أعرف رجالا في زمني كنت ألقاهم عقلاء و(ملو هدومهم) اليوم أراهم كلما خرجت من منزلي في جولة من جولاتي في مدينة كريتر التي أحببتها وأحبها رغم ما شابها من عبث العابثين فتحولت إلى مدينة لا تسمع فيها ولا ترى إلا وجوهاً عابسة أو وجوهاً لا تحفل بشيء..
فمن الوجوه العابسة البائسة رأيت رجالاً يهشهشون الذباب ويحدثون أنفسهم أحيانا..
عندما اقتربت من أحدهم وأردت أن أسأله عن الحالة المزرية التي هو عليها وهو الذي عرفته نظيفا وحريصا على نظافة مظهره، نظر إلي في البدء نظرة فيها الريبة وكأنه لايعرفني، وعندما تقدمت منه أكثر وعرفته على نفسي قال وكأنما عادت إليه ذاكرته أوه أأنت فلان الصديق الذي كنا نجلس وإياك في مطعم المجد أيام الراحلين : حامد جامع ود.عبد الرحمن عبد الله وعمر الجاوي ؟! قلت : نعم أولم تعرفني؟ سألني وأين كنت.. صار لك زمن لم نرك فيه.
قلت نعم منذ مايقرب من اثني عشر عاما وأنا في مصر، وقد عدت منذ ثلاثة أشهر ولدي إحساس أن عدن ليست كما ينبغي أن تكون وكما كنا نطمح ونحلم.
قال لي: يا أستاذ الطموح شيء والواقع اليوم شيء آخر
فأعداء الانتقالي يضيقون الخناق عليه منذ أن تسلم زمام الأمور فيما هو تارك الأمور تسير بالسهالة وعلى طريقة لاتكن صلبا فتكسر ولا لينا فتعطف.
سألته : وهل هذا الأسلوب في رأيك مُجدٍ في مرحلة يعيشها شعبنا كهذه التي يحياها اليوم؟
قال لا بالعكس وأظن أن مثل هذا الأسلوب هو الذي اوصل البلاد وأهلها إلى ماتراه من تردٍّ..
فلا كهرباء ولا ماء ولا معيشة كريمة، بمعنى آخر معظم مقومات الحياه منعدمة لدى البعض ومتوافرة لدى البعض ممن هم في السلطة هذا ما لا أقوله أنا وحدي وما لا أراه بل ما يقوله وما يراه الكل.. فالفساد مستشرٍ في كل إدارات الدولة للأسف.
سألته : هل تعني أن الفساد يشكل صعوبة في وجه أي محاولة للإصلاح؟
رد صاحبي: نعم ياصديقي الفساد في جنوبنا الحبيب لم يعد أمرا خافيا على أحد باعتبار أن الكل يتحدث عنه حتى أن صحيفتي اكتوبر اليومية بالإضافة إلى الأمناء الكثيرة التعاطف مع أولي الأمر مثلا لطالما أثارتاه ونددتا بممارسته.
قلت عرفت هذا بل ووجدت تفسيرا واضحا له على الحالة التي أراها ترتسم على وجوه الناس هنا وعلى الأوضاع البائسة في عدن.
هكذا انتهى بيني وبين صاحبي اللقاء.
وخلاصة القول وبعد كل ما سبق أنا أرى كمواطن مخلص للبلد ولعدن وأهلها الطيبين أن على الإخوة المسؤولين عن الجنوب إن أرادوا إصلاح الأوضاع في عدن أن يحزموا أمورهم ويواجهوا منابع الفساد ومصادره ليقطعوا دابره ويعملوا على القيام بوضع تدابير لوضع مداميك مؤسسية دولة على أي نحو ما لم فلا فائدة ولا جدوى لأية تدابير جزئية مهدئة أخرى قادمة على الإطلاق لأن الوضع سيظل سائرا من السيئ إلى الأسوأ..
والأمر كله بيد الإخوة المسؤولين عن أمور عدن وعن الجنوب وأهله.