مسؤولية الكلمة
امتهان الكتابة ليس بالشيء الهين أواليسير كما قد يتصوره البعض فإمساك الكاتب او الصحفي بالقلم لا يعني أن الكلمات ستتدفق من تلقاء نفسها على الورق بل قد يسبق ذلك ساعات طويلة من التفكير والبحث عن شيء جدير يستحق الكتابة عنه خاصة إذا ما اعتبرنا أن قول الحقيقة مجازفة والبحث عن الحقائق كالمشي على الجمر فالكلمة لها تأثيرها على الآخرين سواء أكانت مكتوبة أو مقروءة، كما أن كاتب تلك الكلمات يختلف في تكوينه الداخلي عن باقي البشر فهو شخص مهموم بقضايا الآخرين ومشاكلهم ويرصد انفعالاتهم وبالتالي تأتي كلماته تعبيراً عن مشاعر الآخرين وتجعل الكاتب قريباً من ذوات الآخرين كما انه في ذات الوقت يسقط في كتابته كثير من التجارب أو المواقف التي يمر بها الكاتب إضافة إلى أنها تعكس جانباً كبيراً من ثقافة الكاتب وشخصيته.ويبدو اننا في العالم العربي أو (دول العالم الثالث) لم نصل إلى الحد الذي نعتبر فيه الكلمة طريقاً للتداوي ففي أمريكا وأوروبا ينظرون للشعر والنثر على أنه وسيلة للتداوي والاستشفاء وخاصة للمرضى النفسيين الذين تقرأ عليهم أشعار تتناسب مع حالتهم النفسية ومن ثم يسأل المريض عن أثر تلك الكلمات على نفسه ونفس الشيء يستخدم في النثر عندما يطلب من المريض ان يكتب معبراً عن الانفعالات والأحاسيس التي بداخله.فالكلمة في بعض الاحيان قد تكون حادة كنصل السكين تدمي القلوب وتشعل الحروب وفي أحاديث أخرى قد تكون الكلمة كبلسم يداوي الجراح وينشر السلام والطمأنينة بين الناس وربما من هذا المنطلق نستطيع ان نفسر السر وراء ازدياد مبيعات كتاب معين دون غيره فقد تكون كلمات ذلك الكاتب قادرة على تحريك كوامن نفوسنا والإبحار في سطور ذلك الكتاب ورؤية ما وراء الأفق وفي ذات الوقت قد نجد هناك كتباً لا تحقق مبيعات عالية أو قد تصل إلى حد المنع، كل ذلك لأن كلمات ذلك الكاتب تحمل دلالات وإيحاءات للعنف والتطرف وتحطيم الثوابت والمبادئ الأخلاقية والدينية التي عاش ويعيش معها كثيرون.لذلك فإن علينا أن ندرك أن الكلمة أمانة ومسؤولية يقع عبؤها على ممتهن الكتابة التي قد تكون كلماته دليلاً يهتدي به الكثيرون ونوراً يخرجنا من الظلمات إلى النور وليس سبيلاً للشهرة وترويج افكار لا تستحق ثمن الأوراق والأقلام التي انفقت عليها.*أثمار هاشم