أسئلة كثيرة تطرح بمرارة ولا تجد من يجيب عليها.. الدولة وللأسف الشديد تتفرج وكأن الامر لا يعنيها، وكأن خروج زبيد من مدن التراث العالمي شأن يحدث في بلاد الواق الواق.. وحدها فقط منظمات المجتمع المدني، حريصة على ان تجعل القضية مثار اهتمام الرأي العام، من أجل ان تشعر الحكومة بواجبها، وتستيقظ قبل أن يوقظوها على خبر محزن لنا جميعا مفاده: زبيد تودع التراث العالمي.
ولأنهن أكثر تحسسا فقد أقامت مؤسسة بنات الحديدة التنموية الاجتماعية بالتعاون مع اللجنة الوطنية لليونيسكو، ندوة خاصة عن زبيد التاريخ والحضارة، تحت شعار (لآجلك زبيد) بهدف الحفاظ على زبيد وإعادة حضارتها ومجدها، الندوة مثلت الحس الرفيع الذي يتمتع به المنظمون -وعلى رأسهم الاخت حنان بامشموس - واستشعارهم بخطورة الوضع، فيما الجهات المختصة -يبدوا أنها غير آبهة للموضوع.
إن خروج زبيد من لائحة المدن التاريخية، يعني وبكل بساطة أننا أضعنا إحدى المدن التاريخية العشر الموجودة على مستوى العالم، فهي كما جاء في الندوة تمثل نصف التراث اليمني، وتعتبر أول مدينة إسلامية في اليمن ، اختطت في عهد العباسيين على يد محمد بن زياد، ورغم ذلك تعاني الاهمال رغم المقومات التي امتلكتها هذه المدينة التاريخية التي أهلتها في عام 1993م لتكون في قائمة التراث العالمي إلا أنها قد خرجت من هذه القائمة ولم يتبق منها إلا مناطق، هي الآن مهددة بالشطب من قائمة التراث العالمي بشكل نهائي إذا لم يتم تدارك الوضع من قبل الحكومة.
لن نوجه الدعوة اليوم الا لفخامة الاخ الرئيس بعدما يئسنا من تجاهل السلطة المحلية، ففخامة الاخ عبد ربه منصور هادي، ومن باب ولايته للأمر نناشده أن يتدخل بكل سلطته لإنقاذ زبيد، وحمايتها من أن تتحول الى مدينة أشباح بعدما كانت منارة للعلم والعلماء، فزبيد لن تكون الاولى إن نحن فرطنا بها، وسيليها العديد من المدن التاريخية الاخرى.
عجبي من وطن يضيع تاريخه، فيما الآخرون من الذين لا يملكون أي تاريخ، يشترون لهم تاريخاً ولو كان على الورق.. فمتى نحس بقيمة الشيء قبل فقده؟ ومتى نشكر المولى عز وجل على التاريخ الكبير الذي حبانا الله به؟ ومتى نعطي مدينة الاشاعرة التي قال فيهم صلى الله عليه وسلم -ودخلنا كلنا بسببها- الايمان يمان والحكمة يمانية.. فهل من الحكمة أن نظل متفرجين على وضع زبيد المزري؟ سؤال نضعه بين يدي من يملكون القرار علهم يصححون الامر ويتداركون الفاجعة، وحتى يتحقق ذلك نحن مع صرخة لأجلك يا زبيد، علها تخترق الآذان الصماء.
*أستاذ مساعد بجامعة البيضاء