الأدب اليمني المعاصر 1-2
[c1](لطفي أمان أنموذجـاً) [/c]منذ أن عبرنا أفق الرؤيا الإبداعية The Creativ Vision في الأدب العربي الحديث، ونحن ندرج في الاسئلة المحيرة: ترى هل مازلنا نرمح بأدبنا اليمني من قديم، فنعثر بآلات الزمن ولانصل كالآخرين ..؟ هل مازال اليمن باقياً على عهده في كل شيء من مظاهر العجز فيما حفظته لنا ذاكرة الشمس ، وأظهر ما يكون هذا في الأدب ؟ .. اليمن التي قذفت بفلذات اكبادها تضرب على أكباد الابل ، وتمخر عباب البحار ، وتمشط الأرض بالطول والعرض، حتى لقيت قرني الشمس فألقت بظلالها من شعراء ورواة اخبار وفرسان حروب خلف كل شعاع من خيوط الشمس ذات اليمين وذات الشمال ! .. فهل فرغت من الأدب في هذا العصر حتى لنبدو مغيبين في أجندات الأدب العربي ؟من هذا المدخل نلج إلى "الأدب في اليمن" وقد لعب دوره عبر خطوط عصر النهضة كأحسن ما يكون الأدب ، غير أن دوائر الأدب العربي ، ومعها صحف الوطن الكبير كانت قد اغمضت جفونها عن التقاط ملامحه واضاءته ، والوقوف على نماذجه الفذة وأهم رموزه في هذا العصر وهي تحاول النفاذ إلى العالم لتندرج ضمن الانتلجنسيا Intelligentsia الثقافية العربية .والحقيقة التي نظهر بها للرد على اسئلة العصر ، كانت قد ظهرت عشية تفجر الأجوبة الكبيرة اواخر القرن "19" واوائل القرن العشرين عن جمود الأدب العربي، وامام التحديات التي يفرضها العصر بما حمل الينا من آليات وافكار للحوار ، ولتجسيد حركة الروح العربية حسب متطلبات العصر الحديث ، ولتجديد الخطاب النقدي ولارتياد مناطق مجهولة في الأدب .. وبما حمل إلينا مع كل تلك المعطيات من ثمار "المعرفة عند العرب" لنتصل بما انقطع من خطوط النهايات .وكان عصرنا هذا قد استهل عند مفتتحه بترجمة الآداب الأجنبية وفيها منفسح للرواية والقصة والشعر واعمال المسرح الكلاسيكي لعصر النهضة الاوروبية الحديثة .. حتى اذا استوى القوس ولم يبق فيه إلا من منزع وقد شارف عصرنا على نهاية النصف الأول من القرن العشرين ، كانت عدن تلج هذا الميدان لتطلق سهامها في جميع الاتجاهات ، ولتعود إلينا بقيم عصر النهضة الأدبية الحديثة مما تضامنت عليه ثقافة الغرب بدءاً بالمكتسب الشعري الجديد الذي نما ـ في هذا التواصل ـ عن مفهوم الحداثة في الغرب ، وأكبر الممثلين لهذا الاتجاه : ت ـ س ـ إليوت " T . S .Eliot" وإزرا باوند Ezra Pound اللذان مثلا تيار ما بعد الحرب .وهذا هو لطفي جعفر أمان يقف إلى جوار علي محمد لقمان عميد الكلاسيكية الجديدة في مدرسة الاحياء لعصر النهضة في اليمن ، وعبدالله فاضل فارع ممثل التيار الواقعي في ارهاصاته المبكرة وأول من شق عصا الرومانسية ..وكان لطفي أمان شاعراً عميق الفكر والنظر ، بعيد الرؤية ، وقد تمحص تلك الرؤيا الابداعية الحديثة بما تحمل من ابعاد لعصر النهضة من خلال اطلالته على أدب الغرب وخصوصاً شعر هذا العصر ومن نماذجه :O Lip, curved highTo mind me of some urn full of delightوماكان هذا شعر لطفي وقد عرفنا فيه إزرا باوند .. وإنما هذا هو عند الترجمة:باحسنها من شفة تقوست لأعلى. كأنها بلذتي رحيق تملى وفي هذه الابيات الاخرى للشاعر T. S. Eliot Red Sails Wide,To leewardSwing on the heavy sparوقد ترجمها لطفي شعراً هكذا :[c1]أيتها الأشرعة العريضة الحمراء تحدو بها في سيرها الرياح والأنواء تأرجحي فللصواري قوة قعساء [/c]وغير هذا كثير مما ترجم لطفي أمان عن الأدب الغربي، واستشعره بحاسته النقدية التي تضرب في دهاليز شعر هذا العصر، بما لم تتفتح به قرائح الشعراء العرب إلا اليسير منها عند مفتتح النصف الثاني من قرن القمر وفضاء النص الشعري.انظر في هذا المثال :The weary day turned to her rest Lingering Like unloved Guest ويترجم لطفي البيتين ترجمة نثرية فنية وأي نثر فني .. انظر :[c1]وتراخى النهار المنهوك ليخلد للسكونثقيلاً بطيئاً كضيف بغيض ..!![/c]ويشرح لنا لطفي :(ان الشعر الممتاز بوجه عام لا يعمل تأثيراته في النفوس بأساليب مباشرة جامدة أي بصور سطحية باهرة الألوان ، إلا في اطوار خاصة حين يهدف الشاعر مثلاً إلى نقد الأوضاع بأسلوب فكاهي لاذع .. وانما ينجم التأثير العميق من الشعر الجيد عن ندرته ووحدته التعبيرية وأضوائه السابحة في الظلال وصوره الشفافة العميقة) .ويورد مثالين لذلك مضادين في تأثيرهما الأول Are those her soils that glance in the sun Like restless gossamers [c1]ويترجمه :أتلك أشرعتها التي ترمق الشمس في وضح النهاركزف النبات الطافي بلا قرار [/c]والمثال الثاني :With heavy thump, a lifeless dumpThey droppedDown one by one [c1]ويترجمه :بهدة ثقيلة ككتلة مجمدةانطرحوا واحداً .. واحداً ..![/c]ويذهب في شرحه لهذين المثالين إلى الدقة المتناهية ففي المثال الأول " خاصية حريرية توحي برقة نسيج تلك الاشياء التي ذكرها الشاعر" .. وفي المثال الثاني " فالألفاظ توحي بسكون الفناء وجمود الثقل .. وهمود الحركة " .. ويمضي لطفي على هذا النحو يبين لنا خاصية تلك الأشياء وهو كيف ان الصور المحسوسة تكاد تتلاشى إزاء هذه الإيحاءات .