- وأي حوار ذاك حين يرى ويسمع المتابع لهمجية الفوضى تأتيه من زوايا قاعاته المسكونة لهمجية العراك اللفظي والجسدي ويشاهد بأم عينه اللامبالاة تبرز بوضوح في وجوه أعضائه ليبدو المشهد وكأنهم أمام مشهد من إحدى المسرحيات الكوميدية الهزلية، وليس أمام مسؤولية وطنية جد عظيمة وخطيرة.
- أي حوار وطني ذاك الذي يحرص بعض أعضائه على أن تتسيد فيه الرغبات عن الحقوق، والمماحكات على الواجبات، والفوضى الهدامة على الفكرة الخلاقة، والحرص على المصلحة الحزبية والمناطقية والمذهبية على المصلحة الوطنية والأخلاقية والإنسانية ودون أي اعتبار للأمانة والمسؤولية التي حملوا بها من المواطنين في كل أرجاء اليمن؟!
- أي حوار وطني ذاك الذي تسيطر على أغلب مفرداته لغة القوة, وفرد العضلات وترسيخ الخطاب السياسي الفضفاض الذي لايهتم قائله بشيء عن الالتزام بالقيم العليا والقبول بالآخر، والتخندق في أماكن بعينها وإن كانت مظلمة عن الفضاءات الواسعة باتساع رقعة الوطن وتعدد مشاكله.
- أي حوار وطني يا هؤلاء وأنتم تعتمدون على السطحية في أغلب متطلباته وأهم مقتضيات نجاحه، وعلى السخرية والرفض لتوقيع مداولات جلساته، وتعتمدون على تعويم وترحيل أبجدياته، ويشعر البعض من (نخبته) بالعظمة لعرقلة أهدافه وتفتيت مكوناته.
- وأي رأي ذاك الذي يصدر من طرف فيستقبله الآخر وكأنه صاعقة وقعت عليه غير مدرك أن الرأي قابل للذوبان في حال مجافاته للحقيقة والواقع، ألا يعلم الطرف المستقبل أن الحقيقة دوماً نجدها مجزأة عند كل الأطراف؟ وإذا ما التقوا على طاولة الحوار والتفاهم اجتمعت أجزاؤها فكانت الحقيقة الكاملة.
- ويا ترى أي ثقافة وأية مبادئ وقيم تربيتم عليها أيها المتحاورون وأنتم الصفوة من السياسيين والمثقفين والحقوقيين وقادة الرأي والأكاديميين والعلماء؟ أليس من المخجل أن تتحول جلساتكم إلى جلسات هي أقرب للهرج والمرج.. تتحدثون جميعكم في وقت واحد، وتصرخون في لحظة واحدة وتنعتون بعضكم في اللحظة نفسها فتصمون آذانكم وآذان غيركم عن رأي غيركم.. ألا تدركون أن أفواهكم تظل مفتوحة أكثر من عقولكم، وتحركاتكم القلقة المفتعلة أكثر من هدوئكم ورزانتكم المفترض أن تكونوا عليها؟!
- أليس من المعيب على شخصيات وطنية كلفت بإعداد رؤى وسياسات لبناء وطن وقبل ذاك لمملمة أشلائه المبعثرة أن تحال إلى لجنة الانضباط أمام مرأى ومسمع الملايين من المتابعين في كل أرجاء الوطن وكأن الحال أشبه بل أقرب إلى قاعة فصل دراسي في الصفوف الأولى للمرحلة الأساسية.. ألهذا السلوك تقودون مجتمعكم وتربون أجيالكم وتسوسون احزابكم ومنظماتكم؟!
- جميعنا يعلم أن الاختلاف ظاهرة صحية, ولكن ليس بهكذا صورة، كون الاختلاف في الرأي لا يمكن له أن يتحول إلى فعل طارد للرأي الآخر ونعته بصفات متطرفة لا تليق بمكان مثل المكان الذي أنتم فيه، والمسؤولية التي أنتم عليها، وإلاّ فما الفائدة المرجوة من لقائكم إذا ما علمنا أنكم مختلفون في الأصل وجئتم للالتقاء والتقارب وليس للاختلاف والتنافر, وكيل التهم لهذا أو لذاك.
- أخيراً كونوا على يقين جميعكم أو بعضكم أنكم تعملون لأنفسكم ولأبنائكم وأحفادكم وأقربائكم فإن أحسنتم الرأي وأجدتم الموقف وأخلصتم النوايا لشعبكم نالكم جميعاً الخير والأمن والاستقرار والرفاه، وإن ذهبتم بآرائكم ومواقفكم إلى الفوضى والتمصلح وراء مكاسب زائلة فأنتم لا محالة إلى ما ذهبتم إليه، ولا يحيق المكر السيئ إلاّ بأهله، وفقكم الله أيها المتحاورون وأرشدخطاكم وأعاذ شعبنا من شياطينكم وشرورهم.. آمين يارب العالمين, ورمضان كريم.