
لماذا لا يُلزم التاجر بتحديث تسعيرته كلما تغيّر الصرف؟ أليس هو أول من يرفعها عند ارتفاع الدولار؟ فلماذا يتباطأ ويتلكأ حين ينخفض؟ أليست هذه خيانة اقتصادية؟ أليس هذا امتصاصًا لدماء شعب طحنته الحرب والفقر والخذلان؟
الشعب صبر كثيرًا، وصبره لم يعد قوة بل أصبح استنزافًا. وآن الأوان أن نُراعيه. لا يجوز أن يبقى الريال ضحية جشع التجار، ولا المواطن ضحية تواطؤ الصمت.
إننا بحاجة إلى وعي مجتمعي ورسمي، بأن معركة الاقتصاد لا تقل أهمية عن معارك الجبهات. بل هي جبهة داخلية لو انهارت، انهار معها كل شيء. نحتاج إلى إعلام مسؤول، إلى مؤسسات رقابة حقيقية، إلى جهاز حكومي شجاع لا يهادن الفاسدين، ولا يحابي المتلاعبين.أما «تجار الحروب»، الذين ازدهرت أعمالهم في ظلال المعاناة، فهم اليوم يغيّرون جلودهم لكنهم لم يغيّروا نفوسهم. لا يزالون يتاجرون بجراحنا، وينتفعون من دموعنا، ويتلاعبون بلقمة أطفالنا، باسم السوق والربح والاستيراد.
أيها المسؤولون، لا يكفي أن نُسجل نقاطًا إعلامية، بل لا بد من عمل جاد ومتصاعد لإعادة قيمة الريال إلى ما كانت عليه قبل الحرب. هذا حلم كل مواطن شريف. وإذا تحقق، فإن ذلك سيكون إعلانًا صريحًا بأن الوطن بدأ يستعيد أنفاسه، وأن عهدًا جديدًا من الإنصاف والنهوض قد بدأ. فلنُحارب معًا هذا العبث، ولنعد للاقتصاد هيبته، وللأسعار اعتدالها، وللريال مكانته.
ماذا عن الصرافين؟
بغض النظر عن اسباب تعافي العملة وارتفاع قيمتها وهل هي أسباب اقتصادية حقيقية أم لعبة جديدة مؤقتة «ثوران لبن» ليعود الريال الى الانهيار اكثر، أو فرحة صغيرة لحزن أكبر قادم، او إسعافات أولية للريال المصاب بالهزال ليرجع هيكلا عظميا.
إن شاء الله تكون الحكومة والبنك المركزي صاحيي الضمير ويبدؤوا في الخطوات الجادة وأهم شي الاستمرارية لأنه كانت الأمم المتحدة قريبا ستعلن أن اليمن في كارثة إنسانية بالجوع بعد غزة. ما يهمنا اليوم أن يلمس المواطن الجائع انخفاضا في الاسعار، في الواقع صراعنا في اليمن ليس مع الصرافين فقط، الذين هم سبب ارتفاع سعر الصرف وإنما مع تجارة الجملة والتجزئة أيضا، وخاصة المواد الغذائية، يبيعون السلع كل يوم حسب سعر الصرف بالارتفاع بل ايضا يعملون زيادة تحسبا لليوم الثاني، والتهمة أن الحاسبة حساسة واصابعهم سريعة في الحسبة ، وعندما يهبط الصرف تظل أسعارهم كما هي، يحبون ويعشقون الصعود، أما الهبوط فلايدخل في قاموسهم لأن الحاسبة تتعطل واصابهم تثقل بل تتسمر.
الاصل اذا الجهات الرسمية تريد أن تضبط الاسعار عليها ان تعامل التجار مثل الصرافين، اي مخالف يقفل محله تماما بل يعمل حارس قضائي على كل مخالف، هذا الحارس هو الذي يبيع بضاعة التاجر وبقوة القانون وتواجد قوات الامن، ما عدا ذلك يظل الامر قابلا للبيع والشراء والمساومات الرخيصة.
الصرافون والتجار «عايشين سنوات العسل» منذ سبع سنوات يكفيهم. الحكومة اليوم بل الشرعية كلها على المحك في هذه المعركة الداخلية الهامة التي طحنت واكلت الناس بهذه الاسعار القاتلة. نريد حزماً، نريد استمراراً، نريد أن نحس بالتحسن واقعاً ملموساً.