الظلم يجمع الناس ويوحد كلمتهم ضد الظلمة والفاسدين وناهبي الثروة ومدمري الوطن وأحلام البسطاء.. لكن ذلك لا ينبغي ان يجعلنا ندعو لإزالة الظلم بمظالم أخرى مدمرة، او نفكر بإزالة الحاكم وإبداله بحاكم (اظرط والعن)، بل ينبغي أن نعمل العقل والحكمة وان نتفكر في الماضي آخذين العبر والدروس منه.. كمرتكزات لواقع اليوم، وبالتأكيد ليس اليوم كالأمس، ومن غير المعقول ان نلتفت الى الأمس لنسير اليوم على خطاه 100 % فلكل زمان دولة ورجال.. هكذا نقرأ الواقع منذ قيام ثورة الشباب وولوج (الربيع العربي) الذي صار في معظمه خريفا ونسأل الله ان لا (نخرف) نحن هنا لنخرف وننزلق الى الكوارث.!وفي سياق ما يجري اليوم حول الإصلاحات السعرية ومخرجات الحوار وانتفاضة الحوثي التي لها صدى عند كثير من الناس ليس حبا في الحوثي وارثه المعلوم، بل كرها في عتاولة الفساد الذين نهبوا وأكلوا الأخضر واليابس، ولكن مع هذا وذاك لن يكون الحوثي هو البديل، فالذي يحمل معول الهدم من سلاح وفكر وعقيدة، لن يستطيع حتى تأليب المثقفين حوله وحتى مؤيدوه سوف ينفضون من حوله لأن زمان الجهل والوصاية والخطب الرنانة قد ولى، ولنعتبر من أنظمة الحكم الإسلامي المؤسسة لدولة الخلافة، فقد فشل بنو أمية في إقامة دولة عدل ومساواة ولحقهم الدمويون (بنو العباس) الذين أكل بعضهم بعضا باسم الدين، وانقرضوا في غفلة بعد خمسمائة سنة من الحكم المتعجرف، وجاء المغول ليفعل أفاعيله المدمرة.. ولن نتطرق الى المماليك والعثمانيين فهؤلاء (سراق حكم) وتجار حركات تغيير لا تخلو من الشيطنة المطلقة على السلطة التي كانت نهايتها الدمار والعار.اليوم يجب ان يسود صوت العقل وتغليب المصالح العامة على الخاصة في وقت نحن فيه احوج الى لم الشمل وعدم تكرار جراح الماضي التي استمرت أكثر من ثلاثين سنة، ومازلنا نتجرع مراراتها العلقمية، وما أدراك ما العلقمية؟.وبالمناسبة وعلى ذكر العلقم والعلقمية وهي المرارة وكناية عن القهر والظلم فقد كان (ابن العلقمي) وزير المستعصم بالله آخر خلفاء بني العباس وهو الذي كان يكيل بمكيالين، ففي الظاهر هو وزير الدولة وحاجبها، وفي الباطن هو حليف المغول والمخطط لدخولهم بغداد.. والعلقمي يمني بالطبع ومثله اليوم كثير من (العلاقمة)- ان جاز التعبير- لكن العبرة في النهاية أو كالمثل: (الشاطر يضحك في الآخر).. فقد قتل المغول ابن العلقمي جزاء خيانته لأهله وقومه وثمنا لوفائه المذموم للغزاة.. وقد قيل له هل ترى مكافأتك بوزارة أم بالموت.. فأنت خائن ولا تؤتمن وقتل شر قتلة.نحن هنا ما لنا وما للعلقمي.. فقط طرقنا درسا في التاريخ فالبلد يمر بخطر محدق، ودرء الخطر يجب ان يكون مهمة كل الناس وفي طليعتهم المثقفون وأهل الرأي والساسة الذين لم تلوثهم المصلحة و(الأنا) ولابد من رفع لواء التصدي والمقاومة لأي خارج عن القانون، أحزابا كانوا أو وجاهات أو قبائل.. الخ.. ومن غير المعقول أن يسود قانون القبيلة والسيد في الألفية الثالثة، فذلك لن يقبل به حتى المجانين، ومع ان الدولة يجب ان تبسط الأمن والأمان وأن لا تتهاون ضد المخربين حتى ولو كانوا في سدة (مجلس النواب أو الشورى أو الحكومة).. وعلى الجيش أن يربأ بنفسه وأن يكون جيشا للوطن، وعليه أن يعلم ان فلانا وعلانا من القادة سيفنون وسيلفظهم التاريخ وعند الله آجالهم، ولن يبقى إلا الوطن وأمنه واستقراره وقادته المخلصون.
|
آراء
لــكــل زمــان دولــة ورجــال
أخبار متعلقة