إن الترويج للقانون الجديد، الذى حمل رقم 11 لسنة 2013، بوصفه استجابة لمطالب ثورة 25 يناير بالعدالة الاجتماعية، هو في جوهره أشرس قانون ضرائب على الدخل عرفته البشرية في التاريخ الحديث والمعاصر، لأنه في الحقيقة يعتصر الطبقة المتوسطة وينهب كل ما يمكن أن تدخره -إذا ادخرت- بل يتجاوز ذلك إلى سرقة ربع الدخل السنوي للأسر المستورة بالكاد لحساب خزانة الدولة.
لقد بذل وزير المالية الأسبق، يوسف بطرس غالي، جهداً خارقاً لتمرير هذا القانون، تنفيذاً لشروط صندوق النقد الدولي والدول الدائنة لمصر، ولكن القوى السياسية الواعية، ومن بينها أعضاء كثيرون في الحزب الوطني، وقفوا قبل الثورة ضد هذا القانون، وكشفوا للرأي العام حقيقة الأعباء الرهيبة التي يضيفها إلى كاهل الطبقة المتوسطة، في مقابل تخفيف الضرائب عن الفئة الأكثر ثراءً التي نهبت موارد الشعب، وها نحن بعد أكثر من عامين من ثورة الشعب على نظام مبارك بسبب غياب العدالة الاجتماعية، نصحو على تمرير القانون ذاته بواسطة «الإخوان» تنفيذاً لمطالب صندوق النقد الذي يعمل لحساب الدول والفئات الأكثر ثراءً وتوحشاً.
إن حفلة الزار الإخوانية التي تتغذى دائماً على الكذب والتضليل لا يعنيها من أمر الشعب المصري شيئاً، وكل ما تصبو إليه أن يحظى حكم الإخوان برضا صندوق النقد الذي اشترط تخفيف عجز الموازنة الجديدة للموافقة على منح مصر قرضاً قيمته 4٫8 مليار دولار.
وقد سارع الإخوان -كعادتهم- بالموافقة وإقرار القانون الكارثي الذى يهدد كل الطبقة المتوسطة بمزيد من الفقر والجوع وخراب البيوت.
لقد تباهى الإخوان برفع حد الإعفاء الضريبي على الدخل من 5 آلاف جنيه فى القانون القديم إلى 12 ألف جنيه في القانون الجديد، ولكن لموظفي الدولة فقط، وهى مباهاة تستغفل الشعب كله وتصرف انتباهه عن بقية مواد القانون التي تنهب 15 ٪ ضريبة من كل مواطن يزيد دخله السنوي على 20 ألف جنيه، و20 ٪ ممن يزيد دخله السنوي على 40 ألف جنيه، ويصل إلى 250 ألف جنيه، والمعروف أن كل فئات الطبقة المتوسطة تقع ضمن هاتين الشريحتين، كما أن المعروف أن أسرة مصرية تعيش بدخل سنوي يقل عن مائة ألف جنيه هي أسرة تلامس حدود الستر بالكاد، ولا يمكن اعتبارها أسرة ميسورة يجب عليها دفع ضريبة دخل، ولكنها- في الواقع- تتعرض لمذلة تخفيض مستوى المعيشة لكي تنجو بأفرادها من مهانة التسول والاستدانة.
هل يعرف «الإخوان الكاذبون» أن حد الإعفاء الضريبي على الدخل قبل ثورة يوليو 1952 كان يصل إلى ألف جنيه في العام؟.. وهل يعرفون أن الألف جنيه آنذاك كانت تساوي «225 جنيه ذهب».. أي أنها بحساب هذا الزمن تساوى 400 ألف جنيه مصري؟
المؤكد أنكم تستوي لديكم المعرفة وانعدامها.. والمؤكد أيضاً أن هذا الشعب لن يصبر كثيراً على هذا النهب الذى لم يجرؤ حتى الاستعمار على اقترافه في حق المصريين.. وقريباً جداً سنصحو على ثورة جديدة تطهر البلد من هذا الاستحلال الكافر لأموالنا.