خلال الحقبة الثورية التي انعدمت في أجوائها الديمقراطية، وعلت رايات التعصب القبلي أو الايديولوجي وانتكست فيها ثقافة التعدد والقبول بالاختلاف وفهم الآخر، خلال تلك الحقبة شهدت البلاد موجات عنف سياسي وسجلت على الأقل “12” حالة استبعاد وانقلاب واغتيال سياسي عند رأس هرم السلطة، وكانت آخرها وأشدها دموية أحداث 13 يناير 1986م عندما وصلت الأزمة بين أجنحة الحزب الاشتراكي ذروتها ولم تجد متنفسها إلا في مشهد عنف لا سابق له منذ ثورة سبتمبر باستثناء حروب سبتمبر 1972م ومارس1979م وحرب صيف 1994م.. وقد أمسى ذلك تاريخاً وجزءاً من الماضي حقاً، لكن ماتزال هناك حاجة تعنينا من ذلك الماضي، خاصة وأن هناك ضحايا لذلك العنف يدين لهم المتسببون به بالاعتذار.. أما على المستوى الشعبي فإن رغبة الناس في التخلص من أدران الماضي عن طريق إشاعة فضائل التسامح والتصالح فيما بينهم، فهي رغبة تستحق التشجيع والدعم، وسيكون الأمر مثيراً للابتسام لو أن هؤلاء يتيقظون جيداً بحيث لا يسمحون لأحد أن يحول فضائل التسامح والتصالح لديهم إلى منصة تشيد فوقها ثأرات وإحساسات مجهدة، فالتسامح والتصالح ينبغي أن يتحول إلى جسور لتدعيم الأخوة والسلم الاجتماعي، وليس وسيلة لإثارة الانقسام والتذكير بأيام داحس والغبراء وإضعاف النسيج الاجتماعي لليمنيين. عندما دست أحزاب المعارضة أنفها في قضية شعبية تتعلق بالتسامح والتصالح وسعت لاستغلال المناسبة اليوم لخدمة مصالحها السياسية تكون قد تورطت في إضعاف ميول الناس نحو هذه الفضائل، وقد أدرك بعض قادة جمعيات المتقاعدين ذلك وقرروا عدم المشاركة في هذه الفعالية، وهذا موقف يحسب لهم.. وبمقابل خطأ أحزاب المعارضة في التوظيف السياسي لقضية إنسانية وفضيلة اجتماعية كهذه، فإن آخرين لديهم إيمان قوي بنهج التسامح والتصالح ظهروا بمظهر من تملكه الغضب لمجرد أن هناك من يدعون لنفس النهج، صحيح أن بعض أصحاب هذه الدعوة ليسوا أبرياء ولديهم مآرب أخرى، ولكن خوض أصحاب الباطل في “الحق” لايجوز أن يدفعنا إلى تعميم باطلهم على الأكثرية من دعاة «الحق»!.
|
تقارير
غضون
أخبار متعلقة