فتصريح الحوثي الاخير الذي هدد فيه بمحاصرة صنعاء ما لم يقم الرئيس هادي بإجراء تشكيل حكومي جديد بمشاركة الحوثيين ، ذكرني بحصار السبعين يوماً الذي فرضته القوات الملكية على الجمهوريين المتحصنين بصنعاء والذي فرض لاحقا السلاح ليكون الحكم بين الملكيين والجمهوريين ، وأسقطت كل الاصوات التي تدعو للحوار والتفاوض ، ومعه سقط الملكيون سقوطا ذريعا في 28 من فبراير 1968م بإرادة القيادة والشعب ، وكان لهذا السقوط الاثر الاكبر على مصير و مستقبل اليمن.
وإن اختلفت الوسائل في الحصارين يبقى الهدف واحداً وهو إسقاط الجمهورية ، وبسقوطها يسقط النهج الديمقراطي والوحدة ومخرجات الحوار، وتمرغ أجسادنا ورؤوسنا في وحل الدم لأجل إعادة الحكم الملكي المتفرد ، معلنين فشل لغة الحكمة والحوار ونجاح لغة الجهل والقوة والسلاح ، مستغلين حلم القيادة السياسية في عدم الخوض بحرب مهلكة ستأكل معها الأخضر واليابس وخاصة ونحن في وضع اقتصادي وسياسي معقد وصعب ، ولكنهم هكذا هم وبسبب جهلهم وغطرستهم تناسوا أنهم خاضوا حواراً ألزمهم تسليم أسلحتهم المتوسطة والثقيلة ومن ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك بها كل القوى الجديدة من حراك جنوبي وأنصار الله وشباب ونساء مستقلين وقوى سياسية أخرى .
ما يبديه زعيم الحركة الحوثية من تعاطف مع الشعب لإيقاف قرار الجرعة ما هو إلا فرصة لتلميع صورته وصورة الحركة بعد تورطهم المشين بدماء الابرياء والعزل في عمران والجوف وقبلها دماج، وفرصة لإسقاط الرئيس هادي ومشروع الشعب اليمني في بناء اليمن الاتحادي الجديد.
ولأن الرئيس الهادي رفض الحرب مع القوى المشاركة في مؤتمر الحوار منذ توليه مقاليد الحكم، ووقف ضد أي قوى مناهضة للتسوية السياسية ومعرقلة لمخرجات الحوار بلغة التفاوض والحوار لحل الازمات ، فإن الحركة الحوثية المتمردة والتي تعودت الحرب لم تقبل بذلك فهي بكل خبث تتاجر بمطالبنا كشعب فلا يكفيها ما حدث من قتل إلى الآن ولا يكفيها ما حدث من تشريد ونزوح ليمنيين عزل بلغوا حوالي 120 الف نازح ، ولكنها تريد قتلنا وتشريدنا جميعا فإما أن يستجيب الرئيس هادي لابتزازهم وإما ان نقتل جميعا .
ان هذا التحدي السافر للحوثية سيؤدي إلى فقدانها شرعية أية مطالب سياسية وإفراغها من أي مضامين شعبية ، وسيجعل الحوار في مهب الريح ، ونحن على يقين بأن القيادة السياسية لن تسمح لجماعة الحوثي المسلحة أن تبدد أحلامنا وتلعب على أوتار حاجاتنا وزجنا في حرب سابعة ، وعلينا جميعا ان نقطع الطريق أمام الدعوات لاستدعاء الشعب برمته ضد قيادتنا الحكيمة مستثيرة حاجاتنا الانسانية ،وإعطاء الفرصة لسن دستور يمني اتحادي عادل يضمن لنا جميعا حياة كريمة عادلة وقوانين تسمح بالاختلاف البناء، وإعادة صياغة الوحدة على أسس الشراكة في السلطة والثروة وإعطاء الانسان اليمني قيمته الحقيقية ، ليس ذلك فحسب بل السماح للإصلاحات الشاملة مهما كانت مرارتها بأن تنفد لأنها البوابة الوحيدة للولوج في صناعة المستقبل الافضل لليمنيين.