التمثال الأثري اليمني
صنعاء / سبأ :يبدو أن رحلة معاناة تمثال أثرى ضخم مصنوع من البرونز،يعتقد بأنه لأحد الاقيال الذين عرفهم اليمن خلال القرن السادس قبل الميلاد، لن تنتهي بمجرد توديع التمثال للمتحف الوطني بصنعاء وانتقاله اليوم الاثنين إلى متحف اللوفر بباريس.فبعد مضى حوالي ثلاث سنوات تقريبا من اقتناء التمثال، وإيداعه بالمتحف الوطني بصنعاء ضمن مجموعة من القطع الأثرية النادرة تم اقتناؤها من منطقة الجوف شمالى شرق العاصمة اليمنية صنعاء بمبلغ 50 مليون ريال يمنى منتصف العام 2004م، يبدو أن التمثال الذي ظل طويلا مستلقيا بين أربعة جدران داخل حجرة ضيقة بأحد مخازن المتحف الوطني لن يعرف بعد ألان طعم السأم.لكن التمثال الذي بدأ منتشيا بتوديع غرفته في رحلة ترميم وصيانة واسعة،تستمرفي باريس حتى نهاية شهر أكتوبر من العام المقبل، لن تنتهي معاناته بوصوله لباريس حيث لن يخلص على ما يبدو من الشعور بالوحدة والغربة بين مجموعة من القطع والتحف الأثرية التي ثمة الكثير من نقاط التباين تفصل بينه وبينها.ويخضع التمثال خلال فترة بقائه في باريس حسب ما أفادت السيدة فرانسوا ديمونج مسؤولة تاريخ الشرق الأدنى بمتحف اللوفر الفرنسي لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ" للعديد من عمليــات الترميم والصيانة والدراسـة .ولكى لا تذهب جهود عملية ترميمه سدى، قالت ديمونج في معرض ردها على سوالنا حول العائد المالي لليمن من عرض التمثال في متحف اللوفر أن التمثال لابد بعد ألانتهاء من عملية ترميمه أن يوضع في مكان معين على أساس التخزين أو العرض العلمي ، وأشارت ديمونج التي قالت إن عملية الترميم ستكلف مبلغاً مالياً كبيراً إلى أنه لا يمكن معرفة الرقم الحقيقي ألا بعد عودة التمثال .كما أن من الصعب حسب خبراء وطنيين وأجانب في مجال ترميم الاثار.تقديم قراءة موضوعية حول الفترة والأهمية التاريخية للتمثال ألان. خاصة في ظل حالته السيئة الحالية حيث يصعب تحديد الفترة التاريخية التي ينتمي اليها، على حد قول فهمي العريقى مدير إدارة الترميم بالمتحف الوطني، لكن عبد العزيز الجندارى أمين عام المتحف الوطني بصنعاء خمن أن يكون تاريخ التمثال يعود للفترة ما بين القرن السادس قبل الميلاد وحتى القرن الرابع بعد الميلاد.وأضاف العريقى أن التمثال يضاهى من حيث الأهمية التاريخية والجودة والنوعية، تمثال معد بن كرب أيل وتر ، وهو أحد ملوك اليمن السبئيين الذين عرفهم اليمن خلال فترة ازدهار الحضارة السبئية القديمة.والتى سبق أن ورد ذكرها في الكتب السماوية، بتاريخها الممتد في الفترة من1200 ق.م وحتى 200 بعد ميلاد المسيح عليه السلام .وبالنسبة للوصف الأثري للتمثال قال فهمي: التمثال حسب الوصف الأثري تمثال كبير من البرونز في وضع واقف ويساوى في حجمه تماثل معدى كرب، وهذا التمثال يعتبر من التماثيل النادرة جدا، أحد الايدى مرفوعة للأعلى والثانية منخفضة ويوجد في صدره كتابة بخط المسند تمثل مجموعة اسطر وطبعا معظمها لسوء حالة التمثال غير واضحة المعالم تماما.وتابع لا نستطيع أن نقدم ألان دراسة عن تاريخ التمثال حيث أن التمثال يوجد به طبقات من نوادب الصدأ أضافه إلى أن احد الأقدام مكسور جزء منها ، ويصل طوله تقريبا متر و65 فيما يتراوح عرضه ما بين 5060 سنتيمتر تقريبا .والتمثال في حالته الراهنة يحتاج إلى عملية ترميم وصيانة فترة طويلة لإبراز وتوضيح المعالم والملامح الجميلة التي نفذها الإنسان اليمنى القديم.وبعد عودته من رحلة الترميم والصيانة لاشك سنرى تمثال جميل سيتم عرضة في أحدى صالات متحف صنعاء وهو يعد من التماثيل الهامة.ويرى الخبراء أن هذا النوع من التماثيل بحجمه الكبير والمتكامل بتفاصيل الجسم والزخارف سواء كانت الكتابية أو الملامح الطبيعية في الحضارة اليمنية القديمة. سيضفي بالتأكيد الكثير من الإضافات النوعية على تاريخ اليمن القديم،وفي مقدمتها أن النقوش الموجودة عليه ستبين الفترة الزمنية التي يعود أليها التمثال كما أنها ستوضح من قام بصبة ولمن من الملوك يعود ودور هذا الملك في التاريخ اليمنى وطبيعة الحقبة الزمنية التي عاشها اليمن انذاك.ولا يستبعد العريقى، أن يسهم التمثال بعد عملية ترميمه في تقديم روية متكاملة للمجتمع الاوروبى ككل عن تاريخ اليمن والشرق الأدنى القديم.وذلك من خلال احتلاله لمكان ما في صالات العرض بمتحف اللوفر بباريس، وهى أكبر متاحف ومعامل العالم الاوروبى، وقال في هذا الصدد سيكون التمثال بمثابة نافذة تعريفية تمكن الزائر من معرفة الأهمية التي أحتلها ويحتلها اليمن على الخارطة التاريخية والحضارية والانسانية. وكيف أن الإنسان اليمنى القديم قد توصل في وقت مبكر للكثير من الصناعات المعاصرة بمقاييس ذلك الوقت، فاليمنى الذي عرف عنه تاريخيا الاهتمام بتفاصيل الوجه جاء التمثال بالإضافة إلى تمثال معد بن كرب ليؤكد كشفا جديدا يضفي أضافه نوعية مهمة مفادها اليمنيين القدامى اهتموا أيضا بتفاصيل الجسم كاملة كما عرفوا مظاهر الرفاه والتقدم العلمي منذ وقت مبكر، حيث استطاعوا صناعة التماثيل الكبيرة واكتشاف البرونز الذي يتكون من النحاس والقصدير، واستخراج المواد المعدنية من خاماتها، من الجبال.ورغم الأهمية القصوى التي احتلها اليمن في التاريخ الإنساني القديم، ودوره بالنسبة للاقتصاد العالمي القديم الذي ساهمت في ازدهاره حضارات مثل حضارة مصر وبابل وروما واليونان وبلاد اليمن السعيد، ألا أن بقاء تاريخ هذا البلد مغمورا لسنوات طويلة، جعل من معرفة الكثيرين لتاريخه في الغرب لا تتعدى كونه مركز للتراث.على حد تعبير الخبيرة الفرنسية.وقالت لكن من خلال هذا التعاون الأول من نوعه والذي سيعرض فيه التمثال على العالم في متحف اللوفر وسيشارك خبيرين يمنيين في عملية الترميم من باب التدريب العملي واكتساب الخبرة ، ستتضح الكثير من الجوانب التي كانت غامضة عن تاريخ اليمن للجمهور الغربي وكيف أنه لا تقل أهمية عن الحضارة البابلية والمصرية القديمة.