في ختام ندوة الانتخابات الرئاسية التي نظمتها وزارة الثقافة
صنعاء / سبأ: أوصت ندوة “الانتخابات الرئاسية : العبور الآمن لمستقبل أفضل“ التي اختتمت أمس، وزارة الثقافة وكافة مؤسسات الدولة بعقد ندوات ولقاءات دورية مماثلة شكلاً ومتجددة موضوعاً، لضمان التواصل بين النخب العلمية ومراكز صنع القرار، وإنعاش فضاءات الأبحاث والدراسات الفكرية والعلمية لتجسير العلاقة بين المجال الثقافي للنخبة وبين المجال العام.وأهاب المشاركون في الندوة بكافة أبناء الشعب اليمني بمختلف شرائحه وقواه السياسية وخاصةً الشباب المعتصمين في الساحات وجميع المواطنين، ومن ظلوا يوصفون بالفئة الصامتة سواءً في الأرياف أو في المدن بالمشاركة الفاعلة في الانتخابات الرئاسية يوم 21 فبراير والتصويت للأخ عبد ربه منصور هادي، باعتباره مرشح التوافق الوطني وباعتبار نجاح الانتخابات الرئاسية هو السبيل الأمثل والآمن للانتقال السلمي للسلطة وتحقيق أهداف الثورة الشبابية.
وأوصت الندوة الأطراف التي وقعت على المبادرة الخليجية بالانتقال إلى خطاب سياسي وإعلامي جديد، يعكس روح التوافق الوطني ويسهم في جعل الفترة الانتقالية بعد الانتخابات الرئاسية مرحلة معنية بالتفكير في المستقبل وصياغة مرتكزاته الدستورية بروحٍ متجردة من صراعات الماضي، بما يكفل التأسيس الجاد للدولة المدنية الحديثة، واستثمار فترة السنتين الانتقالية للعمل من أجل هذه الغاية النبيلة لتحقيق مطالب وأهداف الثورة السلمية.وحسب بيان الندوة فقد وقف المشاركون بإجلال أمام الدور الذي لعبه شباب الثورة وأمام تمسكهم بالخيار السلمي رغم تساقط الشهداء والجرحى في صفوفهم، ولكي تتحقق أهداف الثورة التي خرجوا من أجلها، فإنهم مطالبون اليوم بالاستعداد للانخراط في الحوار الوطني عقب الانتخابات الرئاسية، لبلورة أحلامهم ومطالبهم التي جعلت كل اليمنيين يرفعون سقف النضال ليتوازى مع طموحات الشباب ورؤاهم الناضجة.وأكدت الندوة أن نضج الشعارات يتطلب تحويلها إلى مصفوفة تنتقل من خانة الشعار إلى خانة الخطاب السياسي المبرمج والقابل للتحقق، وهو ما يعني الانتقال إلى مرحلة صياغة الرؤى والبرامج التي تعبر عن تصوراتهم لما ينبغي أن يكون عليه مستقبل النظام السياسي وشكل الدولة.وأوصت الندوة القوى السياسية الموقعة على المبادرة الخليجية بسرعة وضع برنامج عمل للتواصل مع الحراك الجنوبي والحوثيين لتضييق المسافة بين الأطراف مجتمعة بهدف إكساب التوافق الوطني ومهام الفترة الانتقالية مساحة أوسع، تجعل من كل الفاعلين السياسيين شركاء في صياغة أسس النظام السياسي الجديد ، على قاعدة الاعتراف بالقضية الجنوبية وبحث كافة الخيارات المطروحة لحلها، إضافةً إلى بحث مشكلة صعدة، والعمل على استيعاب القضايا العالقة بمنطق ينحاز إلى دولة المواطنة المتساوية، على مستوى التشريع والممارسة.وأكدت الندوة أهمية الالتزام بأحكام اتفاقية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، والالتزام بأحكام القوانين ومعايير الحكم الرشيد في عمل كل أجهزة الدولة ومؤسساتها والإعداد الجيد لمؤتمر الحوار الوطني باستيعاب كل الفعاليات السياسية والاجتماعية وتوفير المناخ الملائم لحوارٍ جاد حول كل القضايا المهمة التي سيبحثها المؤتمر وأهمها القضية الجنوبية وقضية صعدة، والتوجهات العامة لصياغة الدستور الجديد.كما أكدت الندوة أهمية تعزيز استقلال السلطة القضائية ومراجعة وإصلاح القوانين، والعمل على إنهاء مظاهر الفساد التي لحقت به وتفعيل مشاركة المرأة في الحياة السياسية واعتماد نظام الحصص الذي يضمن تخصيص مقاعد محددة للمرأة في المجالس المحلية والنيابية.ووقف المشاركون أمام دور منظمات المجتمع المدني تجاه إنجاح الانتخابات الرئاسية، وأهابوا بكافة الأطراف المؤسسية المدنية التفاعل مع خطوة الانتخابات وممارسة دورها الرقابي والتوعوي مع ضرورة التركيز على وضع فئتي المرأة والشباب ضمن الفئات المستهدفة من أنشطتها، وكذا التفاعل مع ما يلي الانتخابات من خطوات تندرج ضمن الخيار السلمي الذي انحازت إليه القوى السياسية والذي يتطلب إنجازه تهيئة المجتمع للحوار الوطني الشامل في الفترة المقبلة.وأهاب المشاركون بغربلة مؤسسات القطاع العام والمختلط وتصفيتها من القيادات الإدارية الفاسدة.كما خرجت الندوة بعدد من التوصيات الإجرائية حيث أوصى المشاركون بجمع الأوراق ونشرها في كتاب ،كما أوصوا وزارة الثقافة والجهات المعنية في الحكومة بإقامة ندوة أخرى موسعة حول تجارب المصالحة والعدالة الانتقالية، وطرح مشروع القانون المتعلق بهذا الشأن للنقاش.ودعا المشاركون إلى عقد ندوة تختص بالقضية الجنوبية ويدعى للمشاركة فيها ممثلون عن فصائل الحراك الجنوبي والمثقفون والأكاديميون والقيادات الحزبية، على أن تعقد الندوة في عدن.كما اوصى المشاركون بعقد ندوة أخرى موازية لهذه الندوة، تتشكل لجنتها التحضيرية من الشباب ويشارك فيها شباب من ساحات التغيير، لبلورة مطالبهم والخروج ببرنامج عمل يكفل إسهام الشباب في الحوار الوطني.وكانت الندوة التي افتتحت أعمالها السبت بحضور الأستاذ محمد سالم باسندوة رئيس مجلس الوزراء، ووزير الثقافة الدكتور عبدالله عوبل قد نظمت خلال الفترة من 12 - 14 فبراير 2012م في المركز الثقافـي بصنعاء في إطار الفعاليات التي تقيمها وزارة الثقافة بهدف شرح وبلورة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، و في إطار مساهمة المثقفين والأكاديميين في قراءة وشرح المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، حيث تعد الانتخابات الرئاسية المبكرة إحدى أركانها الأساسية لتحقيق الانتقال الآمن للسلطة في اليمن والخروج من الآثار المدمرة للماضي وتحقيق العبور الآمن إلى المستقبل الأفضل.وفي هذا السياق أكد البيان الختامي للندوة ان أوراق العمل والدراسات المقدمة إلى الندوة قد أجمعت على أن انسداد الأفق السياسي عقب اندلاع الثورة الشعبية الشبابية السلمية إلى جانب انقسام مؤسسة الجيش كاد أن يمضي بالبلاد في اتجاه الحرب الأهلية وانهيار الدولة غير أن قبول الأطراف السياسية الرئيسية في السلطة والمعارضة بالمبادرة الخليجية التي حظيت بتأييد إقليمي ودولي، واعتبارها بمثابة خارطة طريق لنقل السلطة سلمياً، هو الأمر الذي جنب البلاد مخاطر الفوضى واحتمالات الحرب، كما أسهم فـي الإبقاء على مطالب الثورة السلمية في الصدارة، إضافة إلى وضع حد للتوترات العسكرية التي كانت في حالة تصاعد مستمر وخطير قبل التوقيع على المبادرة.وقد توزعت موضوعات الندوة على ثمانية محاور، تركزت حول القضايا الآتية: الانتخابات الرئاسية.. التوافق الوطني الأهمية والدلالة.الانتخابات الرئاسية.. جسر عبور إلى التحولات الديمقراطية، الشباب، والمرأة، منظمات المجتمع المدني ودورها في الانتخابات، القضية الجنوبية بين أشكال اللامركزية والنظام السياسي.وفي المحور الأول، قدم عدد من الباحثين أوراق عمل ناقشت دلالات التوافق الوطني وضرورته كمخرج آمن للانتقال من الثورة إلى الدولة المدنية، فالانتخابات الرئاسية التوافقية القادمة تمثل نقطة تحول في التعامل مع قضايا التحول الديمقراطي وبناء الدولة كما أنها تمهد الطريق لإجراء حوار وطني شامل يسفر عن برنامج للإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي، مبني على توافق وطني، يتجاوز ثقافة الإقصاء والتهميش والإلغاء، ويترتب على هذا التوافق إنجاز وثيقة عقد اجتماعي مدني ديمقراطي جديد يمثل مرتكزاً للدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.وخلص الباحثون إلى القول إن قبول أطراف المعادلة السياسية (السلطة والمعارضة) بترشيح عبد ربه منصور هادي مرشحاً توافقياً لخوض الانتخابات الرئاسية يترتب عليه القيام بعدد من المهام بعد الانتخابات، وهي تحقيق الاستقرار السياسي والحفاظ على السلم المجتمعي والدعوة إلى حوار وطني يناقش جميع المشكلات والقضايا السياسية ويبحث في آليات حلها ومعالجة الاختلالات التي عانى منها الشعب اليمني طوال المرحلة السابقة.وفي محور الانتخابات الرئاسية جسر عبور إلى التحولات الديمقراطية، بين المشاركون عدداً من مميزات هذه الانتخابات في هذه المرحلة من تاريخنا الوطني، فهي تمثل قطيعة بين مرحلتين، فالانتخابات الرئاسية التوافقية لن تؤدي إلى إعادة إنتاج النخبة الحاكمة بصورة دورية، ولن تكون كسابقاتها، فهي ستؤدي إلى نقل السلطة وسوف تساهم فـي تكريس الثقافة السياسية الديمقراطية وثقافة المشاركة السياسية، كما أنها تؤسس لعملية تحول ديمقراطي حقيقي، وتؤسس لبناء الدولة المدنية وتحقيق المواطنة المتساوية والمصالحة الوطنية، ومن شأن هذه النتائج أن تسهم في إضعاف المزاج المطالب بالانفصال.وتعرض الباحثون لبعض التحديات والمعوقات التي تواجه الانتخابات الرئاسية، مثل التحدي الأمني المتمثل في ظهور القاعدة في بعض المناطق، وشبح الاغتيالات السياسية والاختطافات والتحدي السياسي المتمثل في بعض فصائل الحراك الجنوبي والتحدي السياسي الآخر المتمثل في الحوثيين بالإضافة إلى التدخلات الخارجية التي تسعى لإفشال العملية الانتخابية وبالتالي إفشال المبادرة الخليجية .وحسب البيان الختامي للندوة فهناك التحديات الاجتماعية والثقافية التي تواجه الانتخابات الرئاسية، وتتمثل في ضعف الوعي بأهمية المشاركة في الانتخابات الناجم عن الأمية المتفشية بنسب عالية في أوساط الشعب اليمني وكذلك غياب الوعي السياسي في أوساط كثير من الناس.وناقش المشاركون فـي المحور الثالث الأدوار المطلوبة من الشباب والمرأة وكذا منظمات المجتمع المدني لإنجاح الانتخابات الرئاسية فالانتخابات استحقاق سياسي ديمقراطي يوجب الالتفاف الحزبي والمجتمعي لإنجازه إيجابياً لصالح التغيير والاستقرار . وأكدت الندوة أن مسار التغيير السياسي المرتقب والمعلن كهدف من شباب الثورة إنما يتطلب تمرير العملية الانتخابية كمدخل لترتيب سياسي يحقق تغييراً في بنية السلطة وإعادة هيكلة النظام السياسي بما يتوافق وأهداف الثورة الشبابية.واتفق الباحثون على أهمية دور المرأة كشريك فاعل في التغيير السياسي، وليس مجرد قوة تصويتية أو رقماً فـي صناديق الاقتراع. وأهمية دور المرأة لا تكمن في الانتخابات وحسب بل في دورها بشكل عام في المجتمع، في مختلف المجالات السياسية والثقافية والتربوية.وأكد البيان الختامي للندوة أن قضايا المرأة يجب أن تحتل داخل المجتمع مكاناً متقدماً على قائمة الأولويات، وأن يتاح لها المشاركة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.وتطرق بعض الباحثين إلى دور منظمات المجتمع المدني في الانتخابات، سواء في تنمية الوعي السياسي بأهميتها أو في الدور الرقابي الذي يمكن أن تقوم به لضمان نجاح الانتخابات ونزاهتها. وأكدت المناقشات أهمية الدور الذي تقوم به هذه المنظمات وقدرتها على تحقيق فاعلية كبيرة في نجاح الانتخابات.وفي محور القضية الجنوبية تعرضت أوراق العمل للمسألة الجنوبية منذ ظهورها وأسبابها وعلاقتها ببنية النظام السياسي وسوء إدارته وما تولد عن ذلك من غياب للعدالة والمساواة. واتفقت أغلب الآراء على أن مشكلات المحافظات الجنوبية ومعاناتها لا تختلف كثيراً عن معاناة المحافظات الشمالية.وخلص المشاركون فـي هذا المحور إلى أهمية معالجة المظالم وأشكال الفساد التي حدثت في المحافظات الجنوبية، قبل أي نقاش حول الفيدرالية أو اللامركزية أو غير ذلك من أشكال الحكم. كما اقترح بعضهم قيام حوار حول القضية الجنوبية يسبق الحوار الوطني العام. وفي ختام الندوة الفكرية التي استمرت ثلاثة أيام، أبدى المشاركون تقديرهم لوزارة الثقافة التي بادرت لإقامتها .