سلوى صنعانيتقاسمنا معاً صناعة الحرف وصياغة الكلمة وقرص الخبر اليومي .. ونلنا معاً مشقة مهنة البحث عن المتاعب .. في بلاط صاحبة الجلالة التي نعشقها.كنا معاً ثلاثة لانفارق بعضنا في الدوام الرسمي، حيث نبدأ صباحنا بالتحضير في دفتر الحضور والغياب وان غاب احدنا ، يغطيه الآخر يوقع بالنيابة عنه حتى لايقضم من راتبه. حنان لابعده ولامثله تجد حتى بين الاخوة في المنزل الواحد وتحت سقف واحد هو دائرة التحقيقات عقب التحضير نحتسي قهوة الصباح ونتناول الافطار معاً.. ما ان ندلف بوابة المكتب حتى نجد نظيرة امامنا وقد جاءت بنسخة من الصحيفة لكل واحد منا ومعها كوب الشاي الذي نفتقده اليوم مثلما افتقد زملاء المهنة ومعهم ولى العطف وتبخر الجنان ولاشيء يسود اكثر من الحسد والتغابن على بعضهم البعض مع انهم في بوتقة المعاناة محشورين بجملتهم..فقدت احمد مفتاح الذي رحل وقهقهاته العالية وكلمة (تيشة) التي يخرسني بها عندما كان ينهمك في رحلته الخيالية مع الفنان احمد قاسم وكان على المقعد الامامي للسيارة بينما كان طه حيدر في الكرسي الخلفي يتبادلان النكات والشتائم المداعبة الباعثة على الضحك احياناً.بعد ان نال الحزن كبدى لفراق عبدالقوي الصنعاني مباشرة مضى احمد في الخامس من مارس ومواسم الربيع تكل بازاهيرها لانه كان زهرة فواحه اريجها من حب وما اعظمه من رجل وما ابلغه من قلم .وفي نفس العام رحل طه حيدر في 6 / 6 / 2004م وهكذا وجدت نفسي بلا احمد ولاطه ولا ادري ان الايام تكمن في احشائها مواعيد اخرى للفراق وكأن شمعة الاحزان ترفض أن تنطفىء في نفسي .. عبدالقوي فاحمد ثم طه .. فقدت ثم توالت الآلام والاحزان ولم يبق احد منهم لي مقلة ابكي بها نفسي..اليوم وبعد مضي عامين تعود الروزنامة باوراقها من جديد وتبرز ذكرى رحيلهم وعلى رأسهم طه الذي فارقنا منذ عامين وهكذا تحل ذكرى رحيله الثانية مطلع هذا الشهر ..قبل رحيله بعام كنت متأثرة لفراق عبدالقوي فنصحني مواسياً حاولي ان تتذكري بعض المساوئ للراحلين فربما هذا يخفف من حزنك..وأجبته انني لا ارى اي سيئ في من فقدت بل احبهم وافتقدهم ولم اكن ادري انني سافتقد من يواسيني ومن تعز عليه دموعي المدرارة..حاولت أن استعيد كلماته ونصيحته واطبقها وقطعاً اجزم انني لم اجد اي سيئ من ابي حيدر حتى انساه او اسلوه مازال مكتبه وكرسيه الذي ورثه زميل آخر يذكرني به وتذكرني الوجوه التي طالعناها معاً ولحظات صناعة الحرف وكأنها طقس من طقوس العبادة في محراب صاحبة الجلالة ... عامان مضيا ولم اسلُ يا أبا حيدر فكل مافيك جميل والاجمل منه اعماقك ووجدانك الانساني المحب للناس .. ستظل ذكراك لي ملازمة ومعكم جملة بمن فيكم احمد مفتاح وعبدالقوي الصنعاني وشكيب عوض ومعروف حداد واستاذي عبدالباسط السروري وعصام ومحمد شرف جميعكم احبكم..
|
ثقافة
مازالت أحبكم ومازالت أفتقدكم يا أبا حيدر !!
أخبار متعلقة