سطور
لقد تحدثنا كثيراً عن أهمية دور الثقافة في مجتمعنا اليمني، وأشرنا في مقالاتنا الصحفية ولقاءاتنا الإذاعية والتلفزيونية ومحاضراتنا مع تلامذتنا الى أن الثقافة تلعب دوراً حيوياً وهاماً في حياة الشعوب التواقة نحو التقدم والإزدهار الحضاري .. فالمجتمعات الراقية والبلدان المتقدمة هي نتاج الثقافة .. وكذلك العكس .. وللأسف مجتمعنا اليمني يعد من بلدان العالم الثالث الأكثر تخلفاً بسبب ماتعانيه من عسكرة السلطة وعقليتها القبلية المتزمتة والمتنفذة بأساليبها البدائية الرافضة كل أشكال التمدن والتحضر والمثاقفة والانفتاح الفكري بشكل عام الامر الذي نجم عنه مردودات وخيمة عكست نفسها سلباً على واقع مجتمعنا اليمني ..! وبقائه في (محلك سر) لعقود من الزمن.اليوم بالذات نحاول ان نطوي صفحات تلك العقود المظلمة ومعها تلك القوى الظلامية، نحو غدٍ مشرقٍِ بالأمل والتفاؤل من خلال دولتنا المدنية الحديثة القادمة بإذن الله .. ومعنا قوى الخير من اشقائنا في دول الجوار وبجانبنا ايضاً المجتمع الدولي .. لقد آن الآوان لكي تهدأ اليمن وتستقر لكي يستفيد العالم من خيراتها ومقدراتها وثرواتها ويستفيد في المقام الأول شعبنا المكابد والصبور ولن يكون ذلك الا إذا جعلنا من الثقافة هي مصدرنا الرئيسي في بناء دولتنا المدنية الحديثة وأولينا جل اهتمامنا نحو مثقفينا ومبدعينا في إرساء دعائم هذه الدولة الفنية بدءاً من تربية النشء الجديد وتنمية الحس الجمالي والتذوق الفني لديه وإعادة النظر في البرامج التعليمية والمناهج الدراسية وتنقيتها من أشكالها التربوية التقليدية وإدخال أساليب حديثة في وسائل التعليم ومحو امية المجتمع اليمني ليس في القراءة والكتابة فحسب .. وإنما في امية الحاسوب للإنفتاح نحو العالم والإطلاع والتعرف على ما يحدث في الكون .. تعالو معاً لنبني جيلاً حديثاً غير هذا الجيل .. جيل الفيدرالية .. اوجيل الجمهورية الاتحادية .. فلدينا مشروعنا الثقافي الشامل لبناء النشىء الجديد .. ولكن قبل كل شيء ومن اجل إصلاح كل شيء فإنه يتوجب على قيادتنا السياسية بزعامة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس جمهورية اليمن الإتحادية القادمة إن شاء الله عليه أن يختار رجالاً لإدارة شوؤن الدولة الإتحادية ليسوا من أصحاب السوابق واجرموا بحق الوطن والشعب والمال العام .. رجال انقيأ وشرفاء وغيورين على مستوى عالٍ من الثقافة والتأهيل العلمي .. فما احوجنا اليوم الى قيادة سياسية تمتلك وعياً ثقافياً وذوقاً فنياً يقدرون الفن والادب والمسرح بشكل خاص .. نحن بحاجة اليوم الى دولة مدنية تضع الثقافة في اول ابجديات إهتمامها وان ترصد لها ميزانية هائلة مثلها مثل وزارة الداخلية والدفاع .. لأن دور الثقافة لا يقل قدراً ولا مكانة عن دور الأمن والدفاع .. وبما أن السياسة كما هو متعارف عليه إنها (اقتصاد مكثف) فإن الثقافة (أمن مكثف) ..فإذا كان رجل الأمن يحمي المجتمع من الجريمة .. فإن رجل الثقافة والفن والإبداع يحمي المجتمع ايضاً من أي غزوٍ فكري متطرف من الداخل او من الخارج!.. وهنا تكمن أهمية الثقافة ودورها في التوعية الجماهيرية وتربية النشء الجديد على حب الوطن والدفاع عن مكتسباته العظيمة ...فلا دولة مدنية بدون ثقافة وطنية حرة ...