تكاد تتوقف معرفتنا برواد الصحافة اليمنية عند اسماء معينة بينما اقصيت تجارب واسماء صحافية رائدة من تاريخ صحافتنا المعاصرة مع ماكان لتلك الاسماء من تاثير واضح وحضور متوهج يقاوم النسيان .ومن تلك الاسماء الرائدة الصحافية والاذاعية " ماهية نجيب" التي كان لها السبق في تأسيس اول مطبوعة اعلامية في الجزيرة والخليج العربي ،زمن الاحتلال حينما كانت عدن مستعمرة بريطانية.لكن المحزن ان اسم " ماهية نجيب" لم يغب من ذاكرة الصحافة اليمنية فحسب بل ومن تاريخ الحركة النسائية رغم كونها من رواد تحرير المرأة في الجنوب المحتل.لقد كان لديّ احساس قوي بأن هناك حلقة ناقصة ومفقودة في سلسلة الحركة النسائية اليمنية وان هناك تاريخاً زاهياً لم يكتب بعد وتحديداً عن اسهامات عدد كبير من المناضلين والمناضلات الذين مورس بحقهم التعتيم الظالم في مراحل معينة لأسباب ودوافع سياسية ومناطقية ضيقة على الرغم من اسهام هؤلاء النخبة في صنع مجد الوطن وفي خوض غمار النضال الوطني والتحرري ضد الاحتلال ومن اجل قضية التغيير الاجتماعي . وتأكد لدي ذلكم الاحساس بمجرد ان وضعت الزميلة الصحافية نادرة عبدالقدوس كتابها الموسوم " ماهية نجيب .. الريادة" بين يدي.لقد استولت علي الدهشة حينما طالعت صورة (ماهية نجيب) على غلاف الكتاب ذي الطباعة المتواضعة وقلت في نفسي اذن تلك المرأة شخصية حقيقة وليست مختلقة ! وبدأت الاسئلة تركض في رأسي قبل مطالعة فحوى الكتاب .. كيف حصلت المؤلفة على المعلومات التي ساعدتها على انجاز مشروع كتاب؟ وممن سمعت عن وجود تلك المرأة المدهشة التي كان لمجلتها دور كبير في الدفع بمسيرة المرأة نحو آفاق الحياة الواسعة ؟ والتي عوقبت بشطب اسمها من ذاكرة الصحافة والحركة النسائية اليمنية وتعجبت اكثر حينما علمت وعيني تلتهمان سطور مقدمة الكتاب بأن المؤلفة اكتشفت وجود (ماهية نجيب) مصادفة خلال لقاء صحافي اجرته منذ سنوات مع احدى رائدات تعليم البنات في عدن فقلت لنفسي : هكذا اذن التاريخ عندنا يكتب مصادفة !! فتلك المعلومة البسيطة التي تلقتها الصحافية نادرة عبدالقدوس كانت بمثابة الشرارة التي اشعلت لديها نار الحماسة الصحافية لتبدأ رحلة طويلة وقاسية من البحث والتحري على امتداد عشر سنوات محاولة نزع شوك الصمت الذي زرع في الحناجر لأعوام طويلة ولتعيد للذاكرة الصحافية المغيبة صفحة مشرقة وخلابة عن دور تلك المرأة الجسورة مؤسسة اول مجلة نسائية تعنى بشؤون المرأة والاسرة في الجزيرة والخليج العربي ،وماصاحب مرحلة التأسيس من معوقات وتحديات لم تثن صاحبتها عن الانطلاق المصمم في اقتحام درب الصحافة الصعب والشائك وغير المألوف بالنسبة للمرأة في ذلكم الزمن .. غير عابئة بالاصوات المعارضة والساخطة على خروجها الجريء وغير المسبوق.بل ان تلك المعارضة فجرت لدى ماهية نجيب الصحافية امكانيات التمرد والمجابهة في شخصيتها العنيدة لتواصل مسيرتها وسعيها مستشعرة اهمية وخطورة الكلمة في عملية التغيير..* شفاء منصر
|
ثقافة
شوك الصمت
أخبار متعلقة