قصة قصيرة
فجأة وأنا واقف أمام كشك الذكريات يفاجئني رنين صوتها :- لو سمحت عندك ظرف أبيض صغير .تذكرت الصوت ما زال هو رغم ما حدث .رد عليها صاحب الكشك :- عفواً لا يوجد إلا هذا الظرف وهو المستورد لدى المكتبات والمرغوب لدى الناس .كانت إشارته إلى كرت كبير الخطوط تظهر على واجهته البنية الكالحة . نظرت إليها وإذا بلحظة صمت مرت بثقل الجبال ؛ إجلالاً للحظة مرت قبل ثلاثين عاماً فات أوانها .تخطيت اللحظة ومررت، إذ كيف للحظة أن تعيد حياة الماضي كله.تفجرت الذكريات، وصارت شظايا تفرقت في كل الاتجاهات. لقاء، رسائل، مهاتفة، نجوى، وانتظار لذيذ. هل يمكن إعادة سماع إيقاع قدميها على بلاط القاعة الدراسية ، هل يعود انتصاب جسدها ذاك ، هل يعود الظرف الأبيض على صفحة وجهها المترهل، وتُمحَى خطوط التجاعيد تلك ، هل تعود صفحات العمر مجدداً، هل يعود ذلك الفتى الذي فقدته في قاعات الجامعة ؟ هل نعود بتلك الدعابات ونحن نكتب على صفحات دفتر واحد ؟.كنا نُسِيل شلال الدموع ، كي نغسل فيها أرواحنا . لم أر غيرها، فقد كانت أجمل نساء الأرض.كم هو جميل، وعظيم، وساذج حين ترى في حبيبك دهراً من النساء والعشق، كنت أحترق على كرسي القاعة البارد، وأدير أوجه الوقت بانتظار وصولها . وحين افتراشنا لحظات اللقاء أتعلق بأذيال اللحظة ؛ لكي أثقل سعيها وسرعتها . غادرتها وما زالت بجوار الكشك تطلب ظرفاً أبيض ؛ لتعوض ظرفي الأبيض الذي أتلفته الأيام .. فيما أنا صرت وحيداً أعزل وما من شيء معي سوى ظرفي الأبيض الذي أحتفظ به منذ ثلاثين عاماً وفيه وثيقة لم أفتحها إلى اليوم ، كلماتها ملتهبة تسيل بأحرف فحواها :( أيتها اللحظة كيف دثرتي الماضي الجميل ) ؟ . 2007/4/20