أجمل خطب الجمعة ودروس الوعظ والإرشاد في المساجد هي التي تتعلق بحياتنا العامة يستمع الناس إليها ويتابعونها بعيون يقظة لأنها تمس حياتهم ويكاد كل مستمع يرى نفسه فيها وخاصة في هذا الشهر الفضيل شهر رمضان الكريم الذي نطالب من خلاله خطباء المساجد أن يتحملوا مسؤوليتهم الضخمة في مواجهة الأفكار المتطرفة وتصحيح المفاهيم والمعتقدات والسلوكيات الخاطئة التي تعرقل استتباب الأمن والاستقرار كما تعرقل جهود التنمية وتسيء إلى الصورة السمحة لتعاليم الإسلام، كما نرجو من علماء الدين الإسلامي ضرورة تجديد الخطاب الديني في هذا الشهر المبارك الكريم، بصفة مستمرة لمجاراة التطورات المتلاحقة التي يشهدها العصر ولا يجوز التخلف عنها بحيث أن التجديد يعتبر قضية إسلامية أصيلة لا تعني المساس بالثوابت الدينية، بل يكون في الأسلوب والمتغيرات التي تطرأ على كل عصر ولظروف كل مجتمع. نريد أن يحرصا علماؤنا الأجلاء على المظهر الحضاري للإسلام ويعكسوا استنارته ورقيه بالارتفاع بمستوى عقول الناس والابتعاد عن الصراخ والانفعال على المنابر وترشيد مكبرات الصوت والتيسير على المسلمين في فهم أمور الدين والتركيز على القضايا الجوهرية التي تمس حياتهم وليست الأمور الهامشية والشكلية لأن الإسلام ليس مجرد شعائر وطقوس وإنما عقيدة وأخلاقاً وشريعة وحضارة سامية وتوجيه فتاواهم من على منابر المساجد يوم الجمعة وغير الجمعة إلى نصح عناصر القاعدة في اليمن وتوعيتهم بخطورة الاستمرار في ممارساتهم كما حدث أخيراً في حضرموت من تخريب وتحطيم لمصنع التمور ومطار سيئون وقتل الآمنين وغير ذلك من الأعمال الإجرامية التي لم يقرها ديننا الإسلامي الحنيف، دين اليسر وليس العسر وتوجيه النصح لهم بعدم الإضرار بالناس والابتعاد عن صنع أجواء الصراع على السلطة حيث أن هناك إسلاميين يريدون الحكم تحت أسماء شتى وتحالفات سياسية من خلال ألوان مختلفة والعالم الإسلامي الحقيقي مكانه المسجد وليتأكدوا أن كل الناس أخطاؤها تغتفر إلا أخطاء أهل الدين فهي تعظم في أعين الناس وتكبر حتى تستعصي عليهم.. والمصيبة أن البعض يتعلل بها عندما يخطئ وتراه يقول مثلاً: وكيف لا أدخن والشيخ فلان نفسه كان يدخن أو يمضغ القات!وربما معهم بعض الحق، لكن رجل الدين قدوة ونموذج في مظهره وسلوكه.إن الذي دعاني إلى كتابة ذلك هو بعد أن امتلأت الساحة الإسلامية بأصحاب الفتاوى المضللة حشروا الدين في السياسة، أصبحوا يطلقون عليه تسمية عبقرية "الإسلام السياسي" نسمع من خلال تلك التسمية لفتاواهم العجيبة الغريبة والمريبة البعيدة عن روح الإسلام والفهم الصحيح للدين من ناحية وسوء تطبيقهم لأحكامه من ناحية أخرى.. لذا نقول لعلمائنا الأجلاء وهم أعرف أكثر منا بتعليم الإسلام ونظرياته العلمية الحضارية نستطيع أن نخلق بيئة نظيفة ومجتمعاً صحياً مثالياً يخلصنا من كل الآفات والبحث العلمي أثبت لنا حكمة الله في كل ما حرمه علينا، وعلينا كمسلمين بالطاعة دون جدل ولا نقاش ليس طاعة ونقاش البعض من المشايخ الذين دأبوا أن يمطرونا بفتاوى التكفير وهذا لا يجوز على الإطلاق نراهم ونسمعهم وخاصة خطباء صلاة الجمعة ـ ليس جميعهم ـ خرجوا عن الخط التقليدي في محتوى الخطبة فمطلوب الدفاع عن الإسلام الحنيف وتصويب صورته التي تشوهها حفنة من مدعي الدين ومحترفي سفك الدماء تحت دعاوى كاذبة وشعارات هدامة حتى بات الدين الإسلامي مرتبطاً في أذهان وعقول العالم بالإرهاب وخاصة اليمنيون ككل (أبناء اليمن) الذين وصفهم رسول الله بأصحاب القلوب الرحيمة.. وليس جماعات الأحزمة الناسفة والاغتيالات والقنابل والمسدسات كاتم الصوت إلخ.. مع أن المسلم الحقيقي هو من سلم الناس من يده ولسانه. ولكن ماذا نقول يا أيها الإسلام العظيم كم من الجرائم الوحشية أصبحت ترتكب باسمك حتى الصقوا بك سفك الدم والإرهاب. كما أتساءل لم نختلف كمسلمين في بعض المسائل الدينية على الرغم من أننا ومعنا جميع المسلمين نعبد إلهاً واحداً ونتوجه في صلاتنا إلى بيت واحد ونتعبد جميعاً ومعنا جميع المسلمين بتلاوة كتاب واحد وغيره وغيره.. يا هؤلاء وخاصة علماؤنا الجدد نقول بالحرف الواحد: الإسلام هو دين الجنة قبل أن يكون دين النار.. وهو دين للدنيا قبل الآخرة.. إنه دستور سماوي.. يحمل للبشر أعلى درجات العدل والخير نكتب بهذا الدعاء في شهر رمضان الكريم:اللهم أغفر لنا و أرحمنا وأهدنا وعافنا و أرزقنا.. اللهم أغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم والمؤخر وأنت على شيء قدير.. هذا هو دعاؤنا إليك يا رب يا غفور يا رحيم.. خلال هذا الشهر الكريم شهر رمضان.
|
آراء
رسالة المسجد.. ومسؤولية الدعاة!!
أخبار متعلقة