قصة قصيرة
جاءني إلى دشمتي وأنا ملقى على فراشي بعد أن أديت صلاة الفجر حاملاً سلاحه الشخصي مرتدياً بدلته العسكرية مستعداً لهمة قتالية محتملة. قال: صباح الخير قلت : صباح النور قال: هل أنت معي؟ قلت: إلى أين في هذه الساعة المبكرة . هل هناك مهمة لا اعلم بها؟ قال: إلى الموقع فلقد مر علي فترة لم اتصل بالموقع ولم أزر الجنود هززت راسي بالموافقة نهضت ورحت أجهز نفسي ارتديت بدلتي وأخذت سلاحي وأغلقت دشمتي الدشمة عبارة عن مكان صغير يتسع لفرد واحد). فانا أريد زيارة هذا الموقع المتقدم من فترة ، لم اخبر احدا بذلك ، أسرعنا الخطى سرنا نحو الغرب سيرا على الأقدام المسافة التي سنقطعها سبع ساعات. لم يكن يومها سيارة تنقلنا أو جهاز اتصال يتم الاتصال به سرنا حاملين أسلحتنا الشخصية سرنا معاً نتحدث عن الماضي والحاضر نخرج من موضوع وندخل في آخر حتى نقطع الطريق ننزل واديا ونصعد جبلاً كانت الشمس قد بدأت تضرب ظهورنا أحسسنا بحرارتها بعد أن قطعنا مسافة لاباس بها .. أخذنا ردحا من الراحة. قال : سنختصر الطريق سنصعد هذا الجبل . سنمر على حقل الألغام الذي زرع منذ فترة عشر سنوات مضت. زرعته القوات المصرية عندما كانت في هذه المنطقة تحسبا لأي هجوم عليها من القبائل في هذه المنطقة ( القوات المصرية جاءت إلى اليمن لتساعدنا ضد فلول المرتزقة والملكية التي أطاح بها الشعب عام 62م) لأننا كنا لا نمتلك جيشاً يدافع عن الثورة والجمهورية فزرعت هذه الألغام على سفح الجبل تحسبا من أي هجوم من القبائل المجاورة.هذه الألغام حصدت كثيراً من الأرواح. حوادث كثيرة من جراء هذه الألغام وخاصة رعاة الأغنام وكم من مواشي أصبحت ضحية لهذه الألغام الفردية. قلت: وهل تريدنا أن نمر من هذا الحقل ونصبح ضحية لهذه الألغام كذلك .ضحك كثيراً وأردف : أنا اعرف الموقع ( الموقع قد مر عليه أكثر من عشر سنوات). مررت منه أكثر من مرة. قلت: وهل تسلم الجرة من وقوعها على الأرض، سنكون نحن الضحية. تخوفت في بادئ الأمر قلت في نفسي مرت عشر سنوات عليها وعوامل التعرية قد إزالتها من مطر ورياح وغيرها. رأيته نحو حقل الألغام قلت له إلى أين؟ قال: سنختصر المسافة إلى الموقع كما قلت لك من هنا نبدأ !!قلت له : أنت مجنون !: الم تر اللغم الوتدي هناك رافعاً رأسه ينتظر فريسته وهذه الأسلاك الشائكة المتهالكة حول الألغام ضحك وهو يخطو خطواته الأولى لاتخف مررت أكثر من مرة من هنا.. أكثر من مرة؟.. خطت قدمي على أول مكان وأنا لا زلت متخوفا وحتى لا يقول أني جبان رحت أتابعه كنت أتأمل الحشائش على سطح الجبل نرفع قامتها وكأنها ألغام وتديه . قلت ( الله معنا توكلنا على الله) .. العرق بدأ يتصبب من جبهتي وهو يحدثني أن امرأة أصيبت هنا بلغم فكسرت ساقها وتشوهت وهنا شاة قضى عليها لغم . وهنا وهنا غاب مني صوته .. بدأ الخوف يراودني كان يتحسس الطريق وكأنه أعمى كنت اسير في حقل الالغام وانا كلي خوف .. قلبي يدق تتجاوب معه أصداء صدري وقدمي كخرقة بالية لا تتحمل الوقوف. قال: انها نهاية حقل الألغام نحن الآن في أمان . انقشع الخوف قليلاً ورحت أصلح حالي أحض بنطلوني الذي كاد أن يسقط وأصلح سلاحي على كتفي من ذلك الخوف الشديد لكن لغما كان لا يبعد عني سوى أمتار ذابت فرائصي لم استطع النطق بكلمة واحدة لان الألغام لا زالت حية ترفع ذيلها بين الحشائش كفار هارب من فريسته. قال: لقد اختصرنا مسافة ساعة من الزمن. قلت: وكأنها العمر كله . انظر انه لغم لا زال حياً لم يعرني أي اهتمام وهو يتخطى ما تبقى من بوابة حقل الألغام وأنا وراءه لا استطيع حمل نفسي . وصلنا موقعنا بعد أن خلفنا حقل الألغام ونحن لا نعلم شيئاً عن القدر. استقبلنا جنودنا البواسل المرابطون هناك بإطلاق عيارات نارية ترحيباً بقدومنا قالوا لنا ( حمداً لله على سلامتكم) لقد حفظكم الله كانت الشمس قد انحدرت نحو الغرب شاهدناها ونحن لم نحس بها من شدة الخوف الذي حل بنا ، اتصلنا بالموخرة أننا في الموقع..