أقواس
ليس من المستبعد أن تنفجر "الموضة" على طريقة الغرب الأوروبي في مجتمعنا العربي بصورة يتم التعامل معها وكأنها هي الانموذج !؟وليس من المستبعد أيضاً مثلما اكتسحت موضة الجينز والكوكا كولا والهمبرجر حياتنا أن تنفرد اسواقنا بتجارة الجسد البشري كوسيلة مفجعة يلجأ إليها الفقراء لسد عوزهم، كما يلجأ إليها دعاة التقدم الغربي ومسايرة تقليعاته والتبرؤ من كل ماهو ثقافي حضاري عربي.وهاهم يمجدون الغرب الأوروبي شاكرين مزاياه.فبفعل السيطرة الغربية على العالم بات جزءاً لايستهان به من مجتمعاتنا يميل إلى الاعتقاد بكل ماهو مستورد من الغرب باعتباره شيئاً عظيماً ونبيلاً.في حين أن الجنيز أكان موضة السبعينات إلا أنه يشكل الدويتو مع الموسيقى والأغاني الصاخبة والكوكا كولا والاذعان المتبادل للأيماءات والحركات الجنسية والمخدرات ،فأصبح التحدي السافر الذي يواجههه المجتمع العربي اليوم ليس مواجهة الموضة فقط، بل مواجهة قولبة الشخصية العربية حسب الأنموذج الصناعي والثقافي الغربي.فالقنوات الفضائية ورموزها منها من يطالب الغرب بالتدخل في الشرق لأن إعلامهم يتماشى والمقولة السائدة "الجمهور عاوز كدة".ولقد جاءت للأسف البرامج الشبابية والأغاني والمسلسلات الاميركية وتقليدها من منبع هذه الدعوة اضافة الى الملبوسات والاكسوارات والوشم والرسومات على الجلد وأشياء أخرى في كل حالاتها تؤكد المناداة بهذه الشعارات التي تجد لها رواجاً عند بعض الشباب والمتاجرين بالثقافة والإعلام،بل ذهبوا الى أبعد من ذلك حيث دخلوا في اعناق أشياء غريبة مثل عبادة الشيطان والتقلب مع الريح حيث تميل وفي وقت من المتوقع أن يصل الفقر والجوع فيه الى 70 أي ءأن فقراء العالم 07 هم أسيويون وأفارقه وعرب.ألا يعني هذا أن مؤسسات إعلامية وثقافية خطرة تعي أن اكتساح السلعة هو في الدرجة الأولى اكتساح فكري وثقافي لن يهدد فقط الثقافات التي تتمتع بجاذبية كبرى للمواهب وتتحول الى عقول مفكرة ومستودعات عظيمة لوسائل وامكانات الإبداع والانتاج، وانما سيهدد مكاسب هذه الشعوب والأمم التي كانت ومازالت دوماً تعني أن الشرق متميز بروحانيته ومثالياته؟!ويقال على حد تعبير المفكر العربي "برهان غليون" إن ثقافات الدول الغربية تتحول في واقع الأمر إلى مركز استثمار كبير في المقابل تنمو الثقافة العربية وحدها كالفطر من دون رعاية حقيقية وتعتمد على جهود أفراد معزولين وعلى تضحياتهم الشخصية من كتاب وفلاسفة وفنانين وعلماء.إنه زمن اكتساح السلطة كفكرة وسلوك وأنموذج ونحن العرب ليس لنا سياسة خاصة حتى فيما يتعلق بنشر الكتاب الذي يعامل معاملة السلعة العادية.معلوم أن ما ينفق على التنمية الثقافية في بلادنا العربية مثلاً لايعادل ثمن بضع دبابات.* نهلة عبدالله