قصة قصيرة
غدير الخاوي بتردد خجول.. وأقدام متثاقلة..تقدمت نحو مرآتها علها تناجي ذاتها وترتاح قليلا من ذاك الثقل الذي طغى على تفكيرها..تقدمت ووقفت أمام المرآة.. ارتعدت خوفاً وعادت بضع خطوات مسرعة إلى الخلف دونما شعور حتى ارتطم ظهرها بالجدار..عبراتها مخنوقة وتصرخ كمن فجعت بعزيز عليها:-لست أنا..- من هذه .. من هي؟تقدمت قليلا وهي تحاول استرجاع بعض ملامحها..تتساءل:- لمن هذا الوجه ولماذا يصر على الالتصاق بي!!.-ملامح امرأة في الأربعينات أو أكثر أي ما يعادل ضعف عمري تقريبا...-منذ متى صرت هذه العجوز ؟؟.تتردد تلك الأسئلة على شفتيها دون توقف .. كان صوتها خافتا ثم ما لبث أن أصبح أعلى, وبشكل هستيري مترافقا مع محاولتها اقتلاع ذلك الوجه بوحشية.-من أنت ؟ ابتعدي... أريد أن أرى وجهي ! وجهي أنا!!بعد ثوان تغيرت الملامح قليلا, لكن إلى الأسوأ.. خيوط دماء تسللت عبر تجاويف تلك التجاعيد فأصبحت كلوحة مشوهة تبرأ منها رسامها بعد أن يأس من إصلاحها..بعد عدة محاولات مستميتة لاسترجاع ملامحها أو بالأصح (أصلاح لوحتها)..بأناملها الرقيقة داعبت شفرة سكينها.. رجعت إلى المرآة وابتسمت ابتسامة خبيثة كمن انتصر في معركة وبدأت تقتلعه..بدمائها غسلت وجهها الجديد ...لكنها لم تستطع النظر إليه..حاولت التماسك والوقوف لكن دون جدوى..كل شيء حولها كان مصبوغا بلونها المفضل.. لون الحب الذي لوعها، لون الحياة..بينما هي تفارق الحياة..مرمية على الأرض وعيناها معلقتان بالسقف..مُرعبة لمن يراها للمرة الأولى ولكن بداخلها ارتسمت أجمل ابتسامة رضا لإكمال خطوط لوحتها الناقصة.