إن ما نسمعه يومياً عن هذا الوطن المنشود وعبر أجهزة الإعلام الوطنية وبعض الصحف العربية وكذا أيضاً عبر أجهزة التلفزة المحلية والعربية يهيئ لنا أننا سنصبح بين عشية وضحاها في وطن يسوده الرخاء والاستقرار ويتمتع بالعدالة الاجتماعية والمساواة.
إلا أننا نفيق على واقع أمر من العلقم وتتجسد فيه العديد من المصاعب والمشكلات التي تمحو الصورة الوردية التي نرسمها في أذهاننا لهذا الوطن وتشكل إحباطاً ومرارة لكل أبناء هذا الوطن.
لأن الصورة التي تبدو مما يجري على الواقع صورة سوداوية تماماً لأننا نرى دماء تراق وأرواحاً تزهق وقتلاً (بالقطاعي والجملة) لقيادات لها وزنها وثقلها في المجتمع داخل العاصمة وكذا في محافظات أخرى من الوطن ، وتتوارى هذه الأرواح تحت الثرى دون معرفة المسؤول عن هذه الجرائم التي ترتكب ولا يعرف المواطن الأسباب وراء تلك الجرائم والمذابح التي ترتكب ولم يقدم واحد من مرتكبي هذه الجرائم للعدالة حتى يشعر المواطن بمصداقية الحكومة وبالخطوات الإجرائية التي تتخذها إزاء هذا الجرم.
لقد طالت هذه الجرائم المواطن بكل صورها ومعانيها أمام مرأى ومسمع الجميع بما يعانيه جراء الانقطاعات المتكررة للكهرباء لساعات طوال خاصة سكان المناطق الحارة والأسباب حفنة من المرتزقة وفاقدي الضمير الذين لا هم لهم سوى تحقيق مصالح شخصية إذا لم تحقق لهم يعتدون على أبراج الكهرباء ويفجرون أنابيب النفط وبصورة مستمرة.
مع الأسف الشديد وما هو مثير للسخرية في المقابل تأتي التصريحات الحكومية مع كل اعتداء بأنها ستضرب بيد من حديد كل من نفذ هذه الاعتداءات وسيقدم للمحاكمة وأن الخسائر من جراء هذه الاعتداءات المتكررة بلغت (32) ملياراً وما يربو عن ذلك بينما هناك مئات بل آلاف الفقراء الذين يعيشون في ظلام دامس طيلة حياتهم والشموع هي البديل للكهرباء يتمنون أن يحصلوا على حفنة قمح تسد رمق أطفالهم وهناك الآن موظفون ينتظرون مستحقاتهم من التسويات وحقهم المنقوص المتبقي من العلاوة السنوية حتى اللحظة ومن حق المواطن أن يتساءل عن المليارات التي تنفق على إصلاح الكهرباء وأنابيب النفط وربما تدفع أموال أخرى لهؤلاء المخربين كصلح حتى لا يعتدوا مرة أخرى على الكهرباء والنفط .. وهي تدرك أنها ستنفق المزيد لأن الاعتداءات ستتكرر من جديد طالما وأن قبضة الحكومة واهية .. وكان الأجدى بناء محطة جديدة بهذه المليارات خاصة وأنها تدرك أن العقلية القبلية مسيطرة تماماً على كيان معظم المحافظات ومن الصعب تغيير هذا الواقع وتغير أفكار وعقول هذه العقليات القبلية التي تغلغلت معظمها إلى مفاصل الدولة وتمكنت من نشر الفساد وتعمقت جذورها في مختلف القطاعات الحكومية حتى تتمكن من السيطرة الكاملة على مقدرات هذا الشعب من خلال نسيجها المتواجد في مختلف المجالات والذي امتد إلى قطاعات واسعة عسكرية واقتصادية وشجعت مجموعات أخرى على الإرهاب والتخريب وزعزعة الأمن والاستقرار.
ومن الثابت لنا جميعاً أن حكومة الوفاق الوطني برئاسة الأخ عبدربه منصور هادي قد ورثت تركة ثقيلة إلا أنها تمكنت من لملمة الوضع إلى حد ما وسط تعقيدات كثيرة راهن الكثير على فشلها إلا أنها تخطت الكثير من الصعوبات وتأنت في اتخاذ بعض القرارات التي كان الجميع يعول عليها معتقداً أنها ستخلص من كابوس مخيف جثم على أنفاسه ردحاً من الزمن.
لقد تزامنت حزمة القرارات التي اتخذها الرئيس مع تواصل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني باعتباره الفرصة التاريخية لحل الملفات المعلقة بالشأن اليمني وصولاً إلى بناء يمن تسوده العدالة وباعتقادي أن مجموعة القرارات التي أصدرها الرئيس مؤخراً شكلت الفيصل الحقيقي لبناء مؤسسة عسكرية وطنية هدفها حماية الوطن ومكتسباته وحماية شعبه من كل من توسل له نفسه العبث بممتلكات الوطن والشعب.
ونشيد بأولئك القادة الذين يستحقون الثناء لروحهم الوطنية العالية الذين استجابوا لهذه القرارات إيماناً منهم بأن مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات.
ونأمل أن تستجيب كافة القوى الأخرى - سواء كانت في موقع المسؤولية أو خارجها - لنداء الضمير وأن تتحلى بروح المسؤولية وتحتذي بهذه القامات الوطنية وأن تغلب مصالحها الوطن وأبنائه فوق مصالحهما الشخصية.
هذه القرارات ربما تكون كفيلة بإصلاح وضع تردى وسيتبعه إصلاح أوضاع أخرى إذا توفرت حسن النوايا لدى بعض الجهات التي عاشت في أبراج عاجية وصنع منها فقراء الشعب أباطرة وخطوطاً حمراء ويمنع الاقتراب منها في أي زمان ولم تتبدل وفق أي متغيرات وكأنها الثابت دون المتغير رغم أن قوانين الطبيعة والمجتمع تؤكد أن الواقع يتغير ويفرز الجديد للمستقبل ونحن نعيش اليوم على عتبات واقع جديد نأمل أن تأتي القرارات الجديدة ملبية لكافة طموحات المجتمع وبما يحقق الغاية في وطن يمني تسوده العدالة الاجتماعية والرفاه والاستقرار والازدهار.