قصة قصيرة
الشمس المحرقة تشوي جسمه الأسمر والبرد القارس عنوان مملكته لا تستطيع أن تعرف مغزاه.. فتجده صيفاً يلتحف بطانيته وفي الشتاء تجده يلبس أخف الثياب. النوم بالأيام والسهر بالليالي.. تتحدث إليه وكأنه ذات عقل راجح.. لايعرف شيئاً من الجنون يشرح لك أشياء لم تكن بخاطرك .. يغيب أحياناً عن الحارة عدة ساعات يعود مسرعا إلى مكانه يحرس مكانه آخر لكن ليس بالآدمي .. يحرس ملابسه وحاجاته لا يستطيع أحد من المارين لمسها وإزاحتها من مكانها .. الأرض فراشه والسماء عطاؤه الشتاء عنده صيف والمطر عنده كشلال ماء يتمتع به ويعرفه كثير من سكان الحارة باسمه المعتاد ( زكير) كما يعرفهم بأسمائهم وسيماهم يشتد عنده الخناق أحياناً فتراه قد انقلب إلى طفل حنون تتجمع حوله بعض الحيوانات والأطفال وعند انقلاب مزاجه لا يرحم أحداً من الشتم الذي يقذفه على المارة وعندما يعود إلى وعيه هو الصديق الوحيد لهم واحياناً ينقلب إلى وحش كاسر لا يستطيع احد التعرض إليه. يحمل جنبيته الحقيقية يلوح بها يتحدث بصوت مسموع وبكلام غير مفهوم، صديق للأطفال حنون على الكبار مزاجه حار وبردوته كحرارة شمس الصيف والشتاء .. ذقنه لا يعرف طعم الموس إلا في المناسبات ، يعرف الأخبار يستفسر عن أشياء لم تكن في بالك أكله بسيط .. عندما يأكل تتجمع حوله الكلاب والقطط يكون سعيداً بها يأكل القات بشراهة. بالأمس عندما جاءه رجل وهو نائم شج رأسه انتبه على حرارة الدماء في وجهه. لا يعرف من الفاعل ظل ينزف من الدماء.. استطاع بعض أهل الخير إسعافه. قال لي وهو يحدثني : إن هذا الذي أمامك كان مقاولا نظيف الثياب مهاباً لا يترك فرضا؛ محبوباً لدى زملائه رفع كتفيه وتركني حائراً أجريت معه مقابلة جعلني حيراناً لتلك الأجوبة فعقلة الباطني يختزل تلك الأفكار يجعلك تظن أن ما قاله نقطة في بحر لجي فالواقع لديه مجرد وهم والوهم عنده واقع . يحمل أداوته على ظهره غدوة وعشيا. قال لي :- أن من قام بهذا العمل معروف ، شاهده كثير من الناس وهو يجري في الشارع تم إبلاغ الأمن وقسم الشرطة لكن عاقل الحارة لم يعره أي اهتمام كان يمسح عن مقدمة راسة ما تبقى من الدماء . مرت الحادثة تناسي الناس لكن لم ينسها هو . سعيد يجلوسه في الرصيف سعيد بمصاحبة الكلاب والقطط يقيم لهم مأدبة غداء من براميل القمامة. قال: الفاعل سيأخذ جزاءه وجد صاحبه الذي شج رأسه جره إلى عاقل الحارة بدأت تباشير برد كانون الأول تصل إلى الحارة. أصلح مكانه واستعد لاستقبال برد كانون الأول كان البرد قارساً ظل يرقص والكلاب تحرك أذيالها حوله وهو نشوان فرح بيوم سعيد .