دمعة وداع ولمسة وفاء لفقيد الصحافة اليمنية
تستثير لحظة الوداع اكثر من عاطفة في النفس البشرية وتتخلق فيها تشكيلة من المشاعر الفياضة بما تجسده تلك اللحظة وما تتركه من آثار عميقة خاصة عندما يعيشها الانسان عند وداع وفراق حبيب او صديق عزيز رحل من دنيا الفناء الى دنيا الخلود والبقاء مفارقاً الاهل والاصدقاء والاحباب والاقارب وبعد رحيله بقلوب مكلومه تخيم فيها مشاعر الاسى والحزن ويظل الوفاء باعتباره صفة انسانية نبيلة وما تختزنه الذاكرة والافئدة من الذكريات الحلوة والمرة التي عاشوها مع فقيدهم الغالي وعاشها معهم في حياته ومهما بلغ عمق الحزن وعظمة وجلل المصاب وحجم الالم الذي تتركه المنايا والخطوب التي تصيبنا الا ان الانسان المؤمن يتقبلها بقلب مفعم بالايمان بالله سبحانه وتعالى وبقضائه وقدره ومشيئته عز وجل ويدعو ويبتهل الى الله ان يتغمد فقيده بواسع الرحمة والمغفرة والرضوان وان يسكنه فسيح جناته وان يلهم اهله واحباءه واقاربه الصبر والسلوان انا لله وانا اليه راجعون . لقد تكثفت في نفسي مشاعر الحزن العميق عند قراءتي صحيفة 14 اكتوبر ( العدد رقم 13329 الصادر يوم الخميس الماضي 2 مارس 2006م وفي الصفحة الثامنة طالعت مساحة موشحة باللون الاسود تحمل في ثناياها الخبر - الفاجعة - والعزاء ولمسة الوفاء الجميل من الاخ والزميل الاستاذ احمد الحبيشي رئيس مجلس الادارة رئيس تحرير الصحيفة وكافة الزملاء الاعزاء اسرة الصحيفة تقدموا جميعاً بخالص العزاء بوفاة الرجل النبيل والاستاذ والمعلم الجليل علي محمد الضحياني احد رواد الصحافة اليمنية .. ذلك الانسان الذي عرفته عن قرب وارتبطت بصداقة حميمة معه منذ عام 1974م منذ ان كنت طالباً في المرحلة الثانوية حينما بدأت مشواري في الارتباط والعشق لمهنة الصحافة كانت صحيفة 14 اكتوبر هي المدرسة التي تعلمت فيها ابجديات العمل وتتلمذت على ايادي روادها الافاضل فكان الاستاذ القدير المرحوم علي محمد الضحياني واحداً من أولئك الرعيل الاول والطراز الفريد الذين قدموا لي ولبقية زملائي كل اشكال الرعاية والاهتمام وفي المقال الذي كتبته ونشرته الصحيفة في عددها رقم 13287 الصادر يوم الخميس 19 يناير 2006م في ذكرى تأسيسها اوردت نفحات من الذكريات العطرة والجميلة واشرت بالاسم لاستاذي المغفور له الضحياني ولعلي هنا اعود لاتذكر الفترة التي استحدثت فيها صفحة اسبوعية خاصة بالمراسلين الشعبيين كلفت بتغطيات اخبارية متعددة كان فقيدنا الغالي يهتم كثيراً بمراجعة الاخبار التي نكتبها ودونما مبالغة او تبجح كان يعجب ايما اعجاب بالمواضيع التي اتناولها وحرصي على تنوعها وكنت اسعد كثيراً بعبارات الثناء والاطراء التي يخصني بها وقد تعلمت منه فنون العمل الصحفي واساليبه وطرائقه وصياغة الخبر الصحفي وعناصره قبل دراستها من بطون الكتب . كانت آراؤه وملاحظاته ومعلوماته التي يزودنا بها لها عظيم الاثر عندما التحقنا في اول دورة صحفية عام 1975م نظمتها وزارة الاعلام بحضور زملاء من الصحيفة والوكالة والاذاعة والتلفزيون وكان الاستاذ المحاضر سكرتير تحرير صحيفة ( نيوزدويتشلاند ) الالمانية الذي اعجب كثيراً بفعاليه اداء الزملاء الذين انتدبتهم الصحيفة للمشاركة في تلك الدورة قد دهش كثيراً عندما عرف انهم من الطلاب الذين يعشقون مهنة الصحافة وقد اصدرنا عقب ختام الدورة بعد ثلاثة اشهر صحيفة خاصة بالمشاركين قمت بتحرير الصفحة الاخيرة فيها تضمنت استطلاعاً ثقافياً ولقاءً خاصاً مع الاستاذ القدير المرحوم علي عبدالرزاق باذيب الذي كان يشغل حينها مديراً عاماً للمركز اليمني للابحاث الثقافية والاثار والمتاحف وكان موقعه الكائن ( نفس مبنى المجلس التشريعي سابقاً ) الموقع الاثري الحي على الجبل بكريتر وقد لعب استاذي الجليل والرجل النبيل المرحوم علي محمد الضحياني دوراً كبيراً في تشجيعي والتنسيق والاعداد لذلك اللقاء الهام الذي كان اول لقاء لي مع قامة ثقافية وفكرية هامة . وقد اهداني أ . باذيب اول مجموعة كتب ثقافية متنوعة افادتني كثيراً ولا زلت احتفظ بها في مكتبتي المنزلية رغم مرور اكثر من ثلاثة عقود من الزمن الجميل . قبل الختام كان اخر لقاء لي بالاستاذ القدير علي محمد الضحياني رحمه الله قبل شهرين حينما رأيته ماشياً في شارع التحرير بالعاصمة صنعاء فنزلت من السيارة مهرولاً باتجاهه لاعانقه عناقاً حاراً حتى كادت الاكياس التي بيده تسقط على الارض حددنا موعداً للقاء به في عدن ولكن الاقدار لم تسمح بتحقيق ذلك اللقاء انا لله وانا اليه راجعون . * Email: bamarhol @ yahoo.com