الجماعة ترجو أن يرتفع عدد القتلى إلى ألف، فهو رقم «جذاب»، أو أكثر، وقادتها يمثلون فكر الموت والخراب على امتداد 80 سنة من العمل في الشأن العام.
هم تآمروا على الحكومات المصرية، يستوي في ذلك الملكي منها والجمهوري، وتآمروا على الدول العربية الأخرى، وأنا لا أبدي رأياً هنا وإنما أسجل تاريخاً أسود معروفاً، وما سمعت من قادة دول الخليج، وخلاصته «عندما اضطهِد الإخوان في مصر وسوريا احتضناهم، وأجرينا عليهم مرتبات ووفرنا لهم سكناً، فأخذوا يتآمرون مع الشيوخ المحليين علينا». وقد سمعت بعض التسجيلات القديمة لهم.
بعد 80 سنة وصل (الإخوان) إلى الحكم في مصر على ظهر ثورة الشباب التي انضموا إليها في النهاية، وعندما بدا أنها ستنجح. وفاز الإخوان بالانتخابات التشريعية، وقالوا إنهم لن يرشحوا أحداً منهم للرئاسة، ورشحوا إثنين، وفاز محمد مرسي بتزوير انتخابات ديموقراطية، فقادة المجلس العسكري كانوا يريدون العودة إلى عملهم في القوات المسلحة بعيداً عن السياسة، وهم رأوا أن الإخوان قادرون على حشد «مليونية» كل يوم بحكم تنظيمهم، وأعلنوا محمد مرسي رئيساً فيما اللواء عمر سليمان، رحمه الله، يقول لي إن جماعة المجلس العسكري «هُبُل» والإخوان «مش هُبُل وعَمّال يضحكوا عليهم».
في النهاية خرب (الإخوان) في سنة من الحكم ما لم يفعل نظام حسني مبارك في 30 سنة، فالشعب المصري ثار عليهم بأعداد فاقت ثورة 2011، وهم دمروا اقتصاد البلد الذي كان مزدهراً، وأضرّ به الفساد، فحاربوا الاقتصاد وتركوا الفساد، الذي كان وقفاً على خاصة الخاصة، يستشري لينتشر من فوق إلى تحت.
أرقام البنك الدولي وصندوق النقد الدولي هي الحكم في أداء الإخوان، كيف سقط الجنيه وتقلص الاحتياطي، وارتفعت الأسعار، وتبخرت الاستثمارات الأجنبية، ودمرت السياحة في البلد الذي يضم ثلث آثار العالم القديم وحده.
ثم يقولون «لا، ما حصلش.» يكذبون على الله تعالى وعباده، وعلى القريب والبعيد، ولا همّ لهم سوى فرض قناعاتهم على كل المصريين فهم لا يعرفون من الديموقراطية غير اسمها ويرفضون أن يكون هناك رأي آخر في البلد. هم يفضلون الصلاة أمام الكاميرا على العمل.
على الصعيد الخارجي وعلى امتداد تلك السنة المشؤومة لهم في الحكم لم تكن للإخوان علاقة حسنة إلا مع إسرائيل والولايات المتحدة، وإلى درجة أنني أعتبر الربيع العربي المزعوم ربيع إسرائيل، فهي المستفيدة الوحيدة منه، على حساب مصر وحساب الأمة كلها.
اليوم نسمع أن الرئيس باراك أوباما ألغى تدريبات عسكرية مشتركة للقوات الأميركية والمصرية، «عقاباً» لمصر على سقوط ضحايا. وهكذا يراد لنا أن نصدق أن الدولة التي ترعى جريمة اسمها إسرائيل حزينة على الضحايا المصريين أكثر من أهلهم. هذا دجل مكشوف ومثله إغلاق العينيين عن حيث تكمن المسؤولية في قتل المتظاهرين والمعتصمين، فهم لو أخلوا الساحات لما سقط قتيل واحد أو جريح وإنما تعمدت القيادات أن يُقتل أنصار بسطاء أملاً بالجنة والحور العين.
أكتب غاضباً، ولعل الواحد منا في ساعة الغضب أكثر صدقاً مع نفسه ومع الآخرين منه لو كان هادئ الأعصاب يحسب نتائج كل كلمة ورأي.
دافعت عن (الإخوان) في عهد حسني مبارك، على رغم معرفتي الوثيقة به، وانتصرت لهم بعد انتخابات 2010، وقلت للرئيس في هذه الزاوية مرتين إن الانتخابات «غير صحيحة» وقلت له مرة إنها «مزورة» لأن من غير المعقول ألا يفوز الإخوان بأي مقعد في البرلمان، وطلبت إعادة إجرائها.
اليوم أدافع عنهم من زاوية الديموقراطية التي لا يعرفونها، وأقول مرة أخرى أنه يجب أن يكون لهم دور في مصر المستقبل لأنهم يمثلون قطاعاً (لن أقول قطيعاً) كبيراً من أهل البلد.
أقول هذا ثم أدين الإرهاب الذي طلع من تحت عباءتهم، من القاعدة في أفغانستان، وحتى إرهاب نيويورك وواشنطن، وفي سيناء ومصر نفسها (في التسعينات واليوم) وكل مكان.