وبالمقابل هناك قوى تسعى إلى التغيير وإلى بناء يمن جديد يتسع لكل أبنائه على قاعدة من العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات وتحقيق الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة دون حيف أو ضيم أو إقصاءٍ وتهميش, وهذه القوى بحكم طبيعتها الناتجة عما تعرضت له من استهداف ممنهج في حرب أتخذت أشكالاً سياسية واقتصادية عسكرية وأمنية طوال السنوات الماضية بهدف إضعافها وإخراجها من المشهد السياسي الفاعل المؤثر في صناعة القرار وتحويلها إلى حالة ديكورية لتجميل صورة قوى النفوذ أمام الشعب والعالم, وهذا ما جعلنا أمام قوى تغييرية ضعيفة غير متماسكة تتضاءل تطلعاتها أمام جبروت القوة والمال مستفيدةً من عناصر التخلف في واقعنا الذي تجسيداته تتجلى في النَّزعات القبلية والمناطقية والدينية المذهبية العصبوية المؤسسة على ثقافة الكراهية والعنف والاستعلاء ورفض الآخر من موقع اعتباره عدواً وليس الشريك في الوطن, فهو إما أن يخضع أو يدمر.
وهذا ما يتجلى اليوم بالعمل مع سابق الإصرار على الحيلولة دون الخروج باليمن من ظروفه وأوضاعه المأساوية التي أنتجتها قوى التخلف والهيمنة المعادية للتغيير ولأي شكل من أشكال الدولة المدنية, ومع ذلك لكل شيء نهاية, ولا يجب أن ينال منا اليأس والإحباط, فثقب الأمل الذي فتحته المتغيرات الداخلية في السنوات الأخيرة يتوسع ويكبر بفعل ما يعتمل من تحولات في المنطقة والساحة الدولية, وسوف تأتي اللحظة التاريخية التي فيها تدفع أثمان شرورهم الشيطانية التي اعتقدوا أنها ستعزز وتؤيد مصالحهم في حين أنهم كانوا يدمرونها.
والمهم كيف نتمكن الخروج من النفق المظلم الذي أدخلونا إليه, وهذا يتطلب منا امتلاك الفهم والوعي والقدرة على عدم الوقوع في أفخاخ وأشراك أجندتهم ومشاريعهم من خلال الإصرار على الحلول الصحيحة والصائبة من مؤتمر الحوار لقضايانا وفي المقدمة بكل تأكيد القضية الجنوبية وبناء الدولة الاتحادية المدنية على قاعدة أن اليمن جغرافية واحدة لإقليمين جنوبي وشمالي ففيه طوق نجاتنا جميعاً,وهو ما كان يجب أن يحصل عام 90م, وربما لو كنا أخذنا بهذا الخيار لتجنبنا الكثير من المصائب والكوارث وما وصل بنا الحال إلى ما وصلنا إليه من كراهية عبثية عدمية استمرارها ليس في مصلحتنا جميعاً في الشمال والجنوب.