إن هذه القوى تفهم السلطة باعتبارها حكم العصابة ولا ترى في الوطن إلاَّ موضوعاً للنهب والفيد يجري تقاسمه وفقاً لتوازنات القوة, وهم على اختلاف أجنداتهم ومشاريعهم الصغيرة الضيقة لا يتوانون على توظيف الدين والعصبيات للوصول للسلطة, وهم بفعل خبرتهم وتجربتهم التاريخية لديهم ما يكفي من المكر والدهاء لمنع أي مشروع وطني تغييري حضاري من النجاح, إما عن طريق احتوائه من داخله وإفراغه من مضمونه المجسد لتطلعات الشعب في العدل والمساواة والحياة الحرة كريمة والتي لا تحققها إلاَّ دولة النظام والقانون, وتاريخ اليمن المعاصر مليء بالأمثلة منذ قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر مروراً بوحدة 90م وانتهاء بثورة فبراير2011م وما ستتبعها من تسوية سياسية ومبادرة خليجية وحوار, جميعها كانت تتعاطى معها القوى التقليدية من منظور أجندة مصالحها المتعارضة مع مصالح السواد الأعظم من اليمنيين, وهكذا لم ترى في المبادرة الخليجية والحوار إلاَّ فترة لكسب الوقت باتجاه حسم صراع أطرافها, وهذا يتضح في عدم الجدية مع التسوية من بدايتها وفي مختلف مراحلها.
ولا نحتاج لتأكيد هذه الحقيقة إلاَّ متابعة ما جرى ويجري خلال العامين الماضيين من أعمال وأنشطة إرهابية واغتيالات وتخريب وتقطعات واختطافات وإشاعة فوضى ومحاولات لتعميم منطق تفكيرها و تعد تعز النموذج الصارخ لهذه العقليات الهمجية التي صعدت من ممارساتها هذه عندما اقتربت العملية السياسية المعبر عنها في مؤتمر الحوار من نهايتها, ومع أن لها مصلحة حقيقية في نجاح الحوار وبالاتجاه نحو بناء الدولة وإحداث التغيير إلاَّ أنها لا ترى كل هذا ومازالت تصر على ما تجيده من ألاعيب شيطانية لمنع بناء الدولة المدنية والإبقاء على سلطة حكم العصابة.