في عام 1950م كانت الدورة الرابعة بعد أن انقطعت مدة اثني عشر عاماً بسبب الحرب العالمية الثانية كما ذكرنا، وحدثت بضخامة في البرازيل، ولكن موعد البرازيل مع الكأس لم يكن مُـقدَّراً حيث فاز به الأوروغواي، وقد سلَّـم جول ريميه الكأس الذي كان يُسمى باسمه حينذاك بنفسه، بعد أن اضطر للنزول إلى أرض الملعب والبحث عن كابتن الفريق الفائز.
تلك أعوام ماضية قد خلت، لنعود إلى عامنا هذا، فبعد أن فازت البرازيل باستضافة مونديال كأس العالم لكرة القدم في عام 2014م الجاري بالتزكية، بسبب أنه لم يتقدَّم سواها من دول أميركا الجنوبية.. تُرى هل تورَّطت بلاد السامبا في ذلك؟
في بادئ الأمر، اجتاحت موجة من الغضب أطلقها السياح ومُحبو كرة القدم، إثر ارتفاع كلفة الفنادق في البرازيل بنسبة تصل إلى 500 % بسبب مونديال كأس العالم.
وهو ما دفع بالمجلس السياحي البرازيلي لمخاطبة الإتحاد الدولي لكرة القدم « الفيفا «للتدخل السريع من أجل تخفيض أسعار الغرف الفندقية، خشية تأثير تلك التكاليف على سمعة جمهورية البرازيل الإتحادية، وقطاع السياحة فيها، بعد انتهاء المونديال العالمي.
كما شهدت المدن البرازيلية حركة احتجاجات شعبية واسعة خلال شهر يونيو من العام 2013م الماضي، بدأتها حركة تُطلق على نفسها اسم ( تذكرة مجانية ) وهي كيان محلي يُـنادي بمجانية أجور النقل العام، وقد اتسعت هذه الاحتجاجات حتى شارك فيها أكثر من مليون متظاهر في أكثر من 100 مدينة على مستوى البرازيل.
ففي بلد مثل البرازيل الذي يُـعد أكبر دولة في أمريكا اللاتينية، فإنه يهتم اقتصادياً، وسياحياً لما بعد استضافة المونديال الجماهيري الكبير، فالبرازيل هي خامس أكبر دولة في العالم، سواء من حيث المساحة الجغرافية أو عدد السكان، وهي أكبر البلدان الناطقة باللغة البرتغالية في العالم، والوحيدة في الأميركيتين.
فيما اندلعت شرارة تلك الاحتجاجات بسبب تخصيص أكثر من 26 مليار دولار من خزينة البرازيل للإنفاق على تجهيزات الملاعب والفنادق، والبنية التحتية لاستضافة مونديال كأس العالم لكرة القدم 2014م، وكذلك دورة الألعاب الأولمبية عام 2016م، اللذين ستستضيفهما البرازيل، إضافة إلى ذلك زيادة أجور النقل العام، ومترو الأنفاق.
وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة البرازيلية العديد من الإجراءات، وقطعت على نفسها الوعود لامتصاص غضب الشارع، إلا أن تلك الوعود قوبلت بالتشكيك من المتظاهرين.
ولكن هل تستحق البرازيل كل هذا العنف الشعبي تجاه الاستعدادات الضخمة لإقامة المونديال؟
إن التاريخ الرياضي الحافل للعملاق الأميركي الجنوبي ممتلئ بالإنجازات الحصرية لأكثر شعب يُـحب كرة القدم من بين شعوب العالم.
فقد فازت البرازيل بكأس العالم لكرة القدم خمس مرات.
ففي السويد عام 1958م، شهدت ظهور الأسطورة بيليه وكان عمره آنذاك 17 عاماً تقريبا، حيث فازت البرازيل على السويد بخمسة مقابل اثنين.
وفي مونديال عام 1962م الذي أُقيم في تشيلي فازت البرازيل على تشيكوسلوفاكيا ثلاثة أهداف لواحد.
لكن الحدث البارز في العام 1970م هو احتفاظ البرازيل لكأس جول ريميه للأبد، الذي تغير بعد ذلك اسمه إلى كأس العالم، وذلك عندما استضافت المكسيك لذلك الحدث الكبير، وكانت المرة الثالثة التي تفوز فيها البرازيل باللقب، وقد أحرزت الفوز على إيطاليا أربعة× واحد. وفي الولايات المتحدة الأميركية فازت البرازيل بأربعة أهداف لها على إيطاليا مقابل ثلاثة أهداف بضربات الترجيح، وكان ذلك في العام 1994م.
وفي النسخة السابعة عشر التي أُقيمت باليابان وكوريا الجنوبية من العام 2002م، نالت البرازيل الفوز في لقاءات البطولة السبعة دون تعادل أو هزيمة محققة النصر على ألمانيا اثنين × صفر.
فهل كل تلك الإنجازات الرياضية، سَـتُـعطي دفعة معنوية للبرازيل في الإعداد الأمثل لاستضافة المونديال، دون أن تؤثر بالسلب على أبناء السامبا؟