التعليم الفني في عهد الوحدة .. تطورات متلاحقة وإنجازات حافلة بالشواهد
حوار / عبدالرحمن أنيس : يعد التعليم الفني والتدريب المهني رافداً اساسياً من روافد التنمية في بلادنا ويحتل أهمية كبيرة في الدفع بعجلة التنمية والاقتصاد الوطني إلى الأمام لارتباطه وبشكل مباشر بسوق العمل . التعليم الفني والتدريب المهني كان أحد أهم القطاعات التي شملها خير الوحدة اليمنية وحقق خلال ثمانية عشر عاماً من مسيرة الوحدة اليمنية الكثير من الإنجازات والتطورات والقفزات سواء في النظام التعليمي الذي يتم تطويره باستمرار أو في المعاهد المهنية والتقنية وكليات المجتمع وتزويدها بالآلات التكنولوجية الحديثة التي تواكب العصر وكذا مخرجات هذا التعليم الذي أصبح يرفد سوق العمل بالكوادر المؤهلة والمدربة بما يساهم في امتصاص البطالة والتقليل من الفقر . حظي التعليم الفني والتدريب المهني بعناية خاصة في ظل الوحدة المباركة فبعد أن كان إجمالي المعاهد الفنية والتقنية في العام 1990م مجرد ستة معاهد موزعة على ستة محافظات ، أصبح عدد هذه المعاهد اليوم وبعد ثمانية عشر عاماً من الوحدة سبعة وستين مؤسسة تدريبية وتعليمية موزعة على مختلف محافظات الجمهورية ، هذه المعاهد وهؤلاء الشباب الخريجين الذين ساعدتهم هذه المعاهد والكليات على إيجاد فرص عمل سيظلون شاهدين على خيرات الوحدة المباركة التي تحققت في 22مايو 1990م وتحققت بفضلها انجازات تنموية في شتى القطاعات . في هذا اللقاء استضفنا الدكتور / ابراهيم عمر حجري وزير التعليم الفني والتدريب المهني الذي يتحدث في هذا اللقاء عن واقع التعليم الفني والمهني اليوم والمصاعب التي تواجهه والحلول التي تتخذها الوزارة ، وكذا الإنجازات التي تحققت في قطاع التعليم الفني والتدريب المهني منذ قيام الوحدة المباركة ، كما يتناول اللقاء مخرجات التعليم الفني والمهني ومدى تلبيتها لاحتياجات سوق العمل ورفد التنمية ، وكذا إستراتيجية الوزارة لتغطية احتياجات سوق العمل اليمني وأسواق دول الجوار والعديد من القضايا التي تتعلق بالتعليم الفني والمهني ،، وفيما يلي نص الحوار : * كيف تقيمون واقع التعليم الفني والتدريب المهني اليوم ؟ - لا شك أن التعليم الفني والتدريب المهني في الجمهورية اليمنية بمعاهده وكلياته أصبح أوسع نمواً داخل منظومة التعليم فإذا أردنا نقيم واقع التعليم الفني والتدريب المهني اليوم فلا بد أن نعرف واقع مجتمعنا المعاصر واحتياجاته للمعرفة المعلوماتية وما يتطلب من كوادر وطنية متميزة تتسم بالتكاملية والمرونة النوعية وهذا ما كان ليتأتى إلا من جهود القيادة السياسية والحكومة نحو تحقيق رسالة التعليم . هذه الرسالة حققت من خلال التعليم الفني والتدريب المهني الواقع الذي يلمسه الجميع التالي : مواكبة التغيرات المتسارعة لسوق العمل المحلي والإقليمي بالخدمات التدريبية وتوطيد اوجه التعاون بين 67 معهداً وكلية مجتمع تنتشر اليوم في أنحاء محافظات الجمهورية لغرض التأهيل والتدريب . تم إعداد الدراسات والبحوث التطويرية وتنظيم التعليم الفني والتدريب المهني الرسمي والخاص والتعاوني وفق المعايير والمواصفات الإقليمية والدولية . نقل الكثير من التجارب والخبرات الإقليمية الدولية إلى مؤسستنا التدريبية . تمكين مواردنا البشرية من المشاركة الفاعلة في عجلة التنمية وإعدادهم للمنافسة في مختلف ميادين الانتاج المحلي مع الدول الشقيقة والصديقة . تطوير البيئة المؤسسية وكذا تطوير القدرات البشرية المعنية بتسيير عمليتي التعليم والتدريب وتعزيز قدراتنا البشرية وإيجاد تكافؤ فرص التعليم بين مصفوفات التعليم الثلاث سعياً للوصول إلى سد حاجة السوق والقضاء على البطالة والفقر بين أوساط الشباب وتمكينها من العلوم والمعارف النظرية والعملية والمشاركة الفاعلة في عملية التنمية . * ما هي أبرز الانجازات التنموية والخدمية التي شهدها التعليم الفني والتدريب المهني منذ قيام الوحدة المباركة وحتى اليوم ؟ - منذ قيام الوحدة المباركة وحتى اليوم شهد التعليم الفني والتدريب المهني في الميادين التنموية والخدمية الكثير من الإنجازات منها : تحقق بناء نظام تعليمي متطور ومتميز قادر على استيعاب الكثير من التغيرات ومواكبة مجتمعات المعرفة وتمكين الموارد البشرية من المشاركة الفاعلة بعجلة النمو في مختلف مجالات الحياة وإعداد جيل قادر على المنافسة في مختلف ميادين الانتاج والأسواق اليمنية والإقليمية . أصبح لدينا مصفوفة ضمن منظومة التعليم وهذه المصفوفة كانت قبل الوحدة المباركة لا تمثل شيئاً داخل النظام التعليمي في اليمن أما اليوم فإن مصفوفة التعليم الفني والمهني شملت ( مهني ، تقني ، كليات المجتمع ) لتحتوي على نظام التعليم والتدريب في المعاهد المهنية والتقنية وكليات المجتمع بالمناهج الحديثة والوحدات التدريبية المتكاملة واحتساب المحصلة في نظام ( 2+2 ) في برنامج شهادات الأربع سنوات بالإضافة الى محتوى برامج المعاهد التقنية وكليات المجتمع منها مجموعة واسعة التنوع من البرامج المعاصرة تصل الى عشرات الاختصاصات في المجالات الزراعية والصناعية والتجارية والسمكية والسياحية وبعض البرامج المتعلقة بالصحة وجميعها انجازات تنموية وقد شهدها التعليم الفني والتدريب المهني بعد قيام الوحدة المباركة وتسعى الوزارة الى تنامي مداخلاتها من مخرجات التعليم العام ليصل العدد الى 15% عام 2014م كما هو في إطار استراتيجية مصفوفة التعليم الفني والمهني تحقق انجاز عشرات المعاهد والكليات في انحاء محافظات الجمهورية بحوالي ( 82 معهداً وكلية مجتمع خلال الفترة 2004م – 2014م بمعدل ( 8 ) معاهد وكلية مجتمع إلى جانب ( 67 ) معهداً وكلية مجتمع مفعلة في منظومة التعليم جميعها تحت اشراف وزارة التعليم الفني والمهني ومتابعة المجالس المحلية ومكاتب الوزارة في المحافظات . * ما هي المعوقات والصعوبات التي تواجهكم في هذا المجال ؟ وما أبرز الحلول والمعالجات المتخذة بهذا الخصوص ؟ - من أهم المعوقات والصعوبات التي تواجه عمل الوزارة هو أن هذا النوع من التعليم مكلف جداً أي أنه يتطلب مبالغ باهظة من حيث الانشاء والتجهيز حتى نتمكن من وجود مخرجات جيدة تفي بمتطلبات واحتياجات سوق العمل .. إضافة إلى أن هناك العديد من الصعوبات والمعوقات ومنها وجود فجوة هائلة بين مخرجات التعليم العام والجامعي والتعليم الفني والمهني كما أن محدودية الطاقة الاستيعابية الحالية من المعاهد والكليات لا تستطيع قبول أكبر عدد من المدخلات ومن هنا فقد وضعت الوزارة استراتيجية وطنية للتعليم الفني والتدريب المهني ولمدة عشر سنوات تتضمن العديد من المحاور والتي يمكن من خلال رفع الطاقة الاستيعابية إلى 15% من التعليم العام الأساسي والثانوي إضافة الى التركيز على تطوير المناهج وفقاً للتطورات التكنولوجية الحديثة وتأهيل الكوادر وخلق شراكة مع القطاع الخاص كما لا ننسى دور بعض الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية في دعم منظومة التعليم الفني والمهني في بلادنا . * ما هي وجوه المفارقة بين واقع التعليم الفني وا لتدريب المهني قبل وبعد قيام الوحدة المباركة ؟ - لقد شهد التعليم الفني والتدريب المهني في بلادنا الكثير من التطورات والقفزات المتلاحقة منذ قيام الوحدة اليمنية المباركة وهي حافلة وتزخر بالشواهد حول ما تحقق للتعليم الفني والتدريب من تحول وتطور فمن ( 6 ) معاهد في عام 1990م تتوزع على ست محافظات تشرف عليها المؤسسة العامة للتعليم الفني حين ذلك إلى ( 67 ) مؤسسة تدريبية وتعليمية حالياً موزعة في مختلف محافظات الجمهورية وذلك بفضل رعاية واهتمام القيادة السياسية ممثلة برعاية مسيرة التنمية والتحديث فخامة الأخ / علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية حفظه الله الذي أولى التعليم الفني والتدريب المهني جل اهتمامه ورعايته وتوج ذلك بانشاء وزارة مختصة تعنى بالتعليم الفني والتدريب المهني في العام 2001م تعمل على تنفيذ مهام وأهداف منظومة التعليم الفني والتدريب المهني باعتبارها المظلة الحكومية الواحدة للاشراف على المعاهد المهنية والتقنية وكليات المجتمع في عموم محافظات الجمهورية . * هل لبت مخرجات التعليم الفني احتياجات سوق العمل وما مدى فائدة التعليم الفني والتدريب المهني في رفد التنمية ؟ - تركز الوزارة على رفد سوق العمل بالعمالة الماهرة والمدربة من مخرجات المعاهد المهنية والتقنية وكليات المجتمع وفقاً لمتطلبات واحتياجات السوق من المهارات والتخصصات المطلوبة .. حيث ان الوزارة تعمل حالياً على دراسة احتياجات السوق في كل محافظة قبل إنشاء أو فتح أي معاهد او كليات حتى تتمكن تلك المعاهد والكليات من تلبية أي متطلبات أو احتياجات وفقاً لطبيعة كل محافظة والتعليم الفني والتدريب المهني يعتبر رافداً أساسياً من روافد التنمية في بلادنا ويحتل اهمية كبيرة في الدفع بعجلة التنمية والاقتصاد الوطني الى الأمام لارتباطه وبشكل مباشر بسوق العمل . * أين تكمن اهمية التعليم الفني والتدريب المهني حسب وجهة نظركم في الوقت الراهن ؟ - ليس هناك اليوم من يقلل من الأهمية الكبرى التي يحتلها التعليم الفني والتدريب المهني ودوره المحوري في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بصفته يمثل أحد الأدوات الرئيسية في تكوين الكوادر البشرية وأهم الاليات المتبعة لمكافحة الفقر وله تأثير مباشر وقوي على مستجدات وتقلبات التشغيل والبطالة ومن هنا فإن التعليم الفني والتدريب المهني يحتل اهمية كبيرة في عملية البناء والتنمية من خلال توفير الكوادر المؤهلة والمدربة وبالتالي فإن هذه الأهمية لهذا النوع من التعليم تزداد أهمية يوماً بعد يوم كلما زاد الطلب على هذه المخرجات من قبل سوق العمل باعتباره الملاذ الآمن للتخفيف من الفقر والحد من البطالة . * هل تجدون أن هناك عناية بالتعليم الفني من جهات الاختصاص العليا ؟- التعليم الفني والتدريب المهني عموماً يحظى برعاية واهتمام غير مسبوق من قبل القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ / علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية حفظه الله الذي كان له الدور الأكبر في تحقيق وزارة التعليم الفني والتدريب المهني العديد من الانجازات التي تحققت على كافة الأصعدة من حيث التوسع في بناء العديد من المعاهد المهنية والتقنية وكليات المجتمع وتوفير التجهيزات الحديثة المتطورة وتأهيل الكوادر البشرية بمختلف التخصصات ولولا هذا الاهتمام والرعاية التي يحظى بها التعليم الفني والتدريب المهني من قبل القيادة السياسية والحكومة لما استطاعت الوصول الى ما وصلت اليه ورغم ذلك فاننا نطمح الى استمرارية هذا الاهتمام والدعم حتى تتمكن الوزارة من تحقيق أهدافها المنشودة . * ما نسبة حصول المتخرجين على فرص عمل حسب احصائيات الوزارة ؟ - عموماً نستطيع القول بأنه لا يوجد بطالة بين مخرجات التعليم الفني والتدريب المهني فهذه المخرجات تعتبر من أهم متطلبات سوق العمل والقطاع الخاص ممثلة بالشركات والمصانع والورش ذات الطابع الخاص نظراً لما تحمله هذه المخرجات من مؤهلات ومهارات حرفية ومهنية عالية التقنية كما أن الوزارة عملت على تصميم برنامج يسمى “ متابعة الخريجين “ عبارة عن موقع الكتروني يشمل جميع بيانات الخريجين ومنها المستوى وتخصصات كل خريج ويهدف الى تسهيل حصول هؤلاء الخريجين على وظائف من خلال عرض بياناتهم على شكل إعلان على الانترنت وفي هذا الإطار وضمن جهود الوزارة لتوظيف مخرجات مؤسساتها التدريبية تم توفير عدد من فرص العمل لعدد من الخريجين في مؤسسات خاصة والحكومية . ومن هذا المنطلق فإن الوزارة تعمل على توفير كل الوسائل الممكنة والمتمثلة في توفير المدرب الجيد والتجهيزات الحديثة والمناهج المستوعبة للتطورات المتوافقة مع متطلبات السوق كل تلك العناصر تساعد في إيجاد مخرجات مؤهلة ومدربة تلبي احتياجات ومتطلبات سوق العمل . * ماذا بشان التنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي بشأن تخصيص حصة كافية للعمالة الماهرة اليمنية ؟ - في الحقيقة لم يقف طموح وزارة التعليم الفني والتدريب المهني عند حد تغطية سوق العمل المحلية فحسب وانما تسعى حالياً للعمل على ايجاد السبل الكفيلة لايجاد البيئة المؤسسية اللازمة لإعداد الكوادر المطلوبة لسوق العمل وتغطية أسواق دول الجوار وبالأخص مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك السوق اليمني لتحديد الاحتياجات والمتطلبات من المهارات والكفاءات المهنية والتقنية تمهيداً لتأهيل قوة العمل اليمنية بما يجعلها أكثر قدرة على تلبية الاحتياجات المتطورة للسوق وهذه الدراسة ستعد من قبل الجهات ذات العلاقة في بلادنا ومنها وحدة معلومات سوق العمل التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل بالإضافة إلى العمل على تعزيز التعاون القائم بين وزارة التعليم الفني والتدريب المهني في بلادنا وبين الوزارات والمؤسسات المشرفة على تدريب وإعداد الكوادر الفنية والمهنية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي وعلى ضوء ذلك يمكن معرفة مدة احتياجات هذه السوق من العمالة المؤهلة .