من الضروري أن يعود الإنسان للذاكرة ويتذكر أحداثاً معينة . ويتأمل حوادث حصلت في عهد عايشه وردة فعل وتبريرات من صنعوا تلك الإحداث في تلك الأيام . وحينها سيستنتج قناعته ورأيه عنهم وسلوكياتهم .ليس ذلك بالضرورة إعجابا أو انتقاصا في حق من كانوا فاعلين أو فعالين في تلك الأحداث بعد مرور كل تلك السنوات الطوال العجاف. ولكن من أجل التمعن والتأمل والوقوف أمام ما يصرحون به أو يفعلونه في هذه الأيام وعلاقته بالماضي صدقا أم كذبا . رغم أننا سنقف أمام حالات غريبة ( لا يمكن تصديقها ) من التحالف السياسي أشبه بالتقاء طرفي مغناطيس لا يمكن أن يلتقيا أبدا إلا بالقوة . والقوة هنا إما تكتيك أو خدعة أو كذب أو مصلحة لطرف على الطرف الآخر وليس عن تحالف حقيقي بينهما .وقد قيل في تعريف السياسة الكثير . فمنهم من عرفها بفن الممكن ومنهم من عرفها بفن الكذب .إن أحداث القتل ومحاربة السلطة والهجوم على المصالح الحكومية ـ وهي مصالح للشعب ـ في زنجبار الأسبوع الماضي من قبل المتطرف الفضلي والمطلوب امريكيا بل وعالميا وأعوانه من بقايا القاعدة المخربين والجرائم المتعددة التي ارتكبها بمسميات عديدة لتثبت بما لايدع مجالا للشك أن الغرب محق في طلبه القبض عليه . ومحاسبته . وهذا خطأ تتحمله السلطات اليمنية في إنها لم تفعل ذلك فظن ذلك المدعو انه يمثل ثقلا في البلد .كل إنسان بسيط من حقه أن يعتقد انه يمثل وزنا في بلده دون ان يتجه إلى التطرف والعنف . لكن الفضلي تمادى واغتر بنفسه واعتقد انه سيعيد أمجاد أجداده رغم الفارق الهائل بين تاريخ أجداده وتاريخه .على كل حال ، الذي حصل من الفضلي وأعوانه من جرائم متعددة ومتنوعة ارتكبت ليس في حق أهل زنجبار وابين واليمن بل بحق الانسانية عامة . ومن الضرورة القبض عليهم جميعا ومحاسبتهم ومعاقبتهم .كل العقلاء وأهل الحكمة وأهل السياسة الحكيمة يستنكرون واستنكروا ذلك . ومن الطبيعي ألا يقبلوا بمثل هذا الخروج عن العرف والشرع والقانون ونشر الفوضى والقتل وإطلاق النار بأسلحة خفيفة ومتوسطة .ردة الفعل الرافضة لكل هذا العمل المشين متوقعة من كل البسطاء مهما اختلفوا مع الدولة فالأمن شيء مقدس .والجمهورية والوحدة هي من أهم الثوابت وإلا عمت الفوضى ليس في اليمن فقط بل المنطقة بكاملها . فاليمن مليء بمن هم على شاكلة الفضلي وهمج الحراك والجهلة فالارضية خصبة جدا لحدوث ما أشرت إليه من فوضى وانتشارها على نطاق واسع في المنطقة إذا لم يتم دعم الحكومة اليمنية للتصدي لكل ذلك بكل الوسائل .لكن التعليق بشكل سلبي من أحزاب المشترك على هذا الحدث أيضا متوقع لان تلك الأحزاب عرفها الناس العاديون أنها أحزاب ليست لها قاعدة ومواثيق ترتكز عليها . وأظن ان قياداتها تبحث عن مصالح شخصية وليس مصلحة الوطن واستقراره . توصلنا إلى هذا الاستنتاج النابع من مواقفها المتعددة المضادة لكل تصرف حكومي مهما كان ايجابيا وتحميلها للدولة كل كارثة حتى لو كانت طبيعية .الغريب في هذه الحادثة ما قرأته في بعض المواقع عن صدور بيان مشترك ناطق باسم الرئيس علي ناصر محمد ومعه حيدر ابوبكر العطاس .وبصرف النظر عن محتوى البيان من قفز على الواقع وتضخيم لأحداث وتثبيت مسميات وتأييد لتحركات مخالفة للقانون ألا أنني أقف أمام هذا التناغم الجديد بدهشة واستغراب . هل نسي الأخ علي ناصر محمد مواقف حليفه في هذا البيان ضد أعوانه حتى عندما تحققت الوحدة اليمنية ؟فلو كان العطاس واقفا إلى جانب البيض لن استغرب ذلك فكلاهما المنتصر في أحداث مجزرة13 يناير 1986 لكن تحالف العطاس مع علي ناصر هنا في ذلك البيان ( إن كان ما قرأته صحيحا) فيه من السياسة ما وصفته في عنوان مقالي بل وأكثر . ويبدو أن نظرية عدو عدوي صديقي . تنجلي واضحة هنا . لكن إذا كانت تنطلي على البسطاء فكيف تنطلي هذه على الاخ علي ناصر محمد الذي نظر إليه منتصرو مجزرة 13 يناير 1986 انه عدوهم حتى بعد تحقيق الوحدة اليمنية بسنوات !هل في هذا البيان حسبما قرأته فن أم حيلة أم مصلحة أم كذب ...؟ أليس من الطبيعي أن الساعي الأول لاستصدار ذلك البيان هو المستفيد الحقيقي من إصداره . !؟
السياسة فن وخدعة وكذب
أخبار متعلقة