وبالتالي كان لابد من ان تدور عجلة مكافحة الفساد، حتى تحرر مفاصل تلك المؤسسات، لتتمكن من اداء دورها، وخاصة المؤسسات الاقتصادية التي تعطلت بفعل الفساد، مما اوقف الانتاج، وبالتالي توقفت شرايين الضخ المالي لوعاء البنك المركزي، الممول الرئيسي لكل بنود الصرف، من رواتب و تنمية اقتصادية وسياسية، ودعم حقيقي للريال اليمني امام العملات الاجنبية، يقابله دعم اقتصادي ومعيشي لتحسين معيشة الناس وتحقيق الرفاهية للمجتمع.
ولكي تدور عجلة مكافحة الفساد، لابد من التوافق على تهدئة الازمة السياسية، ونزع فتيل المشاحنات والصراع، فكلما اشتدت واستفحلت الازمة بين شركاء العمل السياسي، وجد المنتفعون والفاسدون مجالات للتغلغل بين تلك الاطراف، للسيطرة على مفاصل الدخل العام والايرادات، للاستئثار بها ونهب نسبة كبيرة منها، لتذهب نسبة ضئيلة لتغذي الخزينة العامة( البنك المركزي) والنسبة الاكبر توزع بينهما، حتى صاروا اثرياء في زمن جاع فيه الناس، و قادة على شعب مغلوب على امره، و عبئا على الوطن والمواطن، والشعب يعرفهم من سيماهم(كروشهم) من اثر البذخ.
الاختلاف لا يفسد للود قضية، وقضيتنا اليوم هي مكافحة الفساد، بعد ان شهدنا دوران عجلتها وان كان ببطء، فعلينا تشجيع هذا الدوران ليتسارع ليطول كل هوامير الفساد، من رأس السلطة حتى اصغر موظف وسياسي.
ولن يتضرر من دوران عجلة مكافحة الفساد الا الفاسدون، ولكي يستمر فسادهم، فعليهم تأجيج الازمة السياسية، والتحشيد والتحريض( مع وضد) ليجدوا مبررات بقائهم مسيطرين على مفاصل المؤسسات.
وما نحتاجه اليوم هو ثورة شعبية، طاهرة ونظيفة من الانتماءات الضيقة مناطقية طائفية ايديولوجية، ثورة وعي الجماهير بمصالحها، والحذر من ان تتحول تلك الجماهير لمجرد حشود تسهم في بقاء الفساد والفاسدين، جماهير مرت بتجارب مريرة تستطيع تمييز الفاسدين مهما حاولوا التخفي خلف مشاريع، وتوزعوا بين مفاصل الدولة وبين شركاء العمل السياسي، تراهم مختلفين، وهم في الحقيقة متفقون على توزيع الادوار في ما بينهم، شركاء في النهب والبسط والانتهاكات، والمواطن والوطن هما الضحية.
مكافحة الفساد تحتاج لتفعيل دور الرقابة والمحاسبة، القضاء والنيابة، وهي مؤسسات تستلهم قوتها من القانون، اذا ما وجد رأي عام واعٍ وجماهير تواقة لمكافحة الفساد، تدرك مصالحها وتطلعاتها واحلامها، ستشكل قوة في مواجهة كل فاسد ومفسد وكل ارهابي منتهك لحقوق الناس وكرامتهم، جبهة فيها كل المخلصين والشرفاء ورجال النزاهة، يتقدمون التصدي للفساد والانتهاكات.
نحتاج الى وعي يحرر العقل من التعصبات الصغيرة، مناطقية طائفية عقائدية وحزبية، تلك التعصبات التي يجد من خلالها الفاسدون حشودهم ويحتمون خلف شعارات كاذبة، لا امان بالفاسدين، فاحذروهم وان كانوا اشد قربا اليكم، انانيتهم تفوق التصور وجشعهم لا حدود له، ايمانهم بمصالحهم، مرض سرطاني يتغلغل في جسد الدولة ومؤسساتها، يضعفها ويقتل همتها، ويعطل دورها في حماية حقوق الناس وتوفير الاستحقاقات الضرورية للحياة الكريمة، سرطان يحتاج الى ثورة لاستئصاله، ثورة تطهر الدولة من خبائث الفساد والانتهاكات لتتعافى ويتعافى الوطن.