غضون
مجلس القضاء الأعلى يفاخر بأنه استطاع إخضاع بعض القضاة وأعضاء النيابة العامة الفاسدين للمساءلة القانونية خلال العام الماضي، وهذا لو تحقق فعلاً فهو مبعث للفخر لدى أي مواطن ، لأن كل ضربة للفاسدين في مؤسسة العدالة تثمر خطوة للتقدم على إصلاح القضاء . بعض القضاة يبالغ في تقدير مستوى أداء القضاء في مجال إنجاز القضايا وتحقيق العدل، وكأن البلاد صارت خالية من المظالم، سوى ظلم الحسان والعيون التي في طرفها حور . الانخفاض في فترة أو مدة التقاضي وعدم التطويل في الإجراءات مكسب جيد ، وكون أن هناك ارتفاعاً في عدد القضايا المنظورة والمحكوم فيها فهذا أيضاً إنجاز .. لكن مجلس القضاء يتجاهل قضية مهمة وهي أن رؤساء وأعضاء المحاكم والنيابات وحتى مجلس القضاء نفسه لا ينحصر دورهم في الجلوس في مكاتبهم وتلقي الشكاوى والنظر فيها وإصدار قرارات أو أوامر وأحكام بشأنها، فدور القضاة وأعضاء النيابة العامة يتعلق بالعدل الذي هو أساس الحكم فهم ليسوا كأي موظف في أي وزارة أو هيئة عامة . إن القاضي أو رئيس النيابة أو وكيلها عندما يقرأ أو يسمع أو يصل إليه خبر أو علم بأي وسيلة من وسائل التلقي عن مواطن عذب أو سجن بطريقة غير قانونية أو ظل في السجن بعد انتهاء فترة العقوبة، أو أي نوع آخر من الانتهاكات كان لحقوق الإنسان أو المخالفات القانونية، يجدر به أن يتصرف كرجل معني بضمان العدالة وحماية حقوق الإنسان، وأن يقوم فوراً بما يقوم به أي رجل قضاء في العالم، يترك مكتبه ويذهب إلى السجن أوإلى قسم الشرطة أو إلى أي مكان آخر يعلم أن فيه مواطناً يشكو من تعسف أو ظلم، وأن لا يخشى مصدر التعسف أو الظلم أو مرتكب الانتهاك . لماذا يجلس قاض في مكتبه أو بيته يقرأ في صحيفة أن مواطناً لم يفرج عنه، رغم أنه قد أمضى عقوبة الحبس القانونية قبل سنة أو خمس سنوات، بينما القانون يعطي للقاضي أو رئيس أو وكيل النيابة الحق في الذهاب إلى ذلك السجن والأمر بالإفراج عن هذا المواطن الذي في السجن رغم انتهاء الفترة القانونية لحبسه؟