محال الاستغناء عن التحصين ضد الحصبة أو شلل الأطفال أو سائر أمراض الطفولة القاتلة، ومن يحرم طفله من التطعيم إنما يجنح إلى الجهل ولا يصغي ِلمنطق العقل والعلم أو أنه لا يعي جيداً أهميته الحقيقة في تجنيب فلذات الأكباد تهديدات مروعة وعقبات مرضية وخيمة ليس لهم القدرة على صدها أو منعها.وها هي ذي حملة التحصين الوطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال في الفترة من(15-10 مارس 2012م) وضمن مرحلتها الأولى ستشمل محافظات(عدن، لحج، أبين، شبوة، صعدة، البيضاء،ذمار) مستهدفةً الأطفال دون سن العاشرة وبدنو، موعدها كثيرا، تدنو بذلك المسؤولية الأبوية التي لا عذر فيها لمتقاعس متلكئ، وهي ملقاة على عاتق كل أب وأم ، فلا تبرأ ذممهم منها وليس ما ينفي عنهم هذه المسؤولية، لعظم وزر المتخاذلين المضيعين لها عند الله سبحانه وتعالى في حال أن أصيب طفل حرم سلفا من التحصين بأي من المرضين فنال منه وأرداه ميتا أو سبب له عاهة أو إعاقة.وقد قالها رسول الهدى (صلى الله عليه وآله وسلم) وقوله حق ومحالٌ أن ينطق عن هوى: «بحسب امرئٍ من الإثم أن يضيع من يعول».لا يحق- إذن- بأي حال أو تحت أي مبرر منع أي طفل من التطعيم في تلك الحملة في سائر المحافظات السالفة الذكر مادام لم يتجاوز بعد العاشرة من العمر ولو كان يعاني ضعفاً في البنية أو هزالاً أو سوء تغذية. كذلك من سبق تطعيمه ضد مرضي الحصبة أو شلل الأطفال مهما تعددت الجرعات التي حصل عليها مسبقاً. فالكل مطالب بأن يتلقى جرعات كاملة من لقاحي الشلل والحصبة في إطار التحصين الروتيني بالمرفق الصحي ضد أمراض الطفولة القاتلة، وكذا في حملات التحصين، ومعها سيحصلون على جرعة من فيتامين (أ) اللازم لبناء المناعة الجسدية للأطفال وزيادة كفاءتها في التصدي للأمراض المختلفة وعلى رأسها مرض الحصبة. كما أنه مفيد لنموهم بشكلٍ سليم.ولو ذهبنا إلى استعراض الصورة الحقيقية للأضرار التي تلحقها الحصبة بالأطفال المصابين، فسيطول الحديث لكثرتها إنما سنأتي على أبرزها..إذ تفيد المصادر الطبية بأن المريض بالحصبة الصغير سنه أو الهزيل أو الذي لا يتمتع ببنية جسدية جيدة أو من يعاني سوء التغذية- وما أكثر حالات كهذه في اليمن- يكون بالتأكيد أكثر تضرراً وتأثراً من جراء الحصبة فتشتد عليه وتحتد ومعها تزداد - بسبب تدني المناعة- القابلية للإصابة بالتهابات بكتيرية ثانوية في الجهاز التنفسي، كالتهاب الرئة البكتيري والتهاب الأذن الوسطى، وحتى التهاب أنسجة المخ أو أنسجة الحبل الشوكي، وهذا بحد ذاته خطير يفضي إلى إعاقات وعاهات، كالصمم أو العمى أو الإعاقة الحركية.ومن شأن الالتهابات التنفسية الخطيرة - التي ذكرتها - أن تؤدي إلى توقف التنفس ومن ثم وفاة المريض. التهاب القرنية والإصابة بالعمى وارد إلى حدٍ كبير، لتسبب المرض - إذا ما اشتد- بنقص ٍحاد في مخزون الجسم من فيتامين (أ) باعتباره عنصرا مهما لزيادة مناعة الجسم وحماية العينين. كذلك يمكن للحصبة- وفقاً للمصادر الطبية- أن تتسبب بالتهاب الجهاز الهضمي والإسهال الشديد والجفاف، وبمعزل عن المعالجة الفاعلة فإن هذه المضاعفات يمكن أن تقود إلى الوفاة. بينما بقاء الإسهال المصاحب لمرض الحصبة لمدة طويلة دون توقف من شأنه أن يؤدي إلى إضعاف تغذية الطفل(سوء التغذية)، وبالتالي يفقد معه جسم الطفل العناصر اللازمة للنمو مثل البروتينات، فيقل وينخفض وزنه.إلى ذلك، قد تتسبب الحصبة في أحوال معينة كسوء التغذية والإسهال المتواصل بنفاد مخزون فيتامين(أ) من الجسم، وهذا بدوره من دواعي ظهور المضاعفات الخطيرة السابق ذكرها، لذلك فالأطفال الذين يعانون - أساسا- من سوء التغذية أشد تضرراً من غيرهم عند الإصابة بالحصبة، وما أوسع المعاناة بسوء التغذية في الوقت الراهن لدى الأطفال في سائر البلاد، فبموجب تقديرات منظمة اليونيسيف يعاني نحو ثلث أطفال اليمن دون سن الخامسة من حدة هذه المشكلة بسبب نقص وضعف الغذاء، الأمر الذي بات يهدد بوضعٍ كارثي مع ظهور وانتشار فيروس الحصبة واتساع عدد حالات الإصابة بين الأطفال في بعض محافظات الجمهورية، ذلك لأن سوء التغذية يمثل المناخ الملائم للقابلية السريعة للتعرض لعدوى مرض الحصبة وزيادة حدة الإصابة المفضية إلى المضاعفات الخطيرة المؤدية إلى الوفاة أو لعاهات يفقد معها الطفل المصاب حاسة البصر أو السمع. لذلك فالتحصين مهم هنا ضد المرض بغض النظر عن تعدد الجرعات التي حصل عليها الطفل مسبقاً. فالطفل غير المحصن ضد الحصبة وإن كان سليماً في بنيته لا يشكو من الهزال أو سوء التغذية ليس - بالطبع- بمأمنٍ من الإصابة بهذا الداء، بل من الممكن تعرضه لمضاعفاته الشديدة، فكيف بحال الطفل إذا لم يحصن في السابق ضد الحصبة ويعاني سوء التغذية؟!أحب أن أؤكد هنا أهمية وثوق جميع الآباء والأمهات باللقاح المضاد لفيروس الحصبة، فلا يخصص لليمن وحدها وإنما يستخدم في سائر بلدان العالم الغنية منها والفقيرة. وهو عبارة عن فيروسـات الحصبة المضعفة الموهنة، ويأتي فـي صورة بودرة جـافة معـبأة فـي عـبوة زجاجـية قاتـمة اللون تحفظ باردة، وإلى جانبها زجاجة محلول المزج .ويتم مزج بودرة اللقاح بمحلول المزج الخاص ليكون اللقاح جاهزاً للاستخدام، ثم بالحقنة المخصصة يتم سحب(نصف مللي) لتطعيم الطفل المستهدف بحقنه تحت الجلد في الجزء العلوي الأمامي من الذراع الأيسر.ولا يقلل الدكتور/ خالد غيلان سعيد- استشاري طب الأطفال، كغيره من الأطباء من شأن بعض الآثار الجانبية بعد التطعيم باعتبارها طبيعية ومألوفة، كالحمى الخفيفة في الأيام الأولى بعد التطعيم والطفح الجلدي الشبيه بطفح الحصبة.ويقول الدكتور/ خالد معطياً تفسيراً حيالها: ليس ظهور العوارض الجانبية للقاح الحصبة أمراً ثابتاً عند كل طفل يحصن حديثاً، فالبعض فقط تظهر عنده هذه العوارض ليوم أو يومين في الغالب ثم تزول نهائياً، أي أنها عوارض طبيعية لا تستدعي القلق على الإطلاق وتعطي دلالة أكيدة على أن اللقاح أدى دوره في إرساء التفاعل الجيد مع مناعة الجسم وتنشيطها. بالتالي يمكن الاستعانة لخفض حرارة الجسم إلى المستوى الطبيعي بالكمادات الباردة وبدواء خافضٍ للحرارة. وواصل الدكتور/ خالد القول: قد يغيب عن الكثيرين إذا صادف في اليوم الذي حصن فيه الطفل ظهور أعراض مرض ٍما، فالمعروف أن اللقاح المضاد للحصبة يعطى تحت الجلد، وبذا يكون امتصاصه تدريجيا ولا يعطي أي آثارٍ مغايرة كالتي ذكرتها مثل (الحمى الخفيفة والطفح الجلدي الطفيف الشبيه بطفح الحصبة)، نافياً - من جانبه- ظهور هذه العوارض في وقتٍ قصير، بل في وقتٍ لاحق من تلقي اللقاح. لذا يجب استبعاد مسألة تسبب اللقاح بأعراض شديدة أو مغايرة، وُينصح حينئذٍ بعرض الطفل على الطبيب المختص ليشخص المرض ويصف الدواء المناسب .إذن، يجب أن يعي الآباء والأمهات جيداً أهمية أن ينال أطفالهم حماية كاملة ووقاية دائمة من داء الحصبة بالتحصين، وأن من الضروري تحصينهم - أيضاً- بلقاح شلل الأطفال وبسائر لقاحات أمرض الطفولة القاتلة سواءً في المرافق الصحية فيما يسمى بجلسات التحصين الروتيني للأطفال دون العام والنصف من العمر، أو في الحملات التي تشمل شريحة عمرية أوسع من الأطفال، ذكوراً وإناثاً على السواء.والفرصة مواتية أمام الجميع بمحافظات(عدن، لحج، أبين، صعدة، شبوة، البيضاء، ذمار) المستهدف جميع أطفالها دون سن العاشرة بالتحصين خلال حملة التحصين الوطنية ضد مرضي الحصبة وشلل الأطفال- المرحلة الأولى، في الفترة من (15-10 مارس2012م)، ولن يكون التحصين فيها من منزلٍ إلى منزل، وإنما يجب على جميع الآباء والأمهات خلال هذه الحملة في المحافظات المستهدفة المذكورة التوجه بأطفالهم المستهدفين بلا استثناء لتحصينهم في المرافق الصحية أو المدارس، وليكونوا على الموعد ليحموا فلذات الأكباد.
|
تقارير
حملة التحصين ضد الحصبة وشلل الأطفال.. الحقيقة الكاملة
أخبار متعلقة