إن الشاب لا يُـمكن أن ينهض ويتميز ما لم يعمل على إثبات ذاته بناء على إبداعاته وما يحققه من إنجازات، ومما ينبغي معرفته أن الإبداع حقٌ للجميع لا يقتصر على أصحاب الدراسات والشهادات، ولا يختلف من تخصص لآخر.
ولأن محاولة إثبات الذات لا تكون إلا بإحداث تفوق فعلي في الواقع، وليس بمجرد الصراخ بأفضلية الذات، كما لا يُـمكن أن يكون بالتقليد الأعمى والسير خلف السراب، ووراء الأوهام، بيد أنه من الضروري معرفة الوسائل التي تُـعيْـن الشاب على إثبات ذاته بطريقة صحيحة تجعل له مكانته التي يسعى إليها.
القدوة لا بد منها
يحتاج الشاب في تحقيق ذاته إلى بعض الشخصيات الناجحة المتميزة ليحتذي بها ويقتدي بها على أن تكون تلك الشخصيات عندها روح الانتماء للدين والأصل، ولا تكون تابعة لغيرها ومقلدة لسواها، إذ أن مثل هذه الشخصية لم تستطع تحقيق ذاتها، فلا يمكن للشاب الاستفادة منها في هذا الأمر، ففاقد الشيء لا يعطيه.
وقضية الشخصية المتميزة التي يبحث عنها الشاب لتكون مثالاً له لا بد أن تكون في الحقيقة كذلك، فليس مجرد الشهرة الزائفة، خاصة تلك التي يساعد الإعلام في نشرها على أنها الشخصية المثالية، بل قد تكون من الشخصيات التي تهدم.
البعد عن الأوهام
وأنت تسعى لإثبات الذات لا بد أن تفتش عن مواهبك وميولك، فإن هذا هو بداية الطريق لتحقيق الذات، إذ كيف يُـمكن للشاب أن يثبت نفسه في مجتمع من المجتمعات ويتميز به دون امتلاك مواهب متميزة تؤهله لذلك، وعندما يحدد الشاب ميوله ومواهبه، ويربط ذلك يما يسعى إليه وما يطمح لتحقيقه بما يتوافق مع تلك المواهب، عند ذلك يبدأ طريق السعي والعمل والجد والاجتهاد للوصول إلى الغاية، وليبعد عنه أحلام اليقظة فإنها سراب خادع لا يُـحقق نجاحاً ولا يثبت ذاتاً.
الشهادات ليست كل شيء
يظن كثير من الشباب أن إثبات الذات لا يتحقق إلا عن طريق تحصيل الشهادات، وكلما كانت تلك الشهادات ذات مكانة في المجتمع، ولها نظرة خاصة فيها، كان تحقيق الذات بها أكثر وأسرع، وكلما حمل الشاب معها أوراقاً ودورات كلما ارتقى في سلم تحقيق الذات، والحقيقة أن هذا الأمر ليس بصحيح، فليست الشهادات هي التي تحقق ذات الشاب، وليست الدورات هي التي ترفع من قيمته، بل الأمر خلاف ذلك، فقد يحقق الشاب ذاته وينجح في حياته من خلال عمل معين يجيده ويتقنه، أو مشروع ينشئه ويديره، أو غير ذلك من الأمور، ولست هنا أُقلِّـل من أهمية التعليم والحصول على الشهادات، ولكن أريد أن أقول إنها ليست كل شيء، فحتى لو لم يتيسر للشاب فرصة الحصول عليها، فبإمكانه تحقيق ذاته بالعمل الجاد البنَّـاء المدروس، ولعل ما هو معلوم أن بيل جيتس المؤسس المشارك لشركة ( مايكروسوفت ) ليس معه إلا شهادة متوسطة، بل إنه ترك دراسته في كلية الهندسة وهو بالمستوى الثالث، ليفتح هذه الشركة التي وجد أنها تثبت ذاته، ولا عجب أن أصبح بعد فترة صاحب أكبر شركة حاسوب عالمياً، وتبوأ مرتبة أغنى رجل في العالم في عامنا الجاري 2014م حيث بلغت ثروته 76 مليار دولار طِـبْـقاً لما أوردته قائمة فوربس السنوية لأثرياء العالم، وكما قلت فليس هذا مما يدعو إلى ترك التعلُّـم ومواصلة الدراسة، ولكن هو مثال على أن النجاح والتميز وإثبات الذات لا يتوقف على ذلك.
فأعمالنا تُـحدِّدنا بقدر ما نُـحدِّد أعمالنا، وهذا ما عمله ضيف المقالة ( بيل جيتس ) عندما رسم هدفه باحتراف، وعَـلِـم ما يُـريد، ومن لم يفشل، لن يعمل بِـجـِد، بل ولن يُـحقق النجاح في حياته.
وما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح.