مصير محادثات وقف إطلاق النار بات موضع تساؤل ورئيس الإمارات في الدوحة للتضامن




واشنطن / الدوحة / 14 أكتوبر / متابعات:
قال السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة بعد هجوم في قطر، إنه لو لم تقتل إسرائيل قادة حركة "حماس" في الغارة الجوية أمس الثلاثاء، فستنجح في المرة المقبلة.
وأثارت الغارة مخاوف من أنها قد تُقوض جهود التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة.
وقال السفير يحيئيل لايتر لبرنامج "سبيشل ريبورت" على قناة "فوكس نيوز"، في وقت متأخر من أمس الثلاثاء، "في الوقت الحالي، قد نتعرض لبعض الانتقادات. سيتجاوزون الأمر. وإسرائيل تتغير للأفضل".
وأضاف "المنطقة تتغير إلى الأفضل بينما نقضي على قدرة أعداء السلام وأعداء الحضارة الغربية على ممارسة الإرهاب".
وحاولت إسرائيل قتل الزعماء السياسيين لحركة "حماس" بهجومها في العاصمة القطرية الدوحة أمس الثلاثاء، لتصعد بذلك عملها العسكري في الشرق الأوسط، في ما وصفته الولايات المتحدة بأنه هجوم أحادي الجانب لا يخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية.
واكتسبت العملية حساسية خاصة لأن قطر تستضيف مفاوضات تهدف إلى وقف إطلاق النار في حرب غزة المستعرة منذ نحو عامين.
وقال لايتر "إذا لم ننل منهم هذه المرة، فسننال منهم في المرة المقبلة".
وقالت "حماس" إن خمسة من أعضائها قُتلوا في الهجوم، من بينهم نجل رئيس الحركة في غزة وكبير مفاوضيها خليل الحية. وقال عضو المكتب السياسي لـ"حماس" سهيل الهندي، لقناة "الجزيرة"، إن القيادة العليا للحركة نجت من الهجوم.
وأوضح مسؤول إسرائيلي كبير اليوم الأربعاء، أن التفاؤل حيال نتائج الضربة تحول إلى شك. وأضاف أن حقيقة مرور ساعات طويلة من دون نتيجة واضحة أمر مثير للقلق، بخاصة في بلد يسوده النظام مثل قطر.
وقالت قطر، التي أفادت بأن أحد أفراد قواتها الأمنية قُتل في الهجوم، إن العملية الإسرائيلية غادرة، وإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمارس "إرهاب دولة".
وأوضح رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثان، أن الغارة الجوية تهدد بعرقلة محادثات السلام التي تتوسط فيها قطر، مع مصر والولايات المتحدة، بين "حماس" وإسرائيل.
وجاءت الغارة الجوية في أعقاب تحذير إسرائيل للفلسطينيين بمغادرة مدينة غزة، التي كانت تضم قبل الحرب نحو مليون نسمة، في الوقت الذي تحاول تدمير ما تبقى من حركة "حماس".
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه "مستاء جداً" من الضربة الإسرائيلية.

ولدى سؤاله عن تأثير الضربة على مفاوضات وقف إطلاق النار، قال سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل مايك هاكابي لـ"رويترز"، "الإجابة الصريحة هي أننا لا نعلم. (حماس) رفضت كل شيء حتى الآن. يرفضون باستمرار كل عرض يطرح على الطاولة".
وكرر موقف الولايات المتحدة وإسرائيل بضرورة "رحيل" مسلحي "حماس" وألا يكون لهم أي مستقبل في إدارة قطاع غزة.
ويوم السبت قالت حركة "حماس"، التي تدير قطاع غزة منذ نحو عقدين، إنها ستطلق سراح كل الرهائن إذا وافقت إسرائيل على إنهاء الحرب وسحب قواتها.
ويسعى نتنياهو إلى إبرام اتفاق "كل شيء أو لا شيء"، الذي يتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن دفعة واحدة واستسلام "حماس".
وتحدى نتنياهو تنديداً دولياً بعمليات مماثلة للضربة على الدوحة، ووسع نطاق العمليات العسكرية في أنحاء الشرق الأوسط منذ قادت "حماس" هجوماً على إسرائيل في 2023.
وفي الدوحة، فتحت أغلب المدارس والشركات أبوابها كالمعتاد اليوم الأربعاء. وفي حي لقطيفية حيث وقع الهجوم، طوقت السلطات محطة للوقود وأغلقت المدارس فيه، كما أغلقت مدرسة الشويفات الدولية القريبة أبوابها، ولكنها طبقت حصصاً عبر الإنترنت.
وقال ترمب إنه يعتبر ضرب "حماس" هدفاً بالغ الأهمية، لكنه يشعر بالأسف من وقوع الهجمات في قطر الحليف القوي لواشنطن، والتي تستضيف شخصيات سياسية من حركة "حماس" منذ فترة طويلة.
وتستضيف قطر أيضاً قاعدة "العديد" الجوية، وهي أكبر منشأة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط.
وقتلت إسرائيل عديداً من قيادات "حماس" منذ بدء الحرب في 2023. وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن الهجوم الذي قادته الحركة على إسرائيل في أكتوبر 2023 أسفر عن مقتل 1200 من الجنود والمدنيين واحتجاز 251 رهينة.
وتقول السلطات الصحية في قطاع غزة، إن الحملة العسكرية الإسرائيلية قتلت حتى الآن أكثر من 64 ألفاً، وحولت القطاع إلى أنقاض، ودفعت به إلى أزمة إنسانية متفاقمة شهدت انتشاراً واسعاً للجوع الشديد مما تسبب في صدمة للعالم
من جهتها ذكرت وكالة أنباء الإمارات، أن رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وصل إلى قطر اليوم الأربعاء لإظهار التضامن معها، وذلك بعد يوم من شن إسرائيل غارة جوية استهدفت مسؤولين في حركة "حماس" في الدوحة.
وقال مسؤول مطلع لـ"رويترز"، إن من المتوقع أن يزور ولي العهد الأردني الأمير الحسين قطر اليوم، بينما من المتوقع أن يصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الدوحة غداً الخميس.
وأضاف المسؤول أن هذه الزيارات، التي لم تكن مخططة مسبقاً، تأتي تضامناً مع قطر في أعقاب الضربات الإسرائيلية.
وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، اليوم الأربعاء، إن الدولة العبرية لا تتصرف دائماً وفق ما يخدم مصالح حليفتها الولايات المتحدة، وذلك بعدما انتقدت واشنطن الضربات التي استهدفت قادة حركة "حماس" في قطر.
وقال دانون في لقاء مع إذاعة إسرائيلية، "نحن لا نتصرف دائماً وفق ما يخدم مصالح الولايات المتحدة، نحن ننسّق معهم، وهم يقدّمون لنا دعماً كبيراً، نقدّر ذلك، ولكن أحياناً نتخذ قرارات ونبلغ الولايات المتحدة بها لاحقاً"، وشدد على أن "الهجوم لم يستهدف قطر، بل كان هجوماً على ’حماس‘"، معتبراً أن "القرار كان صائباً".
في المقابل، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين اليوم الأربعاء إن المفوضية ستقترح فرض عقوبات على وزراء إسرائيليين متطرفين وتعليقاً جزئياً لاتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، ليستهدف المسائل المتعلقة بالتجارة. وأضافت فون دير لاين في تصريحات أدلت بها خلال خطاب حالة الاتحاد أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ أن المفوضية ستضع الدعم الثنائي لإسرائيل قيد التعليق دون التأثير على عمل المجتمع المدني الإسرائيلي ولا عمل "ياد فاشيم" وهو المركز الرئيس لذكرى المحرقة اليهودية (الهولوكوست) في إسرائيل.
واقترحت المفوضية سابقاً، الحد من استفادة إسرائيل من برنامجها الأساس لتمويل الأبحاث لكنها لم تفلح في حشد الدعم الكافي من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتنفيذ تلك الخطوة.

وقالت فون دير لاين إن المفوضية ستفعل حالياً ما بوسعها بمفردها، وأضافت أن المفوضية ستنشئ مجموعة مانحين للفلسطينيين أكتوبر المقبل، بما يشكل ذلك أداة لإعادة إعمار قطاع غزة.
في الموازاة، نددت روسيا اليوم بالهجوم الإسرائيلي على أعضاء "حماس" في الدوحة، وحثت جميع الأطراف على الامتناع عن أي أعمال من شأنها تصعيد الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
وقالت الخارجية الروسية في بيان، "تعد روسيا هذه الواقعة انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتعدياً على سيادة دولة مستقلة وسلامة أراضيها، وخطوة تؤدي إلى مزيد من التصعيد وزعزعة استقرار الوضع في الشرق الأوسط"، وأضافت أن "هذه الأساليب في محاربة من تعدهم إسرائيل أعداء ومعارضين لها تستحق أشد التنديدات".
من جهتها نددت وزارة الخارجية الصينية اليوم بالهجمات الإسرائيلية على الدوحة، مؤكدة معارضتها الشديدة لانتهاك إسرائيل لسيادة قطر، وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية لين جيان في مؤتمر صحافي دوري إن بكين تشعر بقلق بالغ إزاء التصعيد المحتمل الذي قد تؤدي إليه هذه الهجمات.
وكان الرئيس الأميركي قال إنه "ليس سعيداً" بالغارات الجوية الإسرائيلية على قطر، التي حاولت فيها إسرائيل قتل القادة السياسيين لحركة "حماس"، وأضاف في رد على سؤاله في شأن التطورات في الشرق الأوسط بأنه سيدلي بتصريح كامل عن ذلك في وقت لاحق من اليوم الأربعاء.
وأشار ترمب لصحافيين قبيل توجهه لتناول الطعام في مطعم بواشنطن "أنا ببساطة، لست سعيداً بالوضع برمته". وأضاف خلال هذه الجولة النادرة له في شوارع العاصمة الأميركية "نريد عودة الرهائن ولكننا لسنا سعداء بالطريقة التي جرت بها الأمور اليوم"، في إشارة إلى الغارة الإسرائيلية غير المسبوقة على الدوحة، وتابع "إنني مستاء جداً في شأن ذلك، مستاء جداً من الأمر برمته".
وفي وقت سابق، نفى ترمب أن يكون قد اضطلع بأي دور الثلاثاء في الضربات الإسرائيلية على قطر، قائلاً إن قرار شن الهجمات اتخذه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وجاء في منشور لترمب، على منصته "تروث سوشال"، "كان هذا قراراً اتخذه رئيس الوزراء نتنياهو، لم يكن قراراً اتخذته أنا"، مضيفاً أنه يريد للحرب في غزة أن "تنتهي، الآن!"، وذكر ترمب أن إدارته تلقت تحذيراً من الجيش الأميركي قبيل وقوع الهجوم مباشرة، لكنه لم يذكر ما إذا كانت إسرائيل هي التي أبلغت الجيش أم لا.
وكتب ترمب "القصف الأحادي داخل قطر لا يخدم أهداف إسرائيل وأميركا، فقطر دولة ذات سيادة وحليف وثيق للولايات المتحدة وتعمل جاهدة في المخاطرة بشجاعة معنا للتوسط من أجل السلام، ومع ذلك فإن القضاء على (حماس)، التي استفادت من بؤس سكان غزة، هدف جدير بالاهتمام".
بدورها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت لصحافيين إنه بينما يعد القضاء على "حماس"، "هدفاً قيماً"، إلا أن تنفيذ ضربة في الدوحة "لا يخدم أهداف لا إسرائيل ولا أميركا".
وأضافت أن "الرئيس يرى في قطر حليفة قوية ودولة صديقة للولايات المتحدة، ويشعر بعدم ارتياح كبير للموقع الذي جرى فيه هذا الهجوم".
أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي، أن بلاده ستتخذ الإجراءات كافة الكفيلة بحماية أمنها والمحافظة على سيادتها، وذلك بعد استهداف إسرائيل قادة "حماس" في الدوحة، مما أودى بحياة عناصر من الحركة والأمن القطري.
ووفقاً لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، قال الشيخ تميم بن حمد إن "دولة قطر تدين وتشجب بأشد العبارات هذا الهجوم الإجرامي المتهور، باعتباره انتهاكاً صارخاً لسيادتها وأمنها، وخرقاً واضحاً لقواعد ومبادئ القانون الدولي".
وذكر أمير قطر أن "الكيان الإسرائيلي يتبنى سياسات عدوانية تهدد أمن واستقرار المنطقة، وتعرقل الجهود الرامية إلى خفض التصعيد، والتوصل إلى حلول دبلوماسية مستدامة".

وطالب "المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية إزاء هذه التصرفات المارقة، ومحاسبة المتورطين في ارتكابها"، معرباً عن أمله في أن تدعم الولايات المتحدة هذا "التوجه العادل".
وأكد الشيخ تميم بن حمد أن دولة قطر "ستتخذ الإجراءات كافة الكفيلة بحماية أمنها والمحافظة على سيادتها، وستواصل نهجها البناء في الوقوف مع الأشقاء والأصدقاء ونصرة القضايا الإنسانية العادلة بما يوطد دعائم الأمن والسلم الدوليين".
ودافعت إسرائيل عن الهجوم قائلة إنه "مبرر تماماً"، لكن قطر قالت إنه "كان عملية غادرة 100 في المئة" ويمثل "إرهاب دولة"، وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إن الغارة تهدد بتقويض جهود السلام التي تقوم فيها الدوحة بدور الوسيط بين "حماس" وإسرائيل.
وقالت "حماس" إن خمسة من أعضائها قتلوا في الهجوم، من بينهم نجل رئيس الحركة في غزة وكبير مفاوضيها خليل الحية، وأضافت أن إسرائيل فشلت في ما وصفته الحركة بمحاولة اغتيال فريق مفاوضات وقف إطلاق النار التابع لها.
أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن المملكة تضع كل إمكاناتها لمساندة دولة قطر، وما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها، والمحافظة على سيادتها.
إلى ذلك يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم الأربعاء جلسة طارئة للبحث في الغارات التي شنتها إسرائيل على الدوحة واستهدفت اجتماعاً لقادة حركة "حماس"، بحسب ما أفادت به مصادر دبلوماسية.
وقالت المصادر إن الجلسة ستعقد في الساعة 15,00 (19,00 توقيت غرينتش)، بطلب من الجزائر وباكستان على وجه الخصوص.