي وفق الإمكانية ورغم ذلك استطعنا تحرير هذه المواقع واستمرت مجموعتنا في تمشيط الجبال حتى مسور وانتقلنا إلى حجة وتواصلت رحلة الكفاح حتى ثبتت أقدم الثورة. وأنا اليوم يطويني النسيان ، أعيش خارج السرب رغم أن كل مجموعتي أصبحت لديهم رتب عسكرية ومرتبات الا أنا .وأمام هذا الوضع الذي أعيشه، قدمت عدداً من الشكاوى إلى رئيس الجمهورية الذي تكرم مشكوراً بالتوجيه بترتيب وضعي وآخرين أيضاً، إلا أن مذكرة الأخ الرئيس لم تنفذ وماتت في أدراج المسؤولين وفوق هذا وذاك تلقيت أمر الله عزوجل بوفاة أخي الذي كان يحمل رتبة مقدم في لواء الثورة وترك وراءه سبعة أبناء كما استشهد ابني مسعد في جبال صعدة وهو يخوض معركة الشرف ضد جماعة الحوثي الإرهابية كان ذلك في يوم الأحد 20 سبتمبر 2009م .. ويبقى الوطن هو الأغلى وحسبي الله ونعم الوكيل.[c1]أسرنا (25) فرداً من قوات الملكية وقائد المجموعة [/c]وخلال لقائنا بالأخ/ صالح ناصر محمد المذعوري أحد مناضلي الثورة السبتمبرية حدثنا عن مرحلة تاريخية من الكفاح ضد قوى الظلام ، في فترة تأجح الحماس في صدور اليمنيين لنصرة الثورة السبتمبرية وقال: التحقت مع مجموعة من رفقتى من مديرية دمت انطلقنا إلى صنعاء والتحقت شخصياً بالحرس الجمهوري حيث نقلنا إلى معسكر عصر الذي كان يضم اللواء العاشر مشاة وكان قائد اللواء المقدم طاهر الشهاري وتلقينا التدريب الأول وكانت حينها القوات المصرية متواجدة ولم نتلق التدريب الثاني وبعد مضي شهر تقريباً رحلت القوات المصرية. وفي هذه الفترة العصيبة بدأت المعارك على صنعاء كبداية لحصار السبعين .. ومع بداية المعركة انتقلنا مباشرة إلى الجبال لمواجهة القوى الرجعية حينها كنت في السرية الثانية من الكتيبة الأولى.. ثم انتقلنا إلى ( تبة ) عصر الواقعة أعلى القبر الصيني وكان قائد السرية حينها محسن الرياشي .. وبدأت المعركة واستمر الحصار على مدينة صنعاء وازدادت المعركة ضراوة ولم يكن أمامنا سوى النصر أو الموت وكانت أسلحتنا متواضعة جداً، وقبيل انتهاء حصار السبعين بيوم واحد باغتتنا القوات الملكية وحاصرت الموقع واستشهد من قواتنا مجموعة من الشرفاء أذكر منهم الشهيد علي علوي ، وأمرنا القائد محسن الصريمي ( الرياشي ) بالانسحاب من موقعنا وبعد الانسحاب تمكنت القوات الملكية من الاستيلاء على هذا الموقع .. وبتوجيهات من قائد السرية بالهجوم على القوات الملكية التي استولت على موقعنا توجهنا مع الفجر وحاصرنا الموقع من عدة جهات وكان قائد المجموعة محسن الصريمي ومعنا علي عباد الحصيني وعلي حجر ومحسن يحيى المنتصر وأحمد بن أحمد الرباط وأحمد قائد صالح الأشول وهذا الأخير توفي رحمه الله وكان هجومنا مباغتاً على خيمة القوات الملكية وتمكنا من أسر قائد المجموعة و25 فرداً واصطحبناهم إلى مدينة صنعاء. كما كلفنا بمتابعة القوات الملكية المرابطة في جبل عيبان وبيت عذران الواقعة بجوار مدينة صنعاء واشتركنا مع جميع الوحدات وتمكنا من تحرير جبل عيبان تحركنا إلى بيت عزان واستطعنا تحريرها وتقدمنا نحو نقيل يسلح واشتركت معنا جميع الوحدات واستطعنا تحرير نقيل يسلح بعد معركة دامية استمرت منذ الصباح الباكر حتى ولوج الليل. انتقلنا إلى جبل حروة قرب جحانة وكان قائد الكتيبة الأخ/ أحمد الآنسي وفي قيادة السرايا رشاد المصري ومحمد شريف ، محسن فلاح ومانع التام. وكانت هذه آخر المعارك التي شاركت فيها وقد انتهت فلول الملكية واضطررت إلى العودة إلى منزلي لكوني وحيد أسرة ثم بعد ذلك التحقت بشرطة النجدة وكنت أول من حمل شعار النجدة في دمت. انقطع راتبي منذ خمسة أعوام، تابعت عودة راتبي عند جميع الجهات عسى أن تفرج عنه .. ولم أكل من المتابعة حتى قابلت وكيل الوزارة الذي أفادني بأنني استحق الراتب لأسباب اخجل لذكرها ليس لأنها معيبة بحقي بل أنها معيبة لغيري لكن الأمل مازال يحدوني بأن أنال راتبي لأنني لم ارتكب جرماً بل لبيت نداء الواجب والوطن ، ومن الواجب أن أحصل على التقدير الذي استحقه. [c1]تقاعدت عام 78م ورقيت إلى رتبة عريف[/c]أما الأخ / علي سعد يحيى الآنسي محافظة الضالع مديرية دمت، وهو أحد مناضلي الثورة اليمنية 26 سبتمبر تحدث عن مرحلة عصيبة من مراحل الثورة حيث قال : التحقت بالدفاع عن الثورة السبتمبرية منذ انطلاقاتها، حيث انضممت إلى لواء الوحدة وكان قائد اللواء آنذاك / يحيى الكحلاني وكانت حينها القوات الملكية الموالية للنظام الإمامي البائد مسيطرة على مواقع عديدة في صنعاء وحجة ومناطق أخرى.وكانت مجموعتنا قد كلفت بفك حصار منطقة حزيز وبالفعل اتجهنا بقيادة / يحيى الكحلاني واستطعنا بعد معركة دامية ان نفك حصار حزيز واصبح الموقع تحت سيطرة القوات السبتمبرية، تحركنا في إطار حملة يقودها الرائد علي صلاح صوب حجة لتحرير بعض المواقع التي تمركزت فيها القوات الملكية وتمكنا من تحريرها وتواصلت تحركاتنا نحو كحلان عفار خلف محافظة عمران ثم انتقلنا إلى رداع ومن رداع إلى وادي بنا ثم إلى دمت وتواصلت تحركاتنا مع لواء الوحدة إلى منطقة قعطبة وتمكنا من تحرير المواقع التي كلفنا بتحريرها وكانت في هذه الفترة قد جرت تغيرات كثيرة وأصبحت الثورة السبتمبرية مشرقة في ربوع اليمن.وفي إطار المتغيرات التي جرت اتفق / إبراهيم الحمدي رحمه الله ويحيى الكحلاني على دمج لواء الوحدة واللواء العشرين في لواء واحد تحت مسمى لواء العمالقة. وانتقلنا بهذا المسمى إلى معسكر ذمار ثم إلى بني سلامة في آنس لمطاردة بقايا القوى الملكية.وأضاف سعد يقول : لقد شعرنا بالفخر والاعتزاز وقد انتصرت الثورة واستطعنا وكل أولئك الرجال الميامين تثبيت أقدامها في ربوع اليمن واندثر عهد بائد إلى الأبد.وقد تقاعدت في عام 78م ورقيت حينها إلى رتبة عريف وتسلمت راتبي التقاعدي لمدة عام واحد فقط وكان قدره (90) ريالاً لكنه قطع بعد مرور عام على استلامي لهذا الراتب التقاعدي .. ورغم متابعتي المستمرة لإعادة راتبي إلا أنني جوبهت بالرفض لأسباب لا يصدقها عقل ولا منطق .. ومن المخجل جداً أن أذكرها ومن العيب على مسؤول أن يتعامل هكذا من قدم روحه فداءً لوطنه.لكني في الأخير أقول إن أصابع يدي التي بترت في معركة الشرف والكرامة ستبقى الوسام الوحيد الذي نلته كنهاية خدمة. وأعتبر أن :الصمت أبلغ من ملايين الخطب: لا سيما إننا أصبحنا من المنسيين.المناضل / أحمد محمد ناجي حرقاش من أبناء دمتعندما تفجرت الثورة في 26 سبتمبر كنت مواطناً في قريتي ولبيت نداء قيادة الثورة لمشاركة المواطنين في الدفاع عنها ضمن قوافل المتطوعين.في صنعاء تم جمعنا في العرضي والتي كان مسؤولاً عنها / حمود بيدر وذلك في 25 أكتوبر 62م وكان معي المناضل المرحوم / عون محمد الملحافي والمرحوم / علي علوي والمرحوم / مثنى علي الشوقبي وآخرون لاتسعفني الذاكرة في تذكر أسمائهم وتم تسليحهم وتحركنا إلى طريق ريدة - ذيبي وطلعنا جبال بيت مران أرحب المطلة على وادي سنوان وكان إلى الجهة المقابلة الشيخ / مجاهد أبو شوارب .وبعد إنجاز مهمتنا في دحر قوى العهد البائد عدنا إلى فتح طريق عيال سريح - صنعاء وفي صنعاء تمضمنا إلى لواء النصر وهو أول لواء تم تأسيسه في بداية الثورة، وتحركنا إلى معركة وادي همدان ثم جبل النبي شعيب بني مطر وكان قائد لواء النصر المناضل اللواء / علي عترب رحمه الله .. وأتذكر أن المناضل / علي علوي من أبناء دمت استشهد في معركة جبل عصر .وبعد ما دخلت دورة عرفاء وتم تعيني بعد التخرج مدرباً بمدرسة المشاة وكان تعييني من قبل المقدم / عبداللطيف ضيف الله الذي كان مدير مدرسة المشاة نظراً لتقدمي في التخرج.وانتقلت الى لواء العروبة وسافرت إلى مصر لغرض الدورة لمدة عشرة أشهر وتخرجت برتبة رقيب أول للسرية الأولى من الكتيبة الثالثة للواء العروبة وذلك في عام 66م.وبعد وصولنا الى صنعاء من مصر تحركنا بأوامر رئيس الأركان / علي سيف الخولاني إلى معركة الجميمة بني حشيش واستولينا على موقع العدو وتمكنا من أنزال المدفع الذي كان يهدد مطار صنعاء والمدينة.وخلال تواجدنا بموقع الجميمة لنتصدى لمحاولة الاستيلاء على الموقع من العدو تعرضت للإصابة في رجلي اليمنى من شظايا المدافع الهاون ونقلت إلى المستشفى العسكري لتلقي العلاج ومدير المستشفى حينها اللواء / حسين السكري وقائد لواء العروبة / علي لطف الثور. وبعد العلاج تم نقلي للشرطة العسكرية. وشاركنا في ملحمة حرب السبعين يوماً وترقيت إلى رتبة ملازم ثان نظراً لتأدية واجبي وإخلاصي في الدفاع عن الثورة والوطن.وبعد ذلك تم القضاء على فلول الملكية في حصار السبعين فأخذت دورة الشرطة العسكرية الدفعة (16) وكنت الأول بدفعة التخرج واسمي موجود في لوحة الشرف بمدرسة الشرطة العسكرية وكان قائد المدرسة / إسماعيل الجوفي وقائد الشرطة العسكرية / أحمد عائض سهيل.