أكاد أجزم بأن أحدا أو حزبا أو دولة أو كائنا من كان لم يكل لشعبنا المصري، مهما بلغت درجة الاحتقان أو العداء، ما تكيله تيارات اليمين الديني المتطرف، الذى استولى على ثورته، ثم أخذ يصم هذا الشعب بكل ما يزخر به قاموس «الناس بتوع ربنا» من رزايا. فنحن شعب من الشياطين والملاحدة والشواذ والعلمانيين و.. و.. إلى آخر الشتائم والسخائم التى ليس لها فى واقع الأمر، أي شيء آخر، إذ إن المعين لا ينضب. يخرج المرشد «محذرا» الأهل والعشيرة، وجميعهم من صنف الملائكة من شرور الشياطين الكفرة ويقصد بهم، بطبيعة الحال، شباب حملة تمرد.. ومن ينضم إليهم من الشعب فهو يندرج فى نفس الخانة.. ويصبح بالتالي منطقيا «إعداد العدة» لمواجهة الأعداء والذين يكون «ذبحهم» بالضرورة فرض عين. ويجد كلام جماعة الإخوان وأنصارها وتنويعاتها تبريره فى «افتراء» الشعب الكافر بنعمة حكم مكتب الإرشاد، فكل ما وعد به المرشح الرئاسي، الدكتور محمد مرسي، قد تحقق، مثل عودة الأمن واختفاء أزمات الوقود والخبز ونظافة الشوارع وانسيابية المرور، وتدفق الاستثمارات، بالمليارات، وتحويل الجو فى مصر إلى ربيع دائم، وجب معه التقفيل على كل المواضيع، الجماعة ترى فى هذا الشعب الجاحد الناكر للنهضة، شعباً حلالاً فيه العنف الذي يلوح به كل رموز الحركات «الدينية!!» ومن الأساليب التى عفى عليها الزمن، حجة الدفاع عن الشرعية أو عن النفس وكأن هذه الجماعات، التي يشهد سجلها الناصع، بأنها ما تجاوزت أبدا المبادئ الأخلاقية، فما بالك بالدينية ولا كان لها ضحايا على مر التاريخ، بدءا من رئيس الجمهورية وحتى المواطن البسيط الذى قد يشاء حظه التعس أن يمر مصادفة لحظة انفجار لغم أو قنبلة أو إطلاق طلقات مدفع رشاش فى أيدي أتباعها. وعندما وجد الشعب أن نظام الإخوان يتجاهل تماما شكاواه مما يعانيه من مشاكل طاحنة، زاد عليها تسارع الجهود المحمومة، لأخونة الثقافة والإعلام والقضاء والشرطة والجيش والتعليم، وكل ما «تيسر»، اهتدى شبابه، بعبقرية مصرية خالصة، إلى إعلان التمرد، وهو ما أخذه مكتب الإرشاد وأتباعه باستخفاف فى بداية الأمر، غير منتبه إلى تآكل «شعبية» الإخوان، والتي بتنا نعرف الأسس التى قامت عليها، وحتى استيقظوا على حقيقة الجوهر المصري الأصيل الذي أسقط نظاما استبداديا، ورفع راية التمرد فى وجه النظام الجديد وهو يهرع إلى ذات الآليات والأدوات.. ومهما علت نبرة التهديد والوعيد ومحاولات تمزيق الوطن، فإن التمرد بالغ هدفه وواصل إلى محطة الخلاص، لأن شباب تمرد نبت هذا الوطن الذى يراه الإخوان بعيون تختلف عن عيوننا وصفحة جديدة تكتب فى تاريخنا!!