وعدم نيله نصيبه في تلقي تعليمه النظامي وغير النظامي على النحو المطلوب ، وكذا سلبه حقه في اختيار وتحديد وجهته في الحياة..جميعها أمور لاشك أن مجرد حصولها لشخصٍ ما في مجتمع ما ، وفي مطلع القرن الحادي والعشرين لابد أن تكون محط استخفاف واستهجان ، وتعاطف إشفاق ، وموضع نقد واعتراض ، وإدانة وشجب للمجتمع بكل تكويناته وفعالياته الفكرية والثقافية والسياسية لكونها مسئولة عما تعرض ويتعرض له هذا الفرد أو ذاك وعلى هذه المكونات أن تنخرط مجتمعةً للعمل على إصلاح وتصحيح وتجاوز أسباب وقوع وحصول مثل هذه الحالات وتجفيف منابع تجددها وتكررها، لا لتثبت عملياً وهي تقوم بذلك صدق صلتها بالعصر ، ورغبتها في التغيير والالتحاق بركب غيرها وإنما لتصبح أمة قادرةً على تجنيب نفسها وأجيالها القادمة ويلات وعوائق وشرور تساهلها و تغاضيها وتقصيرها تجاه وقوع وتجدد مثل تلك الحالات التي لم يكن ما أمسى الحوثي فيه من مكانة ووضع يخوله مواصلة تعريض المجتمع لمخاطر ومنزلقات ومآسٍ وتعويق وكبح أي فعل وتطلع يقوم به ويطمح للوصول إليه ، مخاطر ومنزلقات ومآسٍ لا تنفك تلازمه وتحيق بخطاه عند كل منعطف ومحاولة نهوض يخوضها ويقدم عليها.
وذلك نتيجة توسع وكمون أسباب تعدد وتكرر حصول مثل تلك الحالات داخل المجتمع والتي تظل تفرز أفراداً ومجاميع أكثر استعداداً وجُرأة ومغامرة لينطوا إلى المقدمة وتبني برامج ومخططات وأجندة تتعارض مع سلامة وصحة وطموحات المجتمع مضحيةً بـمصالحه لحساب مصالحها الخاصة ومصالح من يقف وراءها ويدين لها ويأتمر بأمرها ، مجاميع كان لتهاوننا وتجاهلنا لسوء تنشئتها ، وعدم توفر الرعاية لها، وغرس روح المحبة في نفوسها والإخلاص والصدق والانتماء ، والثقة والاعتزاز بالنفس إلى مزيد من إضعاف مكانة وأداء ونشاط المجتمع في الحياة وإفساح المجال بالمقابل وبالتوازي لهذه المجاميع والأفراد لأن يرتقوا ويتحكموا في رسم وتسيير مصائر المجتمع وأوجه الحياة فيه ، ويعتلوا مراكز القرار والنفوذ والحظوة داخله .
و لم يكن الشاب عبدالملك الحوثي سوى حالة أو نموذج أو نسخة أقل خطراً وضرراً من كثير من غيرها من النماذج والحالات والنسخ التي كان ومازال لها اليد العليا في حكمنا والتحكم بنا وبمقدراتنا وقدراتنا منذ ماقبل قيام ثورة 26 سبتمبر وبعدها وإلى اليوم الذي يتصدر المشهد المتكرر فيه عبدالملك بن بدر الدين بن أميرالدين بن الحسين بن محمد الحوثي .
هذا الشاب الذي كان لعدم عيشه لطفولته وحصوله على نصيبه الكافي من التعليم مضافاً إليها حداثةُ سنه ، وضآلة تجاربه وخبراته ، وتواضع إلمامه ومعارفه بأمور دينه ودنياه قد جعلته في مجتمع مثخن بالاختلالات أكثر تأهيلاً وصلاحية لأن يقود ويتربع على رأس دعوة أو فكرة مذهبية عصبوية غريبة على مجتمعنا ترى في نفسها الحق وما دونها الباطل، مؤهلات تسمح له وتجيز تطويع واستخدام جملة من المطالب المشروعة لا لإظهارها وتحقيقها وإنما لاتخاذها جسراً لغرض إظهار قدرة ذلك المذهب ومن يقفون خلفه في خلق بؤر توتر ومساحات تعج بالفوضى وردود الفعل للوصول إلى مصالح وادوار خارج حدود الوطن اليمني وبعيداً عن مصالحه واستقراره التي تستخدم كورقة للتلويح بها لصالح لعبة يجهلها معظم من يحملون اليوم في وحوالي صنعاء أعلاماً غير أعلامهم ويرفعون أسماءً غير أسمائهم وينطقون ويلهجون بألسن غير ألسنتهم مدججين بالسلاح والتهديد والنفير.