تقف الانسانية منذ أسابيع أمام أبشع وأغرب المشاهد الوحشية، في مطلع القرن الحادي والعشرين. ولا يجسد مدى بشاعة المشهد وغرابته عدد الضحايا الذين سقطوا في غزة. فهذه الارقام، على فداحتها، ليست ما يجسد مدى البشاعة والغرابة في ما يحدث في غزة، بقدر ما يمثله المشهد بأسره، حيث ان العدوان بتخطيط دولة عضو في الامم المتحدة، ومجتمعها بكامله (عدا عن انفار يعدون على الاصابع ربما) هم مخططو ومنفذو هذه المذبحة الجماعية، ثم في كون ذلك يمر تحت سمع وبصر المجتمع الدولي بأسره، الذي لا يكتفي بالفرجة الصامتة، بل يذهب رئيس الولايات المتحدة الى حد مباركـة ما يـجري على أنـه حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها.ومع ذلك، فالمشهد ليس جديدا، لكنه يتكرر دوريا، بصورة أكثر او اقل في عدد الضحايا، منذ ستة وستين عاما، من قبل مجتمع صهيوني بحق مجتمع عربي فلسطيني، وما زالت ثمار هذه العنصرية والوحشية المتمادية تلقى مباركة المجتمع الدولي، خصوصاً حكومات كبرى الدول في هذا المجتمع.لم تفلح في وصف هذه الوحشية كل تقارير المنظمات الدولية، التي تصحو من حين لآخر على تكرار المجازر، بل لم يفلح بذلك حتى قيام احد احرار الفكر الانساني من الديانة اليهودية نفسها (ايلان بابيه)، هو الذي وضع سفراً نفيساً يؤرخ فيه بالارقام والوقائع المستمدة من الوثائق الصهيونية نفسها، ان دولة اسرائيل، هي دولة قائمة اساسا على التطهير العرقي لمجتمع بأكمله، وعلى عمليات وحشية من العنف الجماعي الذي يسعى الى طرد جماعي لشعب كامل مقيم في فلسطين منذ آلاف السنين، لتحل محله مجموعات مدفوعة من شتى مجتمعات اوروبا الشرقية والغربية.ان العنصرية والوحشية اللتين اصبحتا رديفا لوجود دولة اسرائيل منذ اربعينيات القرن الماضي، وحتى يومنا هذا، لا يمكن البحث عن جذورهما في دراسات اجتماعية لمكونات المجتمع الاسرائيلي، بل في جذور العقيدة الصهيونية التي قامت عليها هذه الدعوة اولا، وهذه الدولة ثانيا.لذلك، ليس غريبا ان نلاحظ، على مر الاعوام الستة والستين التي بلغها عمر دولة اسرائيل حتى اليوم، ان عملية تداول مسؤولية الحكم تتدحرج دائما باتجاه التحول من اليسار الى اليمنيين، حتى وصل المجتمع الاسرائيلي المحكوم بالعقيدة الصهيونية في مطلع القرن الحالي بالذات الى الخضوع للقوى الاكثر يمينية وتطرفا، اي الاكثر عنصرية ووحشية فيه.هذه حرب تشنها العنصرية الاسرائيلية المدججة بأحدث الاسلحة وأكثرها تطورا وفتكا، تحت شعارات جماعية، مثل «اقتلوا الاطفال في غزة لانهم ليسوا اكثر من ثعابين صغار»، ومثل «اقتلوا النساء في غزة لان ارحامهن هي المصانع التي تفرخ الارهابيين».لقد تحالف المجتمع الدولي في ثلاثينيات واربعينيات القرن المنصرم في حلف دولي جامع، للقضاء على العقيدة النازية والعقيدة الفاشية، على انهما الخطر الاعظم الذي يهدد البشرية جمعاء، علماً أن أياً من النازية أو الفاشية لم يذهب في دعوته، كالصهيونية، الى اقتلاع مجتمع كامل من بلاده الاصلية، لاحلال مجموعات بشرية متفرقة محله.ان العقيدة الصهيونية، تفعل كل ما تفعله بمثابرة ومواظبة دائمتين منذ عقود، بمباركة ومساعدة، بل واعجاب، من مختلف اعضاء المجتمع الدولي، وهذا ما يذهب بما ترتكبه اسرائيل في غزة الى اقصى درجات البشاعة، واقصى درجات العنصرية والوحشية.> باحث ومتخصص بشون التربية الخاصة
|
آراء
العنصرية الوحشية للصهيونية.. وموقف المجتمع الدولي
أخبار متعلقة