فالتوقيع عليها من جميع المكونات -خاصة التي اعترضت على التوقيع في السابق- في هذا اليوم بالذات يأتي بعد الاجتماع الذي عقدته هيئة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني الشامل مساء يوم الثلاثاء 7 يناير 2013م واستجابت من خلاله لنداءات المعترضين على التوقيع، بحيث اعتبرت رئاسة هيئة الحوار ان مخرجات المؤتمر ووثائقه كافة والتي ستشكل محددات للدستور القادم لا يمكن لها أن تتعارض مع المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية ومبادئها العامة ومع قراري مجلس الامن 2014 و 2051 .
كما ان توقيع الجميع ارتكز على تأكيد هيئة رئاسة الحوار بأن مخرجات المؤتمر ووثائقه كافة لن تؤسس لأية كيانات شطرية أو طائفية تهدد وحدة اليمن وأمنه واستقراره، وبأنها ستضمن حلاً عادلاً وشاملاً للقضية الجنوبية في إطار دولة موحدة على اساس اتحادي وديمقراطي وفق مبادئ العدل والقانون والمواطنة المتساوية، وهي المخاوف التي كان يخشاها المعترضون على التوقيع ومعظم فئات الشعب.
إن من أهم ما جعل الجميع يطمئن اخيرا لهذه الوثيقة ان هيئة رئاسة الحوار أكدت ضرورة تضمين الدستور الجديد نصوصا قاطعة تصون وحدة اليمن وهويته أرضاً وإنساناً وتمنع أية دعاوى تخل بذلك، وهنا جوهر القضية، فأي رغبات تفضي الى يمن متجزئ، ليس تحت مظلة الوحدة ارضا وإنسانا وهوية، لن ترضي السواد الاعظم من الشعب اليمني، وستخيب اماني الشعب العربي الذي يرى في الوحدة اليمنية بارقة امل لتحقيق الوحدة العربية الشاملة .
ان البلاغ الصادر عن هيئة رئاسة لجنة الحوار انهى جدلا كان قائما، وشكا وصل الى اعماق كل يمني، بأن الوثيقة بدون هذه الايضاحات ما هي الا وسيلة للوصول الى ما وصل اليه السودان الشقيق، لقد قلت في مقابلة تلفزيونية بأن الوثيقة ينبغي ان تعدل حتى تكون مرضية للجميع، وان التوقيع عليها بالصيغة التي وقع عليها السابقون، كانت حمالة أوجه، ويمكن ان تفسر لغير الصالح العام.
وكما قال الاخ رئيس الجمهورية بأن التوقيع عليها اليوم - الاربعاء - ليس من اجل مصلحة فرد أو مكون أو جهة بعينها بل انتصار للوطن وجميع أبناء الشعب اليمني للخروج به من واقع الأزمات إلى بر الأمان والتنمية والازدهار، وبأن الجميع انتصروا للوطن وقضاياه ووحدته ومستقبل أجياله القادمة ..
اننا اليوم بالتوقيع الجماعي على الوثيقة كما اشار الاخ الرئيس نكون قد تجاوزنا أهم العوائق التي كانت تقف أمام استكمال مؤتمر الحوار الوطني وخروجه بالنجاح التام، فتوافق الجميع وتوحدهم جنب الوطن تداعيات ومآلات لا تحمد عقباها وبما يكفل ترجمة الأهداف الوطنية المنشودة لبناء اليمن الجديد والحفاظ على أمنه واستقراره ووحدته.
وهنا نشيد بحكمة الاخ الرئيس الذي غلب المصلحة العليا للوطن، وجنب الوطن ويلات تفسيرات غامضة، قد لا تظهر اليوم، ولكنها كانت بالتأكيد ستصبح في الغد خنجرا في خاصرة الوطن، سيستخدمها كل من لا يريد الخير ليمن موحد.
نتمنى بعد هذا التوقيع المبني على التوافق لكل المكونات، ان يسرع الجميع بانتهاء الحوار الوطني الشامل الذي بدأ منذ 9 اشهر، فالشعب اليمني يترقب رؤية النتائج المثمرة لمؤتمر الحوار، ولن يهدأ باله إلا اذا رأى تلك النتائج مطبقة على الأرض بما يقود الى بناء الدولة اليمنية الحديثة، تلك الدولة التي يكون فيها الجميع متساوين تحت مظلة النظام والقانون والعدالة وفي اطار الوحدة اليمنية.